حاوره - محمد بن سليم اللحام
حث فضيلة الشيخ سالم بن حاج الخامري رئيس مركز هيئة أبي بكر الصديق للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمدينة جيزان على التريث والتثبت فيما يرى من أعمال الهيئة وينشر، وقال: مما نواجهه في ميدان العمل جعل كثير من الناس المشاهدات العابرة وللأسف حقيقة مسلّمة حتى إن بعض كتاب الصحف المحلية يكتب مقالاً أو ينشر نقداً في الهيئة على ذلك.
وأضاف فضيلته وهذا أمر يخفى على الكثير ممن يستوقفهم حدث معين عند قيام رجال الهيئة بالقبض على مخالف ما، فيبنون على ظاهر الأمر وعلى ما شاهدوه ويبنون صورة ذهنية لا أساس لها من الصحة، وبعيدة كل البعد عن حقيقة الأمر، بل يجهلون حيثيات القبض وأسبابه التي قد يكون منها وقوع المخالف في حد من حدود الله أو انتهاك لعرض، أو وقوعه في مخالفة يعاقب عليها الشرع أو النظام.
لذا أحث كل من استوقفه حدثٌ ما بالتثبت.. هذا جانب من حوار فضيلته معنا والذي خصنا به فإلى الحوار:
البطاقة الشخصية
* البطاقة الشخصية:
الاسم: سالم بن حاج الخامري.
المؤهل الدراسي: دراسات عليا.
العمل الحالي: رئيس مركز هيئة أبي بكر الصديق بمدينة جيزان فرع منطقة جازان.
مدة الخدمة: تسع سنوات تقريباً.
درجة النصيحة
* ما هي درجة إنكار المنكر التي يشترك فيها المجتمع مع منسوبي الهيئة؟ وبماذا يختص رجال الهيئة في هذا الشأن؟ ولماذا؟
- يشترك المجتمع مع منسوبي الهيئة في درجة النصيحة، والنصيحة في الدين مكانتها عظيمة، ومنزلتها عند الله عالية رفيعة، وحاجة الإنسان للنصح لا تقل عن حاجته إلى الطعام والشراب والهواء، لذلك حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل الدين فيها فقال: (الدين النصيحة) ثلاثاً، لأن بها قوامه وصلاحه؛ وعندما قيل له: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم).
كما أن المجتمع يشترك مع الهيئة والجهات الرسمية الأخرى في الإبلاغ عما يلاحظ في المجتمع من المنكرات والمخالفات الشرعية وغيرها مما يستدعي الإبلاغ عنه. ويختص رجال الهيئة في هذا الشأن بالإنكار باليد، والإنكار باليد خاص بإمام المسلمين ونوابه من رجال الحسبة.
ترك المعروف
* ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سلبية يعاني منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر من بعض شرائح المجتمع؟ ما كلمة فضيلتكم لمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باختياره؟
- أولاً ينبغي أن نعلم أن (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم قادر، وهو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، ويكون فرض عين على القادر إذا لم يقم به غيره، ومناط الوجوب هو القدرة، فيجب على كل إنسان بحسب قدرته كما قال الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). ثم إن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من بعض شرائح المجتمع أمر في غاية الخطورة، وقد سبق من الأدلة ما يبين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهم في حياة الأمة وحاجة البشر إليه ملحة، وأنه واجب عظيم من واجبات الدين، وبسبب تركه يعم البلاء وينتشر الفساد وتحل العقوبة من الله كما قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ). وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم) رواه أبو داود.
لذا أنصح كل من ترك القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قدرته على القيام به بأن فعله هذا يوجب غضب الله سبحانه وتعالى ومقته وعقوبته، وأن التارك له مع القدرة قد وصف بضعف الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم، وأن من لم ينكر المنكر مع القدرة فهو شريك للفاعل في الإثم والوزر والعار.
الحرية وحدودها
* هناك من يطالب بالحريات الشخصية وتطبيقاتها؟ في غير مكانها، فما حدود الحرية الشخصية في الإسلام؟ وما ارتباط ذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
- ينبغي أن يعلم أن المسلم عبدالله في جميع تصرفاته وفي كل أموره وأنه يسير وفق المنهج المحدد من قبل الشرع، فلا يجوز له أن يخالف شرع الله بحجة أنه (حر). لكن وللأسف إن مفهوم الحرية عند كثير من المسلمين اليوم على خلاف ذلك، فهم يفهمون الحرية الشخصية أنك تفعل ما تشاء متى تشاء كيف تشاء ولو كان هذا الفعل يخالف الدين وتعاليمه، فالحرية عندهم مطلقة ولا يجوز تقييدها بضوابط شرعية!!
إن الحرية المقبولة هي حرية الإنسان في اختيار ما يريد ويشتهي ويهوى مما أباح الله في شريعته لعباده من عمل ظاهر أو باطن، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً).
فهذا الذي أخذ فأسه وأراد أن يخرق نصيبه خرقاً ليأخذ الماء من مكان قريب منه، لو زعم أنه حر فيما يفعل وفرضنا أن الذين معه أقروه على ذلك ولم يمنعوه وهم يعلمون عاقبة فعلته هذه فماذا نسميهم يا ترى؟! يسمون (مجانين) لأنهم آثروا الحرية الشخصية المزعومة المكذوبة لفرد واحد على أرواحهم وأنفسهم، بل كان الواجب عليهم أن يمنعوه ويبينوا له خطورة فعله على جميع من في السفينة، فالحرية الشخصية يجب أن تكون مقيدة بقيود شرعية لحماية المجتمع بأسره. وأننا لو فتحنا هذا المفهوم على مصراعيه لزنى الزاني باسم الحرية الشخصية ولخرجت النساء كاسيات عاريات باسم الحرية الشخصية ولتكلم الرويبضة في دين الله تعالى فيحلل ويحرم باسم الحرية الشخصية، فماذا ستكون النتيجة يا ترى؟ النتيجة ستكون مجتمعاً منحلاً منحرفاً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً).
ظاهر الأمر
* كيف نفرق بين الحقيقة وبين المشاهدات العابرة التي قد تنضوي تحتها تفاصيل غير ظاهرة في عملية قبض الهيئة على مشتبه به أمام الناس؟ وهل من كلمة عامة في ذلك؟
- مما نواجهه في ميدان العمل جعل كثير من الناس المشاهدات العابرة وللأسف حقيقة مسلمة حتى إن بعض كتاب الصحف المحلية يكتب مقالاً أو ينشر نقداً في الهيئة على ذلك، وهذا أمر يخفى على الكثير ممن يستوقفهم حدث معين عند قيام رجال الهيئة بالقبض على مخالف ما، فيبنون على ظاهر الأمر وعلى ما شاهدوه ويبنون صورة ذهنية لا أساس لها من الصحة، وبعيدة كل البعد عن حقيقة الأمر، بل يجهلون حيثيات القبض وأسبابه التي قد يكون منها وقوع المخالف في حد من حدود الله أو انتهاك لعرض، أو وقوعه في مخالفة يعاقب عليها الشرع أو النظام. لذا أحث كل من استوقفه حدث ما بالتثبت.
إلقاء اللوم
* إلقاء اللوم وسوق التهم صنعة يتقنها البعض بحرفية بماذا تنصح في المقابل منسوبي الهيئة للتعامل مع هذا الجانب؟
- أنصح إخواني الأعضاء أولاً بالعمل وفق ما بلغنا به من تعليمات وأنظمة تنظم سير العمل. ثم إن التهم التي يتعرضون لها لا يخلو حالها من أمرين: إما أن تكون صحيحة ونحن في هذا بشر مثلنا مثل غيرنا، بل مع هذا نقبل كل نصيحة وكل نقد بناء من شأنه تصحيح الخطأ والسير الصحيح فيما نؤمله من أمر ونهي، وإما أن تكون غير صحيحة وهذا في غالب الأمر يحصل من ضعاف النفوس وضعاف الإيمان. وأقول لإخواني أعضاء الهيئة إن أسوتكم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد أوذي واتهم وهو عليه الصلاة والسلام خير الآمرين والناهين. كما أنكم سفينة النجاة لهذه الأمة فواصلوا العطاء والجهد واحتسبوا الأجر من الله سبحانه وتعالى ولا تلتفتوا لما يقال أو ينشر عنكم من تهم وأباطيل.
* إدارة العلاقات والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.