إذا كانت الحاضنات مهيأة فلا بد للبيض أن يفقس...!!
هكذا وجدت إيران الأوضاع في بعض البلدان العربية، أماكن للاضطرابات هيأت قوى أجنبية نتيجة ارتكاب أخطاء استراتيجية فادحة، كالذي حصل في العراق، أو خدمة لمصالح وتنفيذاً لمخططات بعيدة المدى كما في لبنان... أو نتيجة فراغ للسلطة وتراخي المركز في التواجد مثلما هو الحال في أطراف صعدة في اليمن.
ولأن هناك في إيران فريقاً يحلم بإعادة إمبراطورية الساسانيين عبر التمدد على أرض الجيران العرب، ولأن الأوضاع مهيأة لاستباحة أرض العرب من قوى أجنبية طامعة مثل ما استباح الأمريكيون والبريطانيون أرض العرب في العراق وقدموها طبقاً من ذهب للإيرانيين بعدما هدموا أركان الدولة العراقية ومقوماتها، ولأن إسرائيل فرّغت جنوب لبنان من القوى الفاعلة بمساعدة الأمم المتحدة التي ساعدت على إضعاف الدولة اللبنانية بحماية إسرائيل وعدم معاقبتها على كل ما فعلته في لبنان، فإن إيران وجدت فريقاً لبنانياً جاهزاً لملء فراغ غياب السلطة المركزية فأنشأت دولة حزب الله. وهو ما تريد إيران تحقيقه في الطرف الشمالي من اليمن من خلال دعم تمرد الحوثيين.
دويلات ساسانية موزعة في مناطق مهمة من الوطن العربي، فبعد نجاح (دويلة حزب الله) في جنوب لبنان، يعمل فريق ساسان في طهران على إنشاء دويلة جنوب العراق، متبعين نفس خطوات الإنشاء التي تمت في جنوب لبنان.
فعندما أبعدت الفصائل الفلسطينية من (أرض فتح) دعمت حركة أمل التي أسسها الشيخ موسى الصدر، ومن رحم الفصائل الفلسطينية ظهر المقاتلون الشيعة الذين وجدت إيران فيهم ضالتها الكبرى وبخاصة بعد ثورة الخميني، فعن طريقهم كان مبدأ تصدير الثورة هو الهدف، إلا أن تلاميذ الموسوي منشئ (حزب الله) تخطوا هذا الهدف ليصبح في جنوب لبنان دولة بمعنى الكلمة يديرها حزب الله في عهد حسن نصر الله.
الآن في جنوب العراق تتكرر مراحل التكوين والإنشاء للدولة الساسانية الثانية في أرض العرب؛ ففي البصرة التي أدى انسحاب القوات البريطانية إلى الأطراف إلى قفز أنصار الإيرانيين إلى السلطة، ومثلما كان في جنوب لبنان أمل وحزب الله، أصبح في البصرة عدة أحزاب بعضها لهم ميليشيات عسكرية تكفلت إيران في مدهم بالسلاح متعدد الأنواع، ومنه سلاح ثقيل لا تستعمله سوى الجيوش كالصواريخ والمدافع ومع هذه الأسلحة خبراء يدربون ويرسمون الخطط بل وحتى يقودون المعارك.
فحزب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (حزب الحكيم) جاءت منظمة بدر التي أنشئت في إيران لتسيطر على الوضع في محافظات الجنوب وتتخذ من البصرة منطلقاً كونها المنفذ الذي تتدفق منه الأسلحة الإيرانية، وعندما سيطر حزب الحكيم على الائتلاف الشيعي الحاكم ضُم مسلحو ميليشيا منظمة بدر إلى قوات الشرطة، فأصبحوا جيش الدولة، وهو ما أغضب التنظيم الشيعي الآخر (جيش المهدي) التابع للتيار الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر، ولأن هذا التنظيم مفتوح ومشجع لفقراء الشيعة فقد استهوى الأغلبية الذين تدفق السلاح لأيديهم ليشكلوا أكبر قوة مسلحة تستلم سلاحها بل وحتى رواتبها من إيران، ويتلقى زعيمها تعليماته من دهاقنة الساسانيين في قم. وهكذا أصبح لدويلة ساسان القادمة في جنوب العراق جيشان، جيش شبيه إلى حدٍ ما بحزب الله اللبناني وهو جيش المهدي... وجيش آخر عناصره في الأجهزة الأمنية والتنظيمات العسكرية العراقية، شريك في الحكم عن طريق ممثل منظمة بدر في الحكومة والبرلمان وحزب الحكيم القائد الحقيقي لحكومة المالكي.. وهو وضع شبيه إلى حدٍ ما بدور حركة أمل في لبنان.
توزيع جيد للأدوار أجاده حتى الآن الإيرانيون في حين لا يزال العرب يتابعون ويرقبون والساسانيون يتوسعون!!
jaser@al-jazirah.com.sa