رغم أن فكرة برنامج شاعر المليون لم تكن بالجديدة فهي مستنسخة من مسابقة سوق عكاظ إلا أن البرنامج لم يكن بالفاشل من حيث إعداده وتقديمه وأيضاً طريقة انتقاء الشعراء، لكن ما يفسد هذا البرنامج ويلغي جميع مقومات نجاحه هو عملية التصويت التي ليس لها علاقة بالشعر بل إنها وضعت للعب على العقول واستغلال الطيبة التي يتميز بها الكثير من أبناء الخليج، وضعت من أناس يحملون في قلوبهم وعقولهم الطمع والجشع وحب المال على حساب من أعطوهم الثقة وصدقوهم فيما يقولون ويفعلون.

لا ألوم بعض أعضاء لجنة شاعر المليون الذين ليس هذا المكان المناسب لهم فقد كانوا منصفين إلى حد كبير وأخص بذلك الدكتور غسان الحسن والأستاذ سلطان العميمي اللذين أثبتا بما لا يدع مجالاً للشك بأنهما محايدين إلى أبعد درجة، فقد كان ردهما على أحد الشعراء الإماراتيين في الحلقة الأخيرة بأن قصيدته مباشرة دليل واضح على أنهما لا تأخذهما لومة لائم في قول الحقيقة.

في اعتقادي الشخصي أنه لم يكن هناك خاسر في هذا البرنامج فالجميع كاسب؛ فالشعراء المغمورون كسبوا الشهرة، والشعراء المشهورون عرفوا أن كل طقه بتعليمه، واللجنة كسب بعضها نفسه وثقة الجميع، والجمهور في المسرح سد بعض الفراغ لديه بالحضور إلى المسرح، والمنظمون كسبوا تبرعات الملايين من أرض الـ26 مليون، والمشاهدون أيضاً استمتعوا أمام الشاشات رغم تصويتهم وخسائرهم المادية لكن هذا برضاهم وقناعتهم الشخصية، فلم يكونوا مجبورين على ذلك، رغم أن العقلاء منهم يعلمون أن تصويتهم لشاعرهم المفضل لن يكتب له النجاح طالما أن القائمين على البرنامج لا يرغبون ذلك، ولن يرغبوا ذلك مستقبلاً.

أخيراً أعود وأقول كما قلت في مقال سابق بأن برنامج شاعر المليون قد وصل إلى مرحلة النهاية من حيث عملية التصويت والقبول، فلا أعتقد أن هناك من سيصوت في النسخة الثالثة، إلا إذا اخترعت فكرة جديدة وهذا لاشك يحتاج إلى عقل مدبر وكبير كعقلية مستنسخة الفكرة (المادية)، لكن هذه المرة لن تمر على العقلاء مرور الكرام، وكما قال المثل (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).