Al Jazirah NewsPaper Friday  18/04/2008 G Issue 12986
الجمعة 12 ربيع الثاني 1429   العدد  12986

(المعلم) و(الطبيب) و(مكافآت الإذاعة والتلفزيون) 2-3
زهير الأيوبي

 

يسأل سائل هل من رابط أو علاقة بين وظيفة (المعلم) ووظيفة (المحدث) أو (مؤلف التمثيلية) أو (الممثل) أو (مؤلف الأغنية أو النشيد) أو (المطرب) في الإذاعة والتلفزيون؟

والجواب: إن بينهما رابطا كبيرا، وعلاقة وثيقة جدا، وأن القاسم المشترك بينهما ممتد إلى درجة كبيرة قد تصل إلى التطابق.

ولأَعُدْ بقارئي العزيز إلى حوالي ثلاثين عاما من الزمان، فأختار من برامج الإذاعة والتلفزيون نماذج عشتها أو عرفتها بحكم عملي المباشر في تلك الفترة، واستخلص منها ما وددت أن أصل إليه.. ويمكن أن أتخذ منها أمثلة يعيها القارئ الكريم ويتذكرها بصورة عامة.

كان من برامج الإذاعة في تلك الفترة برنامج (يا أخي المسلم) كنت أتولى تقديمه بعد أن أختار لكل حلقة من حلقاته صفحة أو بعض صفحة مما قاله أو كتبه أحد المفكرين أو الدعاة أو أصحاب القرار السياسي أو الشعراء أو الكتاب أو الناشطين في ميزان الأدب والاقتصاد أو الفن أو الطب أو غيره.

وكان من برامج الإذاعة في تلك الفترة برنامج (زين وشين) الذي كتبه المبدع الأستاذ (عبدالرحمن السماري) وأخرجه الأستاذ (عبدالرحمن المقرن) وبرنامج (مجلس أبو حمدان) الذي كتبه وأخرجه الأستاذ (عبدالكريم الخطيب) وهذا البرنامجان برنامجان تمثيليان شعبيان..

وكان من برامج الإذاعة أيضا برنامج (صور من حياة الصحابة) ثم جاء اللذان بعده برنامج (صور من حياة التابعين) اللذان أعدهما وقدمهما للإذاعة الأديب الكبير الدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا عليه رحمة الله.

وكان من برامج الإذاعة (يوميات أم حديجان) وهو فكرة وحوار وتمثيل الفنان العبقري (عبدالعزيز الهزاع) متعه الله بالصحة والسعادة..

وكان من بين تلك البرامج برنامج (حديث الروح) الذي كتبه الأستاذ الشاعر (حيدر عبدالكريم الغدير) أسعد الله أوقاته..

وكانت برامج الإذاعة تنتهي يوميا على برنامج (آخر العنقود) الذي كان يكتبه من وجدانه وجنانه المفكر الكبير الأستاذ (عمر عودة الخطيب) عليه رحمات الله، ويقرؤه زميلنا العزيز الأستاذ (غالب كامل) بصوت يظلله الإيمان، ونبرة تشع بالحنان والاطمئنان.

أما برامج (التلفزيون) في تلك الفترة، فقد كان فيها برنامج (نور وهداية) الذي كان يعده ويقدمه محدث هذا العصر الشيخ (علي الطنطاوي) عليه رحمات الله، وبرنامج (خواطر الشعراوي) الذي كان يعده ويقدمه المفسر المجدد في هذا العصر للقرآن الكريم الشيخ (محمد متولي الشعراوي) عليه رحمات الله، وبرنامج (منكم وإليكم) الذي كان يعده ويقدمه المحدث العبقري الفذ الشيخ (عبدالعزيز المسند) عليه رحمات الله.

ولأدخل الآن ودون توغل في ميدان الأغاني والأناشيد ولآخذ بعض أناشيد الشاعر الغنائي الكبير الأستاذ (مسلم البرازي) مثلا لما أود أن أصل إليه، فاستعرض بعض مقدمات أناشيده، فيقول مثلا في نشيد (أصل العروبة):

أصل العروبة من هنا

من (نجدنا) و(حجازنا)

والله جل جلاله

ختم الرسالة من هنا

ويقول في نشيد (قومي):

قومي في العرب هم الأول

ولأجل الخالق ما فعلوا

من (مكة) أشرق دينهم

ومن (الدرعية) قد عدلوا

ويقول في نشيد (العدل أساس الملك):

العدل أساس الملك هنا

وهو الميزان

و(الفهد) و(عبدالله) لنا

أمن وأمان

ويقول في نشيد (إسلامية إسلامية):

إسلامية إسلامية

لا شرقية ولا غربية

من (مكة) (فيصل) أعلنها

إسلامية إسلامية

هذه الأناشيد وغيرها وغيرها مما كتبه الأستاذ (مسلم البرازي) مد الله في عمره ولحنها الملحن الكبير الأستاذ (محمد محسن) عليه رحمات الله، وأدتها بنجاح واقتدار المجموعة...

***

وإذا أمعنا النظر في هذه النماذج التي سقتها من مواد الإذاعة والتلفزيون التي كانت تذاع وتعرض قبل حوالي ثلاثين عاما، نجد أن الملوك والرؤساء وقادة الرأي وصناع القرار والعلماء والمفكرين والأدباء والشعراء من الرجال والنساء الذين كنت أختار نبذة أو فقرة من خطاباتهم أو صفحة من كتاباتهم أو رأيا قصيرا من آرائهم أو أبياتا من إحدى قصائدهم، فأبثها في برنامج (يا أخي المسلم)، وما كان يرمي إليه الصحافي المبدع الأستاذ السماري في (زين وشين)، والإذاعي العريق الأستاذ عبدالكريم الخطيب في (مجلس أبو حمدان)، وما كان يسعى وراءه الأديب الكبير الدكتور الباشا عليه رحمات الله من وراء حديثه عن (صور من حياة الصحابة) وصور أخرى عن (حياة التابعين)، وما كان يهدف إليه الفنان العبقري (عبدالعزيز الهزاع) من خلال يومياته (يوميات أم حديجان)، وما كان يقصده الأستاذ الشاعر (حيدر الغدير) في حديثه (حديث الروح)، وما كان يرمي إليه، المفكر الكبير الأستاذ (عمر عودة الخطيب) عليه رحمات الله وهو ينهي برامج الإذاعة اليومية بكلماته في (آخر العنقود).

كذلك فإن المقصود من أحاديث الشيخ (الطنطاوي) في برنامج (نور وهداية) والشيخ (الشعراوي) في برنامج (خواطر الشعراوي) والشيخ (المسند) في برنامج (منكم وإليكم) عليهم جميعا رحمات الله.

وكذلك المقصود من أغاني وأناشيد الشاعر الغنائي الكبير الأستاذ مسلم البرازي الإسلامي والقومية والوطنية..

إن مقصود وغايات وأهداف كل من ذكرت من أحاديثهم وتمثيلياتهم وبرامجهم وأغانيهم وأناشيدهم أنهم:

- يدعون إلى الخير ويحذرون من الشر.

- ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

- ويحثون الناس على التعاون على البر والتقوى، وينفرونهم من التعاون على الإثم والعدوان...

***

إذن فالمتحدث في (الإذاعة) و(التلفزيون) ومثله الكاتب في (الصحيفة)، والناشط في (المسرح) وفي أي منبر من المنابر الإعلامية الأخرى، هو في الحقيقة يقوم بوظيفة (المعلم).

وإذا كان (المعلم) التقليدي الذي استقرت صورته في أذهاننا وهو يقوم في أداء وظيفته على طلابه بين جدران (الفصل) أو في (حلقات) المساجد أو في (قاعات) المحاضرات الجامعية أو بين (المختبرات العلمية) و(الورش العملية).. فإن (المعلم الإعلامي) يقوم بدوره من خلال (مايكرفون) الإذاعة أو (شاشة) التلفزيون، أو صفحة (الجريدة) أو خشبة (المسرح) أو غير ذلك من منابر الإعلام.

وبعبارة ثانية، فكلا الناشطين سواء في المجال (المدرسي) أو المجال (الإعلامي) كلاهما يقوم بدور واحد ويؤدي وظيفة واحدة تتلخص في الدعوة إلى الخير والتحذير من الشر، وإن اختلفا فالاختلاف بالشكل والمظهر لا في الحقيقية والمخبر، فهما وجهان لعملة واحدة.

ولقناعتي الراسخة أن الناشطين في (الإذاعة) و(التلفزيون) من المحدثين والمعدين والممثلين وغيرهم، لقناعتي بأنهم (معلمون) من الطراز الأول، ولا سيما إذا أخلصوا النية لله وأحسبهم كذلك, لم أترض أن يتأخر صرف مكافآتهم عن مواعيدها العادية، وأن تعود مشكلة تأخير الصرف إلى ما قبل أربعين عاما، وطالبت كذلك بأن يعاد النظر في بنود (التعرفة) القائمة الآن، بحيث تزاد تلك البنود مراعاة لتغير الظروف والأحوال وزيادة الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة، وكثرة انتشار الفضائيات التلفزيونية من أمامنا ومن خلفنا وعن إيماننا وشمائلنا، هذه الفضائيات التي باتت تتسابق وتتنافس في محاولة احتكار (المحدث) المبدع و(المعد) الألمعي و(الممثل) صاحب الشعبية والتأثير الجماهيري وغيره، وتدفع من أجل ذلك مكافآت خيالية.

وقد طالبت فيما طالبات بإعادة النظر في القيود المفروضة على مكافآت الناشطين في برامج (الإذاعة) و(التلفزيون) من موظفي وزارة الثقافة والإعلام أصحاب العطاء المتميز.

***

ولعلي أكون قد أجبت بما أسلفت الجواب الشافي على وجود العلاقة القوية الوثيقة بين وظيفة (المعلم) المدرسي ووظيفة (المعلم) في ميادين (الإذاعة) و(التلفزيون) و(الصحافة) و(المسرح) وغيره من ميادين الإعلام الأخرى.

وإذا علمنا أن وظيفة (المعلم) هي أشرف الوظائف، وأسمى المهن، وأشرف الأعمال، لأنها وظيفة الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فقد أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى عبادة، رحمات منه، فكانوا مبشرين ومنذرين، وكانوا مصابيح هداية ورعاية وعناية في تاريخ البشرية على مر العصور والدهور، إلى أن جاء محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، فقال محددا الهدف من رسالته وبعثته فقال: (إنما بعثت معلما، إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

وإذا كان الأمر كذلك، فلا عجب إذا سمعنا كلاما عظيما، وشعرا مجيدا خالدا من أمير الشعراء (أحمد شوقي) عليه رحمات الله في حق المعلم وأهمية وظيفته، وعظيم قدره، وتبوئه أعلى المراتب وتمتعه بأسمى المزايا، حينما يقول:

قم للمعلم وفه التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا

أعلمت أشرف أو أجل من الذي

يبني وينشئ أنفسا وعقولا

سبحانك اللهم خير معلم

علمت بالقلم القرون الأولى

أخرجت هذا العقل من ظلماته

وهديته النور المبين سبيلا

أرسلت بالتوراة (موسى) مرشدا

و(ابن البتول) فعلم الإنجيلا

وفجرت ينبوع البيان (محمدا)

فسقى الحديث وناول التنزيلا

***

وعلى هذا الأساس فالأمة العظيمة، والأمة المتقدمة هي الأمة التي يكون فيها المعلم في أعلى الهرم الاجتماعي إن صح هذا التعبير مادة ومعنى.. وبعبارة أخرى فلا يجب أن يتقدم عليه أحد إن تقدم لخطبة فتاة من أية أسرة.. لا يجوز أن يتقدم عليه الطبيب أو المهندس أو ضابط الجيش أو الحرس الوطني أو الشرطة.. ولا يجوز أن يتقدم عليه التاجر أو رجل الأعمال أو غيره.

كذلك لا يجوز أن يعاني المعلم من أي ظرف من الظروف المادية.. يجب أن يكون راتبه مجزيا، وبيته الذي يسكنه هو وأسرته بيتا واسعا مريحا.. يجب أن يكون مطمئنا على صحة من يعولهم اطمئنانا كاملا، وأن يكون مستريحا هانئا إلى مسيرة أولاده التعليمية، ومستقبلهم العملي.

فإذا كان قانعا بمرتبة، سعيدا في بيته، مطمئنا على صحة أسرته، مستريحا إلى مسيرة أولاده التعليمية، أعطى أحسن ما عنده، وقدم أجود ما تختزنه قريحته، وأجود ما في حصيلته من معرفة وخبرة وخير، فعادت تلك المعرفة الخبرة وذلك الخير على أولادنا من أجيال المستقبل بالتقدم الذي نرجوه، والسبق الذي نتأمله، والمجد العظيم الذي ننتظره وتنتظره هذه الأمة.

***

أقول هذا الكلام، وقد وصل (المعلم) في كثير من البلاد العربية، إلى درك متدنٍ خطير في السلم الاجتماعي، ويكفي لأدلك على ذلك.

إن المعلم في أحد البلدان العربية بات يعيش تحت خط الفقر، فاضطر لأن يعمل حارسا لعمارة من العمائر في الليل، بالإضافة إلى عمله الأصلي في النهار ليتمكن من إتمام حاجاته وحاجاته أسرته الأساسية!

وأن المعلم في بلد آخر صار يعمل في أوقات ما بعد الظهر (شيالا) يحمل للناس أشياءهم وينقلها لهم من مكان إلى مكان آخر! وربما كان هذا (الشيال) في ساعة من الساعات معلما ينقل أغراضا لواحد من تلاميذه!

وإن المعلم في بلد ثالث قد اقتنى دراجة ثلاثية العجلات وحولها إلى ناقلة صغيرة للشحن يسمونها (الهونداية) وهو (اسم مشتق من ماركة الهوندا)، ليعمل عليها في أوقات ما بعد الظهر ناقلا لأغراض الناس وأمتعتهم!

وأذكر أنه نقلني في يوم من الأيام، حينما كنت في زيارة بلد عربي، نقلني من الفندق إلى مطار ذلك البلد، سائق وقد لاحظت أن مظهره كان مظهرا حسنا أفضل من مظهر سائقي (التاكسي)، فسألته، فقال لي: إن عمله الأصلي (معلم) ولكن مرتبة لا يكفي حاجاته وحاجات أسرته، ولذلك فهو يعمل في أوقات ما بعد الظهر سائقا على تلك السيارة، ليفي متطلبات حياته وحياة أسرته!!

إنني أحترم العمل بكل صنوفه وألوانه، ولا شك ولا ريب أن العمل الشريف، والكسب الطاهر أفضل بكثير من سؤال الناس، ولكنني في نفس الوقت لا أقبل بحال من الأحوال أن يعمل المعلم ليتمكن من سد حاجاته وحاجات أسرته، أن يعمل (حارسا) في عمارة، أو (شيالا) في سوق أو (راعي هوندا) تنقل أمتعة الناس، أو (سائق تاكسي) يوصل الناس إلى الأماكن التي يريدونها!!

***

إن المعلم الناجح هو الذي يبقى مع طلابه في أوقات ما بعد الظهر، وأن يكون في مهنتهم دائما.. وأوقات ما بعد الظهر يمكن للمعلم أن يمضيها في ملاحظة واجبات (وظائف) طلابه البيتية، وفي متابعتهم وهم يمضون جانبا من أوقاتهم في مكتبات المطالعة، وفي مرافقتهم في بعض الجولات أو الرحلات العلمية القصيرة وفي غير ذلك من ألوان الواجبات والنشاطات، وما أكثرها وما أحوج طلابنا إليها من البنين والبنات.

***

إنني أتوجس خيفة، ويعتريني طائف من التوتر والقلق والإحباط، حينما أسمع بل أعلم أن في بلادنا، وفي مدينة (الرياض) على وجه التحديد وفي غيرها من المدن والحواضر، معلمين ومعلمات في بعض مدارسنا الأهلية من المتعاقدين لا يزيد راتب الواحد منهم عن ألفي ريال في الشهر، ولا يزيد راتب الواحدة منهن عن ألف وخمس مائة ريال في الشهر.. وهذا الراتب يحصل عليه الواحد منهم أو الواحدة منهن بصورة (حاف)، أي لا يحصل على غيره، فلا (بدل سكن)، ولا (بدل تنقل) ولا (بدل علاج)، ولا (تذاكر سفر) له ولأسرته، ولا (تعليم) مجانيا لأولاده ولا هم يحزنون!!

إن هذا الأمر يشكل كارثة حقيقية على (المعلم) و(المعلمة) وعلى أسرة كل واحد منهما ولا شك!

ويشكل بنفس الوقت كارثة كبيرة على أولادنا في الحاضر والمستقبل! وعند ذلك علينا أن لا نعجب إذا كانت الحصيلة العلمية عند أولادنا أن يكونوا كالببغاوات لا يعقلون ما يقولون، بعيدين عن كل ميادين الجرأة والجسارة والمبادرة!

وعند هذا الموقف المفصلي، ينجلي الغبار عن أسباب قراءتنا لعشرات بل مئات الإعلانات عند كل (بقالية) صغيرة أو كبيرة (سوبرماركت) عن وجود عدد كبير من المدرسين الخصوصيين لمواد الرياضيات واللغة الإنجليزية والعلوم واللغة العربية وباقي المواد المدرسية وأرقام هواتفهم المنزلية وجوالاتهم الشخصية!!

***

لقد طالعتنا هذه (الجريدة) قبل فترة ب(كاريكاتير) يتضمن صورة لعاملة منزلية (شغالة) فلبينية راتبها ألفا ريال تتصدق على معلمة راتبها ألف وخمس مائة ريال، تتصدق عليها بمبلغ خمسين ريالا!!

إن هذا الكاريتير المعبر بقدر ما هو صادق وحقيقي بقدر ما يعكس عمق المشكلة وحجم الكارثة!

وعلى صعيد آخر فإن هناك بعض الملامح المشرقة والنقاط المضيئة التي يجب أن نتحدث عنها ولا ننساها؛ فقد قرأنا في هذه (الصحيفة) قبل فترة أن صاحب مدارس (رياض نجد) الدكتور (إبراهيم العقيل) قد بادر من نفسه وتقديرا للظروف الراهنة وزيادة غلاء المعيشة، قد بادر مشكورا إلى زيادة مرتبات العاملين والعاملات عنده من المدرسين والمدرسات وغيرهم من الموظفين، قد بادر إلى زيادة برواتبهم بنسبة عشرين بالمائة، وقد شكره على ذلك معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي، وقد فعل معالي الوزير خيرا بذلك، فإن العمل الطيب يجب أن يقابل بالشكر والتقدير والتشجيع..

***

أعود إلى المشكلة الأصلية وأقول: يجب أن لا نقبل بتدني أجور المعلمين، وعدم حصولهم على الحد الأدنى من حقوقهم.. يجب أن تتعاون كل الجهات المعنية وخاصة (وزارة التربية والتعليم) الكريمة وأصحاب المدارس الأهلية الحريصين بإذن الله على المستوى التعليمي لأولادنا حاضرا ومستقبلا، على الوصول إلى الحلول المرضية؛ يجب أن لا يقل راتب المعلم المتعاقد في هذه الأيام عن خمسة آلاف ريال.

ويجب أن يحصل على (بدل سكن) مناسب بحيث يكون سكنه وسكن أسرته سكنا واسعا مريحا..

ويجب أن يحصل على (بدل تنقل) و(بدل علاج) له ولأسرته و(تذاكر سفر) له ولأسرته.. ويجب أن يتعلم أولاده بصورة مجانية..

وبالمقابل لنا ومن حقنا أن نستفيد من أوقاته في ساعات ما بعد الدراسة لمصلحة الطلاب الذين يقوم بتدريسهم فيقوم بإعطائهم دروسا في التقوية، أو يقوم الطلاب بحل (واجباتهم) تحت إشرافه، أو يقوم بتشجيعهم وتعويدهم على المطالعة، أو بمرافقتهم في بعض الأنشطة الرياضية أو أنشطة الرحلات الخلوية أو أنشطة الرحلات العلمية أو غيرها.

***

إن (المعلم) الغني بكل المعاني، العزيز، الكريم، الواعي المثقف، الدّين الخلوق، يتخرج من بين يديه من الطلاب، شبابا أغنياء أعزاء كرماء واعين مثقفين، دينين خلوقين.. وكذلك المعلمة..

و(المعلم) الذي يفتقر إلى هذه الصفات الكريمة، والمميزات الجميلة، يتخرج من بين يديه شباب يحملون صفاته، ويتسمون بسماته، ففاقد الشيء لا يعطيه كما يقولون.

***

إن من الأدبيات التي تربينا عليها ونشأنا على مقتضياتها، وانغرست معطياتها في كياننا ونفوسنا وجوانحنا، قوله عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا قدره) والعالم، هو المعلم الذي نحترمه، والأسوة التي نقتدي بها، والقدوة التي نجعلها نموذجا نحاكي تصرفاتها وسلوكياتها..

ومن تلك الأدبيات أيضا التي تبين مكانة المعلم وتدل على أهمية وظيفته في المجتمع ودوره في الحياة، قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الذي معناه: (إن الله وملائكته وجميع خلقه حتى الطير في السماء والحوت في البحر، ليصلون على معلم الناس الخير).

وبعد:

فإن (المعلم) حينما يكون في خير، دليل على أن مجتمعه الذي يعيش فيه، في خير كبير، وتقدم عظيم، وسعة وسعادة وقوة..

وحينما تنتقص مكانة (المعلم) في أي صورة من الصور فاقرأ السلام على ذلك المجتمع الذي يعيش فيه ذلك المعلم، وأقم عليه العويل والمآتم.

للاتصال وإبداء الرأي:

Z-ALAYOUBI@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد