العنف الأسري ظاهرة خطيرة جداً بدأت تغزو مجتمعنا السعودي الآمن، ولم تعد تقتصر على مدينة واحدة فقط وإنما امتدت لأكثر من مدينة مع الأسف الشديد، فبتنا نقرأ عن زوج يغرق زوجته وابنته حتى الموت، وابن يحرق والديه، وأم ترمي برضيعها من أدوار عليا، وغيرها من القصص التي تؤكد أن ما خفي كان أعظم، هذه القصص التي كانت ترد إلينا من المجتمعات الأخرى، حتى فوجئنا بأنها تحدث بين ظهرانينا.
وهي ظاهرة معقدة تقف خلفها أسباب اجتماعية ونفسية واقتصادية وإعلامية، ولابدّ من دراسة هذه الظاهرة من جميع جوانبها وعبر مؤسسات متخصصة لوضع الحلول.
فحضن الأسرة هي المكان الذي يفترض فيه أن يكون الملاذ الآمن للأطفال والزوجات، فإذا تحول هذا الحضن إلى مصدر للأذى فأين يمكن العثور على الأمان. وعظم المشكلة يتضح أكثر عندما ندرك أن آثار العنف الأسري على الأطفال تحديداً تبقى لسنوات طويلة، وتنعكس على جوانب حياته المختلفة.
فالأطفال الذين تعرضوا لحوادث عنف من آبائهم أو أمهاتهم يضعف تحصيلهم الدراسي، وقد يصابون بأمراض نفسية عديدة كالاكتئاب والخجل والرهاب والعزلة واضطراب الشخصية وغيرها من الأمراض، وقد يندفع بعض هؤلاء الأطفال نحو ارتكاب الجرائم مستقبلاً. وتفيد دراسة أصدرتها وزارة الشؤون الاجتماعية قبل قرابة السنتين أن العنف يتركز في الأسر المفككة والأسر التي يبتلى أربابها بالإدمان كما إنه يتركز ضد الأطفال والنساء والمسنين والخادمات. وبالتالي يجب التركيز على هذه الأسر بالزيارات الميدانية وتوفير التوعية اللازمة لدرء العنف. كذلك يجب توفير مؤسسات حماية وإرشاد لمن يتعرض للعنف الأسري، وألا يتم الانتظار حتى يصل الأمر إلى مراكز الشرطة للإبلاغ.
وعادة ما يكون الإبلاغ في مراحل متأخرة وبعد معاناة طويلة ربما تكون تسبب في إحداث عاهات مستديمة أو حتى وفيات. كما يجب منح الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين دورات تدريبية متقنة لكيفية التعامل مع حالات العنف الأسري. بالإضافة إلى تكثيف النشرات التوعوية عبر وسائل الإعلام المختلفة وخطباء المساجد للتحذير من هذه الظاهرة، والتأكيد على أن الإسلام يحارب العدوان سواء كان بالجسد أو اللفظ.