التأويل على الضد والقلب هو نوع من أنواع طرق التعبير وهو في نظري من أصعب الأنواع ولا يحسنه إلا من كان جيداً حاذقاً من المعبرين. قال الإمام البغوي رحمه الله: (وأما التأويل بالضد والقلب، فكما أن الخوف في النوم يعبر بالأمن، لقوله سبحانه وتعالى: (وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا). والأمن يعبر بالخوف، ويعبر البكاء بالفرح إذا لم يكن معه رنة، ويعبر الضحك بالحزن، إلا أن يكون تبسماً، ويعبر الطاعون بالحرب، والحرب بالطاعون، ويعبر العجلة في الأمر بالندم، والندم بالعجلة، ويعبر العشق بالجنون، والجنون بالعشق، والنكاح بالتجارة والتجارة بالنكاح، ويعبر الحجامة بكتبة الصك، وكتبة الصك بالحجامة، ويعبر التحول عن المنزل بالسفر، والسفر بالتحول عن المنزل). والسيل في المنام عدو والعدو سيل، والمرأة دنيا والدنيا امرأة.
ومن هذا القبيل أن العطش في النوم خير من الري، والفقر خير من الغنى، والمضروب، والمجروح والمقذوف أحسن حالا من الضارب والجارح والقاذف.
وقد يكون التعبير بعكس اللفظ وهو أضعف طريقة كاللوز: زوال وعزل من عمله. والدلو: ولد والولد دلو. قيل لمعبر: رأيت كأني اشتريت دلواً. فقال له: ترزق ولداً فكان كما قيل. أو قد يكون التعبير بعكس الدلالة والمعنى أيضاً فالولد للحامل في المنام بنت والبنت ولد. لكن ليس هذا على إطلاقه.
وقد يكون التعبير أيضاً بالتصحيف بحذف أو تقطيع الكلمة وهو داخل في التأويل بدلالة الأسماء وسيأتي بيانه وتفصيله إن شاء الله تعالى: كالخف بالحق، والمال بالملك، والكد بالنكد، والخروف بالحروف، واللقمة بالقمة. وهكذا. أو كقول بعضهم (سوبر): أي: سو. بر. أي: اعمل بر، أو السودان: سوء دان، أو الحبشة حب شيء، وهذا من أضعف أنواع التعبير وطرقه فهو لا يحتاج لجهد كبير سوى تقطيع الكلمات فقط وأصحاب هذه الطرق والمكثرين منها من أضعف المعبرين حالا وطريقة. شرح الله لنا الطريق ويسر لنا الأمور.
***
وقفة: (قطعت من كبدها قطعة):
جاءت امرأة فقالت للشهاب العابر: رأيت كأني أدخلت رأسي في فرجي، وقطعت من كبدي قطعة، وقطعت تلك القطعة ثلاث قطع، فقال:
(ح) لك ولد غائب بدمشق، وقد وجه إليك بمال، قالت: صدقت.
ووجهة تعبيره: أن الكبد ولد، وهو غائب عن عينيها، لأنه في بطنها، وحصل في أسنانها دم، حين انقطع شق، فإذا ركبت الدم مع الشق، جاء منه دمشق. وعلى هذا فقس.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 9702 ثم أرسلها إلى الكود 82244