تحليل: د. حسن الشقطي
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند مستوى 9630 نقطة رابحاً حوالي 129 نقطة، وهو الأسبوع الثاني لتطبيق الهيكل الجديد للسوق.. أي أنه أصبح رابحاً ما يعادل 449 نقطة على مدى الأسبوعين الماضيين.. وقد طرأت تغيرات كبيرة في صلب عملية التداول خلال هذه الفترة القصيرة بشكل بدأ يدلل على شكل وطبيعة عملية التداول في المستقبل.. ونسعى هنا إلى تحديد ماهية هذه التغيرات ؟.. فإلى أين اتجهت سيولة المستثمرين؟.. ما هي القطاعات التي خرجت منها؟ وما هي القطاعات التي اتجهت إليها؟ وما هي شركات الأسهم التي جذبت أو طردت هذه السيولة على مدى هذين الأسبوعين داخل هذه القطاعات؟
في أسبوعين.. 12 شركة للبتروكيماويات تستحوذ على 32% من إجمالي السيولة:
لقد اتجهت السيولة بكثافة ناحية قطاع البتروكيماويات، حيث بلغت نحو 25.6 ملياراً، بما يعادل 32.8 % في الإجمالي، وقد استفاد هذا القطاع من هذه السيولة الداخلة بربحيته حوالي 4 %، أي أن هذا القطاع قد جذب هذه السيولة.
وجاء في المرتبة الثانية قطاع الاتصالات الذي جذب نحو 17.9 مليار ريال، إلا إنه لم يستطع ربحية سوى 0.4%.
إلا أن سيولة الاتصالات تعود رئيسياً إلى التداولات الكثيفة على سهم زين الذي لم يستقر بعد للحكم على سيولة القطاع.
أما ثالث القطاعات، فهو التطوير العقاري الذي جذب 6.1 مليارات وربح في ظلها 2.7%. ثم قطاع التشييد والبناء الذي جذب 3.7 مليارات وربح 5.9%.
في المقابل، أحرزت قطاعات التأمين والاستثمار المتعدد والنقل خسائر متفاوتة.. أي أن هناك خريطة جديدة لتوجهات السيولة خرجت إلى حد ما عن النطاق التقليدي نتيجة جاذبية بعض القطاعات الجديدة لمحافظ المستثمرين.. بل وتراجع جاذبية قطاعات معتادة مثل البنوك والأسمنت والزراعة وغيرها.
تقييم جديد لإعمار يُربح السهم 10% يوم صدوره:
يبدو أنها لن تكون الأخيرة، حيث من آن لآخر يظهر للساحة تقرير مالي يعطي سهماً معيناً قيمة جديدة تؤثر بقوة على هذا السهم وعلى السوق أحياناً أخرى.. هذه المرة تقرير مالي جديد ركز على سهم إعمار أوصى بشرائه عند سعر 34 ريالاً.. تسبب هذا التقرير في صعود إعمار بنسبة 10% في يوم واحد، بل إن سلوك سهم إعمار منذ بداية شهر أبريل ليدلل على أن هناك من كان ربما يعلم بأن هذا سيحدث، حيث أحرز السهم على مدى الفترة من 29 مارس إلى 13 أبريل إما صعوداً أو عدم تغير، وربح خلال الـ14 جلسة تداول نحو 25.3%.. إن هذه التقارير يبدو أنها تسير في طريق التأثير على الأسهم والمتداولين بطريقة ما، حيث إنها تظهر في أوقات معينة، ولأسهم معينة.. بل إن تتبع السلوك السعري لهذه الأسهم المعاد تقييمها قبل وبعد صدور هذه التقارير ليشكك في مدى معرفة أو عدم معرفة بعض المستثمرين بفحواها قبل صدورها، بدليل التحركات غير المعهودة لبعضها خلال الأيام السابقة مباشرة لصدورها، إن هذا الأمر ليحتاج إلى فحص وتأكد بأنها تصدر بحيادية تامة، ولمصلحة للجميع.
غموض طريقة احتساب مكررات ربحية القطاعات:
إذا حاولت أن تعرف طريقة حساب السعر للعائد لأي سهم قد يكون الأمر سهلاً، ولكن مع ذلك فإنك قد تشهد صعوبات في التعامل مع القيم السالبة المغلقة لمكررات الربحية. فالآن يوجد حوالي 18 شركة ذات مكرر ربحية سالب (س)، إلا إن ذكر هذا ال(س) يبدو غير عادل لكل الشركات، بل إنه يضعهم جميعاً في بوتقة واحدة رغم اختلاف حجم ونوع الخسائر لكل منهم. بل إنك إذا طالعت مكررات القيمة الدفترية لهذه الأسهم ذات مكررات الربحية السالبة يمكن أن تكتشف عدم عدالة إطلاق لفظ ال(س) على كافة هذه الأسهم الخاسرة.. بداية إن منها شركات جديدة وخسائرها ناجمة فقط عن عدم تغطية أرباحها لتكاليفها. بل إن ال(س) لا تفرق بين الخسائر المؤقتة الناجمة عن كون الشركة جديدة وبين خسائر تشغيلية فعلية.
وحتى إذا قبلنا ذلك، فإن هناك مشكلة أخرى تتمثل في غموض طريقة احتساب مكرر ربحية السوق ككل، وأيضاً مكررات ربحية القطاعات. فعلى سبيل المثال مكرر ربحية قطاع الفنادق والسياحة هو 33.9، رغم أن مكرر الفنادق 31 ومكرر شمس 137، وإذا أخذنا متوسط السهمين لكان مكرر القطاع هو 84 مرة.
كذلك الحال بالنسبة لقطاعات البتروكيماويات والتجزئة والتأمين والتطوير العقاري. بل إنه قد يصعب جداً معرفة كيف تم حساب مكرر ربحية السوق؟ في اعتقادي أن عمليات تجميلية تمت على هذه المكررات، إلا أنها جاءت بشكل مبالغ فيه بعض الشيء في بعض الحالات.
توقع خروج مزيد من السيولة من القطاعات الرديئة استعداداً لمصرف الإنماء:
السلعة الجيدة ستطرد السلعة الرديئة من السوق.. هذه المقولة يبدو أنها ستتحقق تلقائياً في ضوء الهيكل الجديد، حيث إن السيولة باتت أكثر تحرراً من القيود المزاجية والعوامل الافتعالية التي كان يختلقها المضاربون في الماضي.. الآن الكل بدأ يبحث عن أين يستقر، وكيف يخطط في ظل هوجة الخروج من الرديء إلى الجيد.. البعض لا يجد فرصة للخروج لأنه عالق وقد يظل عالقاً إن لم يتمكن من إيجاد فرصة صعود لأسهمه.. ومنذ السبت المقبل سيبدأ خروج من نوع جديد، وهو خروج للدخول في الوافد الجديد المتوقع إدراجه سريعاً.. إن إدراج مصرف الإنماء قد يمثل كارثة لبعض الأسهم، وربما بعض القطاعات التي قد يفكر المستثمرون فيها بالخروج للدخول في الإنماء.
ضعف معدلات السيولة اليومية مقارنة بسيولة الاكتتاب في الإنماء:
لا يزال السوق يمر بمرحلة الحيطة والحذر من قبل كثير من المستثمرين الذين يأبون أن يدخلوا بكل ما لديهم من سيولة في السوق في هذه المرحلة الانتقالية، حيث إن متوسط السيولة اليومية على مدى الأسبوعين الماضيين لم يتجاوز 7.8 مليارات ريال، وهو مستوى رغم أنه يفوق مستوياته خلال الشهر السابق للهيكل الجديد، إلا إنه لا يزال دون التطلعات.. فالمكتتبون في الإنماء ضخوا نحو 15.9 مليار ريال، وهم يعلمون أن حجم المطلوب هو 10.5 مليارات تقريباً فقط، أي أن لدينا ما يزيد عن 5.4 مليارات ريال فائض سيرد بعد التخصيص، وهو على ما يبدو يجلس خارج نطاق عملية التداول في السوق.
بل إن أضعاف هذا الرقم لا تزال تخشى الدخول في السوق مباشرة.. إن هذه السيولة تتطلب بعضاً من الأمان للاطمئنان والدخول في السوق، وهذا الأمان يحتاج إلى ضمانات بأن المؤشر آمن عن الدخول في مسارات صعود أو هبوط قوية أو مفتعلة.
إن الأمر الذي يقلق كثيراً من المتداولين ذوي الخبرة بالسوق الآن هو الغموض في بعض الجوانب المرتبطة بالسوق، وعدم تفاعل الجهات المعنية بالسوق مع بعض المستجدات أو المتغيرات بشكل واضح وسريع وقوي، على سبيل المثال التقارير المالية التي تصدر بحق بعض الأسهم المهمة في السوق ومدى حياديتها، وغيرها من الإفصاح الكامل لتفاصيل نتائج أعمال الشركات والتأخر في الاستجابة لبعض مستجداتها، وأيضاً الإفصاح عن كل تفاصيل العمليات الحسابية للأرقام والمعلومات المرتبطة بمؤشرات عملية التداول، وغيرها.
محلل اقتصادي
hassan14369@hotmail.com