حديثي اليوم هو حديث محب يترجم مشارع المحبة تجاه من أحبه لا رجاء مال ولا جاه ولا سمعة بل رجاء أن نعي أن في مجتمعنا السعودي نماذج معطاءة تسطر في سجل التأريخ كل حين صفحات من نور وبهاء وضياء، ولو طلبت من كل واحد منكم أن يذكر لي اسماً واحدا من تلك النماذج لذكر لي أسماء متعددة لا اسما واحدا!!
لذا من منطلق توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم ومن منطلق الوفاء لأهل الوفاء أستأذنكم هذا الأسبوع في الحديث عن رجل من رجال العطاء لا في مسقط رأسي مدينة جلاجل فحسب بل على مستوى وطني الغالي المملكة العربية السعودية - أدام الله عزه - حديث هو عن ذلك الرجل الفقير إلى الله جل وعلا - أبي زكي - عبدالعزيز بن علي الشويعر، ذلكم الشيخ الهين اللين الحبيب القريب الأديب الأريب، وحديثي عن هذا الرجل ليس حديث إشادة بأعماله، فأعماله في وجوه الخير وخصوصاً في مجال الجمعية الخيرية في جلاجل وغيرها من الجمعيات الخيرية بالمملكة وكذلك مشاريع الإسكان الخيري ومشاريع الخير الأخرى هي أعمال تتحدث عن نفسها!!
لذا حديثي هنا وهو إشادة بإنسانيته وعفويته وصفوه وطيب معشره فهو ذو خلق وتواضع جم يجبرك على حبه وهكذا هم الكبار تجدهم هم الأقرب للناس تواضعا وتفانيا وطيب نفس على عكس مرضى العُجب الفاسدة أخلاقهم والخاوية جيوبهم وأرصدتهم، أولئك الذين يزدرون الناس ويستخفون بهم ويتعالون عليهم، وهنا تكمن المفارقة (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)!!
أعود بالحديث الزكي عن أبي زكي فقد رأيت ما يملكه ذلك الرجل من حب كبير في مناسبات عديدة ومن آخرها ما رأيت في ذلك المساء الجميل وهو مساء يوم الاثنين قبل الماضي حيث رأيت تلك الجموع التي تكبدت العناء وقطعت المسافات لحضور مناسبة احتفائية احتفالية رائعة بمناسبة عودته ولله الحمد سالما من خارج الوطن بعد رحلة علاجية حيث رأيته كما هو دائما في صحته ومرضه وغضبه ورضاه بكل عفوية يستقبلهم بقلبه العامر بالحب قبل صدره الرحب الزاخر بالحنو والوفاء والعطاء، ومن العجيب في ذلك الرجل أنه يحتفي بالجميع دون فوارق فكل من حضر مجلسه يرى أنه الأهم عند أبي زكي بل إنه المقدم عنده على الجميع وذلك - وأيم الله - فن لا يجيده إلا الكبار!
قد يقول قائل إن الناس يجاملونه وينافقونه لأنه يملك المال بل قد يقول قائل إنما مدحته وأطربته هنا لذات السبب، لكن ذلك كله لا يهمني أبداً فالله وحده هو الأعلم بالنوايا وسيجازيني سبحانه على قدر نيتي، وما كتبته هنا لم أكتبه إلا لأشيد به وأشكره على تواضعه وطيب نفسه وسمو روحه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يشكر الناس لم يشكر الله)، كما أنني كتبت عنه هنا لأرسل رسائل توجيهية ملخصها أن المال ليس كل شيء فقبل المال الأهم إنسانية من يملك ذلك المال!
لا يختلف اثنان أن الناس لا يمكن أن يملكهم كائناً من كان بماله مهما بذل لهم من الأموال والهدايا والمنح بل يملكهم بخلقه وأدبه وحسن تعامله وتواضعه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم) وفي رواية أخرى (فسعوهم ببسط الوجه والخلق الحسن)!!.
في كل زمان وفي كل مكان رجال مثل أبي زكي لكنهم قلائل بين الناس لأن للمال نشوته في النفس البشرية ولا يغلب تلك النشوة إلا الرجال الكبار الذين حين نتحدث عنهم إنما نبرزهم كنماذج في واقعنا يجب أن يحتذى ويشاد بها!
amaljardan@qmail.com