Al Jazirah NewsPaper Friday  18/04/2008 G Issue 12986
الجمعة 12 ربيع الثاني 1429   العدد  12986
تنصير العالم
د. عبدالوهاب بن منصور الشقحاء

هذا عنوان لكتاب ألفته الدكتورة زينب عبدالعزيز أستاذ الحضارة ورئيسة قسم فرنسي بكلية الآداب بجامعة المنوفية بجمهورية مصر العربية وطبعت الطبعة الأولى منه عام 1415هـ - 1995م، ثم توالت طبعاته لنفاد كميات الطبع بشكل سريع، ابتدأت المؤلفة كتابها بما قاله الشاعر الفرنسي شارل بيجي (من يعرف الحقيقة ولا يجاهر بها بأسلوب عنيف، فهو يتواطأ مع الكذابين والمزيفين)

ثم أبانت أنه عبارة عن دراسة تحليلية موجزة للخطاب الذي ألقاه البابا يوحنا بولس الثاني في شهر أكتوبر عام 1993م والذي استغرق إعداد هذا الخطاب ست سنوات ويتكون مما يقارب مائتي صفحة، ثم قدمت لهذا الكتاب بمقدمة أشارت فيها إلى أنه منذ عام 1965م والمجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني يمثل نقطة تحول جذرية بالنسبة للمجامع الفاتيكانية السابقة، إذ يعد بمثابة أول مجمع هجومي تتخذ فيه عدة قرارات لا سابقة لها في التاريخ منها:

1 - فرض العقيدة الكاثوليكية على العالم أجمع.

2 - الإجهاز على النظام الشيوعي بزعم إلحاده - وقد تحقق ذلك.

3 - الإجهاز على الإسلام والمسلمين تحت ستار إقرار مبدأ الحوار مع الديانات غير المسيحية، وتكمن أهمية ذلك من الخشية أن تتحول شعوب بلدان ما بعد الشيوعية من الإلحاد إلى الإسلام مما يحتم ضرب الإسلام إذ يمثل الملجأ الوحيد لهذه الشعوب.

4 - توحيد كافة الكنائس وتوصيل الإنجيل لكافة البشر وهي الصيغة المعلنة لعملية تنصير العالم.

5 - الاستعانة بكافة المدنيين المسيحيين إلى جانب رجال الكنيسة المختصين لتنفيذ هذا المخطط، والاستعانة بالكنائس المحلية.

6 - العمل على غرس كنائس في البلدان التي لا توجد بها هذه الكنائس، كما تضمنت القرارات تبرئة اليهود من دم المسيح وهذه تعتبر مصالحة سياسية بحتة الهدف منها الاتفاق على ضرب اليسار في عقد الثمانينيات في القرن العشرين، ثم اقتلاع الإسلام في عقد التسعينيات من القرن العشرين الماضي حتى تبدأ الألفية الثالثة -أي القرن الواحد والعشرون- الحالي وقد تم تنصير العالم تحت لواء كاثوليكية روما، وأشارت المؤلفة إلى أنه لتحقيق ذلك تم في عام 1982م انتخاب البابا يوحنا بولس الثاني -البولندي الأصل- لتسهيل تنفيذ هذا المخطط الذي بدأ بضرب حلف وارسو وإنشاء حزب (تضامن) في بولندا.. وتم ضرب اليسار وسقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991م، وتتم الآن محاولة اقتلاع الإسلام على الصعيد العالمي بحجج ووسائل متعددة.. وتنصير العالم هدف أعلنه صراحةً البابا (يوحنا بولس) وأنه مخطط له منذ منتصف الستينيات ورفع شعاراً عنوانه (إعادة تنصير العالم) واتخذ هذا الشعار كحوار أساسي لكافة خطبه كما أدخل في هذا الشعار عبارة (الحوار) التي تعني في مفهومه (فرض الارتداد لاعتناق المسيحية وجعل الحوار مخصصاً ليتم اقتلاع الإسلام بدون أية مواجهة مباشرة بقدر الإمكان، ولتحقيق ذلك ثم التصالح بين السلطة الكنسية والسلطة السياسية رغم العداء والصراع الممتد بينهما منذ القدم وذلك لتحقيق هدف واحد هو ضرب البدائل التي تعدد كيانهما وحتى لا يكون هناك نظام سياسي بديلا عن الرأسمالية ولا ديناً آخر بديلا عن المسيحية وبذلك يتم فرض النظام العالمي الجديد القائم على النظام السياسي الواحد والنظام الديني الواحد، وتطرقت المؤلفة في الصفحة (36) إلى إصرار البابا والمؤسسة الكنسية برمتها على إنكار الإسلام، واعتبار السيد المسيح هو آخر المرسلين، وأنه التجسيد الكامل لرسالة التوحيد، كما أوردت أن الاتفاق المبرم في 30-12-1993م بين الفاتيكان والكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة المتمثل بالاعتراف من الفاتيكان (بالوضع الراهن) وبأن (القدس عاصمةً لإسرائيل) يأتي بمثابة طعنة جديدة للقضية الفلسطينية وصفعة استفزازية من الفاتيكان للإسلام والمسلمين، ولم تمضِ أيام حتى اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقد تم هذا التحالف بين الكنيسة وبين اليهود لضرب ما يطلقون عليه (العدو المشترك) وهو الإسلام والمسلمين، واختتمت المؤلفة كتابها بقولها: (ما من إنسان يجهل اليوم أن العالم يمر بأزمة مصيرية طاحنة، وما من إنسان يجهل أن أهم محاورها هي: الدين، والسياسية، والاقتصاد) وبأن ما يطلق عليه من مصطلحات كعصر النظام الدولي الواحد أو ترتيب العالم إنما هي إعادة الترتيب لإعادة التنصير وتتم من خلال موقف استعماري جديد تتحد فيه التيارات المتطرفة في كل من السلطة السياسية الغربية والسلطة الدينية الفاتيكانية مستعينين بكل الوسائل المعلنة والخفية لفرض هذا الواقع وما المطالبات الحالية والمتتالية بافتتاح كنائس في الدول العربية والإسلامية إلا أنموذجاً حياً لما تطرقت إليه المؤلفة في هذا الكتاب، ومما يؤسف له قيام بعض الدول الخليجية بافتتاح كنائس جديدة تحت ضغط دولي لتكون أول حلقات تنفيذ مخطط تنصير العالم.







dr-a-shagha@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد