Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/04/2008 G Issue 12987
السبت 13 ربيع الثاني 1429   العدد  12987
في أدبي الطائف
رغم سنه المخلوعة ورداءة الصوت وقسوة أحدهم.. مسفر يبدع شعراً ورؤى

الطائف - خلف سرحان

لم يكن فم الشاعر المكلوم على حد تعبيره نتيجة لخلع أحد أسنانه، ولم تكن رداءة الصوت بسبب تداخل أجهزة قديمة مع أخرى جديدة بالقاعة، ولم يكن أيضا سوء أدب بعض المداخلين لتمنع الشاعر المبدع (مسفر الغامدي) من الإبداع ونيل إعجاب كثير من الجمهور المتميز كمّا وكيفا الذي حضر أمسيته في قاعة أدبي الطائف مساء الثلاثاء قبل الماضي وذلك ضمن فعاليات لجنة (إبداع) بالنادي.

قدم الأمسية الشاعر المبدع الدكتور فوزي خضر من مصر الشقيقة والحاضر دوما في فعاليات أدبي الطائف وتحدث في مستهل تقديمه عن أهمية الآداب والفنون للإنسان وأنها لا تقل أهمية عن العلوم وأن الإنسان جسد وروح وكليهما يحتاج للإشباع كما تحدث عن (التضاد) في اسم الشاعر فهو - على حد قوله - (مسفر) من الإسفار وهو (الغامدي) من الغمد! وذكر المقدم أن التضاد سمة مميزة لقصائد الشاعر في ديوانه (حينا من الضوء)! وقدم سيرة ذاتية عن الشاعر.

أمسك الشاعر بزمام المايكروفون وقال (ما كنت أود أن أقابلكم بفم مكلوم نتيجة خلع أحد أسناني والذي رميت به في سلة المهملات وليس كما كنا نفعل عندما كنا صغارا حيث كنا نرمي بأسناننا الساقطة باتجاه الشمس ونطلب منها إعطائنا سن غزال بدل السن المفقود!

(هذه الجزئية من كلام المقدم كانت محل إعجاب وتقدير وإشادة من قبل الأستاذ عبد الله السليماني فيما بعد ووصفها بتوجه ديني محمود ينم عن سلامة العقيدة وحسن الاعتقاد في الله عز وجل إذ أنه من يهب الإنسان كل شيء وليست الشمس كما في الأسطورة الشعبية).

أضاف الشاعر: (كان بودي الاعتذار عن الأمسية غير أن أخي الدكتور عالي القرشي، المشرف على لجنة إبداع قال لي: (أنت بين أهلك وإخوانك وسيقدرون ظرفك ويثمنون مجيئك إليهم فلا داع للحرج ولم أجد أمام هذا الكلام إلا أن أقول سمعا وطاعة).

ألقى الشاعر عددا من قصائده ومنها (اللعبة) و(حينا من الضوء) و(ثمة صوت) و(حجرة الفصل) و(خروج) و(بجع للبحيرة) و(العائد) و(كتابة) ونص الأخيرة هو التالي:

لا أعرف...

إن كنت سأمحو الكلمات...

لأكتبها ثانية؟!!!

إن كنت سأمحو الكلمات

كي لا أكتبها ثانية؟!!!

ما أعرفه:

أن الريح ...

ستوسع أشجار القرية حزنا

حتى آخر هذي الأوراق الصفراء!!

ما أعرفه أيضا:

أن الأشجار

لن تبقى عارية أبدا...

ما دامت في ذاكرة الأمطار!!

ذكر الشاعر أنه ضد فكرة الاحتفال بيوم عالمي للشعر لأن ذلك بمثابة نعي للشعر من وجهة نظره وتساءل عن السر في عدم وجود يوم عالمي للاحتفال بالرواية وهل مرد ذلك أنها -الرواية- ما زالت في ريعان الشباب مقارنة بالشعر أم ماذا؟! ذكر الشاعر أن نصه (لعبة) مهدى للشعر لأن الشعر يستحق لعبا كلعب الأطفال وعصا كعصا الماغوط!

أعقبت الأمسية عدة مداخلات بدأها الدكتور جريدي المنصوري رئيس النادي بحديث عن عالم (مسفر الغامدي) الشعري وفكرة الشاعرية وتوظيفه بل واشتغاله على عوالم الطفولة بشكل متفرد ينقلنا من بساطتها لجدل عميق حولها.

الدكتور عالي القرشي أشار في مداخلته بتحامل الشاعر على وجعه وحضوره من جدة ليصافح وجوه الجمهور في القاعة وأسماع الحاضرات في الصالة النسائية. وأضاف (عالي) إن لمسفر الغامدي تجربة شعرية ذات نكهة خاصة وأنه - والكلام لعالي - عندما يقرأ لمسفر يتراءى له ذلك الميل النقدي الذي دار حوله الجدل حول الشعر الهامس ويبدو أن شعر مسفر يصل إلينا ببساطة الهمس متخليا عن الخطاب ذي الصوت العالي.

وقال أيضا (مسفر رجع بنا لمفردات من عالم الطفولة والقرية موظفا إياها توظيفا موفقا وفي شعره ما لا تدركه الأفكار ولا تعبره الكلمات رغم تدثره بالبساطة المفضية لعمق التأول ومسفر منذ نعومة أظفاره وهو ينشد الوجه الآخر لما يراه وله حيال المدرسة، الشارع، الإملاءات، وغيرها وجهة نظر أخرى.

الدكتور محمد عبد الله ذكر في مداخلته أن هناك تناصاً بين النص القرآني (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) وبين قول الشاعر: حينا وحينا من الضوء ووصف شعر مسفر بالترابط والتماسك وذكر أن قصائده مرتبطة بالعنوان وهناك دلالات على القلق لدى الشاعر فهناك الظلام والضبابية.

الدكتور فاروق عمر جاءت مداخلته قاسية استهلها بالقول (ليلة جميلة مبهجة نالت منها أجهزة الصوت اللعينة)!

وأضاف: (في شعر مسفر كثير من النثرية والشيئية والشاعر يتكئ على الفترة الخصبة من الطفولة وانعكست على شكل خربشات طفولية وغبش على صباه وكثير ما أغرقنا في أنهار ووظف ظاهرة اللون كثيرا ونقلنا بعدسة الكاميرا المستعارة في لقطة فنية لمقاعد الدرس وللفصل إبان طفولة الشاعر).

وقال أيضا: (شاعرية مسفر تحاول أن تتشبث بالأرض وتلامس الروح الإنسانية غير أنها من النوع الذي يسير وسط المعمعة (وذكر القول المأثور عن أنواع الشعراء الأربعة ومنهم وشاعر لا تستحي أن ....) !

ختم كلامه بالقول: (موهبة مسفر تحتاج للكثير من الصقل ليكتب تجربة مشفوعة بثقافته).

الدكتور عبد الرحمن الطلحي قال إن الشاعر رسم الأشياء في مخيلاتنا وأننا نجد في كل قصيدة أشجارا ونهرا وبحرا وخضرة وكل ذلك يبقي فرصة للأمل وأن المسافات في فضاءات نصوص الشاعر تتسع أحيانا كاتساع السماء والأرض وتضيق أحيانا أخرى كالغيوم حين نزول الأمطار منها.

رد الشاعر بإجمال على المداخلات وكان أبرز ما قاله:

(الشكر للجميع ولقد أضافوا لما قلت الكثير).

(على الدكتور فاروق عمر أن يأتي بذائقة أخرى غير التي أتى بها ليتذوق ويستوعب الشعر)!

(مشكلة الصوت لا علاقة لها بالإلقاء)!

(هناك فوضى عارمة في كل الفنون بما فيها الشعر، وقد صدر لدينا مؤخرا أكثر من سبعين ديوانا لم تحظ بنقد يواكبها وكل ما هناك تقديمات صحفية بسيطة والمنجز الشعري لدينا يحتاج للكثير من الأدوات والطرائق للحكم عليه وتطويره والجامعات مطالبة بدور أكبر وينبغي وجود جوائز محكمة تقدم للمبدعين من الشعراء).

(ماجد الثبيتي معنا في القاعة من التجارب الشعرية المختلفة ويقدم نفسه بكفاءة عالية).








 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد