لا شك أنّ إيران دولة كبيرة في المنطقة، وعلاقاتها بالعرب علاقات تاريخية ومتجذّرة، يحكمها الدين الإسلامي الواحد والتجاور الجغرافي، والتبادل الثقافي والتشابك الاقتصادي. ولذلك، فإنّ حسن العلاقات بين العرب وإيران، يعود بالنّفع على شعوب المنطقة بأسرها، بل وعلى الشعوب الإسلامية جميعها.
هذه العلاقات يجب أن تكون مبنيّة على الثقة وحسن النوايا، والبُعد عن كلِّ ما يثير الريبة، من سياسات قد تؤثر سلباً في العلاقات بين البلدين. وأيُّ سياسات تصادمية أو تدخُّلية، من شأنها أن توتِّر الأجواء في المنطقة، وتسمح للآخرين بالتدخُّل في شؤونها تدخُّلاً ليس بالضرورة أن يكون تدخُّلا في صالح شعوب المنطقة.
ثمة ملفّات ساخنة في إطار العلاقات العربية الإيرانية تنذر بمستقبل متفجِّر، إن لم يتم حسمها، وعلى رأس هذه الملفات احتلال إيران للجزر الإماراتية أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، ورفض حتى التحاور بشأنها، كذلك ما يثار حول اتجاه إيران نحو صنع سلاح نووي، إضافة إلى ما يشكو منه بعض السياسيين والمحللين، تتعلّق بالسياسات التدخُّلية الإيرانية في بعض الدول العربية، لإحداث اختراق في هذه الدول ومدّ النفوذ الإيراني في المنطقة.
فاحتلال الجزر الإماراتية منذ 37 عاماً، يسيء إلى الجارة إيران، باعتبارها دولة تحتل أراضي الآخرين، وتغتصب مقدراتهم بغير وجه حق. وبالتالي فإنّها لا تختلف عن أيّة دولة احتلال أخرى. ومع الأسف الشديد لم تقابل إيران الصبر الإماراتي والعربي، والرغبة في الحفاظ على العلاقات معها، إلاّ بالعناد والإصرار على الاحتلال. وهذا بحد ذاته يضع ألف علامة استفهام حيال الكيفية التي تنظر من خلالها إيران إلى أشقائها العرب والخليجيين.
الهاجس الآخر هو الغموض الشديد الذي يلف حول طموحات إيران النووية، وهل هي عسكرية أم سلمية، وكل ما يتعلّق بهذا الملف الذي قد يعطي الحجج للدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بالقيام عملية عسكرية واسعة ضد إيران، تدخل المنطقة بأسرها في حرب جديدة هي في غنى عنها، لو أنّ إيران تمارس قدراً أكبر من الشفافية، وتبتعد عن هذا الطريق الذي قد يؤدي إلى الهاوية. والعرب قدّموا اقتراحاً للاستخدام السلمي للطاقة النووية، عبر مشروع مشترك لتخصيب اليورانيوم، إلاّ أنّ إيران لم تتجاوب مع هذا الاقتراح لأسباب غامضة ومريبة.
ويأتي الملف الساخن الثالث، ليثير مزيداً من المخاوف العربية المشروعة من السياسات الإيرانية، وهو المتعلّق بإصرار إيران على مدِّ نفوذها الإقليمي، عبر طرق لا يمكن القبول بها، كما في العراق كأوضح مثال، وغيرها من الدول التي بها أقلِّيات شيعية والتي تحاول إيران استغلالها، سواء نجحت في ذلك أم لم تنجح.
نريد علاقات طبيعية مع إيران، تعكس الجوانب المشتركة بيننا، من أجل منطقة تنعم بالطمأنينة، والرفاهية، وهذه من أبسط حقوق الشعوب.