يعيش المواطن اليوم وخصوصا أفراد الطبقة المتوسطة وما دونها تحت تكاليف الحياة الباهظة ويتزامن ذلك مع طفرة اقتصادية غير مسبوقة، وقد أنعم الله علينا كذلك بقيادة تسعى لتوفير العيش الكريم لمواطنيها وتبذل مليارات الريالات لتنمية كافة القطاعات الاقتصادية لتصبح على أفضل صورة ممكنة، فأين الخلل؟ وما هو الحل؟.
أنا متأكد من ان الخلل يكمن في ضعف آليات تحويل السيولة الكبيرة التي حبانا الله بها لأصول رأسمالية قادرة على إنتاج الثروة وتوفير السلع والخدمات بما يتناسب وحجم الطلب إضافة لقدرتها على توليد الفرص الوظيفية بمعدلات تتناسب ومعدلات نمو الطلب على الوظائف في بلادنا التي تشهد بطالة هيكلية عجيبة.
أسعار النفط متذبذبة بشكل كبير، والظروف التي مرت بها البلاد عندما انخفضت أسعار النفط إلى أقل من عشرة دولارات جعلتنا لا نثق بأي ارتفاعات، وهو ما جعلنا نعترف بأن هيكلة الاقتصاد السعودي القائمة على النفط والغاز هيكلة خطيرة جدا على اقتصاد البلاد، وهو أيضا ما جعل الإدارة المالية في بلادنا تنشئ صندوق التوازن لاستثمار الفوائض في أدوات استثمارية آمنة تحقق إيرادات تساهم في سد العجز الناتج عن انخفاض أسعار النفط، وهو بديل يحرم البلد من فوائد السيولة في تأسيس الأصول الرأسمالية القادرة على رفد الاقتصاد ماليا وإنتاجيا وقيما مضافة متعددة، وهو ما جعل الإدارة المالية أيضا تقلص مدد التخطيط لأقل فترة ممكنة لعدم القدرة على توقع الإيرادات لمدد طويلة، مما أفضى بشكل تلقائي لقتل التخطيط طويل المدى وللأسف الشديد.
أما الحل فقد سبق وان طرح في عدة منتديات فكرية اقتصادية استندت على فكر اقتصادي سليم وتجارب عالمية ناجحة، حيث أوصت بتوجيه الكثير من السيولة إلى داخل البلاد لدعم القطاع الخاص في تأسيس شركات عملاقة في كافة القطاعات الاقتصادية، وخصوصا القطاع العقاري الذي يعتبر القطاع الأكبر بعد النفط والغاز، وهو القطاع القادر على تحريك كافة الأنشطة الاقتصادية الأخرى كما أثبتت التجارب العالمية، ولاشك أن لدينا الكثير من القطاعات الاقتصادية التي لازالت تعاني من شح المال وصعوبة الأنظمة، وما علينا إلا تنشطيها بسيولة مالية تروي ظمأها، وبأنظمة ميسرة تستقطب المستثمرين للتنافس في ميدانها، فهل نرى في القريب العاجل أطروحات وتطبيقات لتحويل السيولة إلى أصول رأسمالية منتجة.
alakil@hotmail.com