كلما شاهدت شاشة تلفزيوننا العزيز، خصوصاً قناة (الإخبارية) وبالذات خلال استماعي إلى إجابة شرائح المواطنين والمقيمين على برنامج (سؤال اليوم)، أشعر بأن قناة الإخبارية قريبة من الناس، والسر في ذلك هو حرصها على (معانقة) عقول الناس عبر سؤال تطرحه بشكل يومي عن مستوى (الخدمات) المقدمة للمواطن أو رأي المواطن تجاه العديد من القضايا الاجتماعية التي يختلف فيها الكثيرون.
مما ولّد لدي قناعة بأن السؤال هو البوابة الحقيقية لصناعة (الحوار) ومقياس سريع ومباشر لنبض الشارع العام، ويكفي أن تجلس (لحظات) أمام برنامج (سؤال اليوم) الذي تتميز به قناة (الإخبارية) لترسم خارطة الطريق إلى راحة المواطن ورغبة المواطن وطموح المواطن بل وموقف المواطن والمقيم على حد سواء من التغيرات المفاجئة والسريعة في المشهد الحياتي وما يتعرض له من هزات مفاجئة تسبب له أعراضاً مزعجة لكنها تتحول مع (سؤال اليوم) إلى صوت معلن يسمعه الوزير والمسؤول في قطاعات الخدمات المختلفة، مما يجذر العلاقة المباشرة مع الجهات المعنية لخدمة المواطنين بشكل علني ومسؤول وهذا في نظري يرفع مستوى المسؤولية لدى المواطن ويمنحه فرصة (النقد) الإيجابي بصوت مسموع، كما يهدي للجهات المقصرة والمسؤولين عنها (عيوبهم)، ويقدم لهم استبياناً عن آراء المواطن والمقيم فيما يقدمونه من خدمات بشكل مجاني دون تشكيل فرق بحث أو دراسة ميدانية، ولكن والسؤال المر: ماذا بعد سؤال اليوم؟ وما مصير تلك الأصوات التي أعلنت أمام الناس وأمام المسؤولين رغبتها في التغيير ورأيها الصريح في الخدمات المقدمة لهم، ما مصير تلك الأصوات؟
هل المسؤول المعني لديه استعداد أن يخصص جزءاً من وقته ليستمع إلى تلك البرامج المعنية بنقل هموم المواطنين إليه، وهل لديه الوقت ليتابع المقصّر في وزارته أو إدارته، لِمَ لَم يقدم تلك الخدمات أو لماذا قصّر فيها؟ أم أن (سؤال اليوم) يتحول مع الزمن إلى (برستيج) حضاري، ويعطي الآخر تصوراً بأننا مجتمع يفرح بالنقد ويعلنه على قنواته الرسمية!!
ولا شك أن مثل هذا البرنامج يشكل إحراجاً كبيراً للإدارات المقصرّة في حق المواطن، إذا مارس المسؤول المسؤولية الحقيقية وتجرد من قيود (البيروقراطية) وانطلق هو وفريق عمله إلى فضاء تلك الإجابات عفواً أقصد تلك الأصوات التي أطلقها المواطن تجاه القضايا ألا يسأل عنها، كما أن مثل هذا البرنامج يسهم بشكل جاد في رفع مستوى سقف النقد الاجتماعي لدى شرائح المواطنين ويجذر مع الزمن ثقافة النقد وإعلان الرأي المسؤول أمام الناس ويكفي أن نلاحظ نسق تلك الإجابات لشرائح الناس المشاركة في ذلك البرنامج الحيوي لتقيس من خلال استماعك إلى نوعية المفردة المستخدمة وحلقية الصوت ومدى علو نبرته بل ونظرات وحركات المشاركين في الإجابة عن سؤال اليوم، لتعرف كم نحتاج من الوقت والممارسة، ليتأهل المواطن للمواجهة المسؤولة مع (الخطأ) أياً كان مصدره؟
الأمل أن يتحول برنامج (سؤال اليوم) إلى منهج تعامل حضاري مع الواقع المعاش لدى مختلف الجهات المعنية بخدمة المواطن، من خلال برامج ودراسات ميدانية تقيس وترصد انطباع وتقييم خدماتها المقدمة للمواطنين والمقيمين على حدٍ سواء.
وأخيراً
متى ما تحول برنامج (سؤال اليوم) إلى (عين) ترصد المستقبل وترسم ملامحه، وضعنا لبنة أولى في بناء العقلية الناقدة والطامحة إلى (التغيير) الإيجابي بصوت مسموع، بعيداً عن الزوايا والأركان المظلمة هنا وهناك!!