بيروت - منير الحافي - وكالات
يحتار المراقب للوضع اللبناني، في نظرته لكيفية خلاص لبنان من أزمته السياسية الراهنة، وقد تعدت الخلافات المتشعبة، الصفة اللبنانية إلى خلافات عربية - عربية، بل إقليمة - دولية. وإذا بالخلاف على الحكومة قبل، أم الرئاسة، يتحول إلى القنبلة النووية قبل، أم الرئيس الأميركي الجديد! إذاً، بات من حكم المؤكد لدى اللبنانيين، مواطنين ومسؤولين، أن أزمتهم (تعربت وتغربت) بانتظار حلحلة ما على الصعيد الكوني! غير أن هذا الاقتناع اللبناني التام بأن عناصر الأزمة في البلاد صارت (دولية) المنشأ والحل في آن معاً، لم يلغ يوماً محاولات لبنانية - لبنانية لاجتراح حلول محلية. وآخر هذه المحاولات، (أفكار) رئيس مجلس النواب نبيه بري عن حوار متجدد يبدأ في الثامن عشر من نيسان الحالي، ويمتد حتى الحادي والعشرين من نيسان، أي قبل يوم واحد من الجلسة الرقم 18 لانتخاب رئيس للجمهورية. وبحسب بري نفسه، فإن هذه الأفكار التي لم تتحول بعد إلى دعوة رسمية للأطراف السياسيين الممثلين في مجلس النواب، كي يجددوا حوارهم في البرلمان اللبناني. ويرى بري أنه في حال نجح الحوار، يذهب النواب إلى انتخاب الرئيس، في الموعد المحدد (22 نيسان) وإلا فإن الحوار يبقى مستمراً حتى تصل أمور الحوار إلى خواتيم معينة. واستكمالاً لفكرة الحوار، يقوم الرئيس بري بجولته العربية التي بدأها في دمشق، ثم في مصر والدوحة، والتي تقوده إلى المملكة العربية السعودية في القريب العاجل.
ولقد حرصت مصادر الرئيس بري إلى نفي ما أثير عن أنه يسوق لفكرة قيام (حكومة مؤقتة) تدير الأزمة السياسية الراهنة، انطلاقاً من شبه اقتناع بات أكيداً لدى الأطراف السياسية المختلفة بأن (لا رئيس جمهورية لبناني في القريب العاجل).
في المقابل، يجهد رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في جولة عربية، تقوده تقريباً إلى الدول نفسها، في شرح وجهة نظر الحكومة إزاء الأزمة الراهنة. وتعتبر الحكومة، ومعها الأكثرية، أن سبب الداء معروف، وأن تصحيح العلاقات اللبنانية السورية هو المدخل إلى الحل. أما عن دعوة بري إلى الحوار (التي لم تُرفض رسمياً من قبل 14 آذار إلى الآن) فترى الأكثرية أن (الحوار يجب أن يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية).
وتقول إن الرئيس المنتخب، الوسطي والمقبول من الجميع وهو العماد ميشال سليمان، يقوم بعدئذ بدعوة السياسيين المختلفين إلى قصر بعبدا، فيتم النقاش بإدارته. وتذكر الأكثرية بأن هناك نقاطاً كثيرة تم الاتفاق عليها في جلسات الحوار السابقة، لم تنفذ للآن، منها العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وترسيم الحدود معها، إضافة إلى حل مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. وفي هذه النقاط يقول بري إن المعارضة ما زالت متفقة مع الأكثرية عليها. وهو يعتبر أن الحوار المقبل (إذا حصل) يكون على نقطتين: حكومة الوحدة، وقانون الانتخاب المقبل، وإن كانت المعارضة تقول اليوم إن قانون انتخابات العام 1960 هو الوحيد المقبول لديها. حتى أن الوزير السابق سليمان فرنجية ربط انتخاب العماد سليمان بإقرار قانون العام 60، وقال إنه يمكن تنفيذ الأمرين في جلسة برلمانية واحدة! نظرتان لبنانيتان إلى الحل إذاً، لم تتغيرا منذ اشتداد الأزمة إثر انتهاء ولاية الرئيس السابق للجمهورية أميل لحود في تشرين الماضي. والكل يراهن على حل خارجي يسابق الاتصالات المحلية. وأمس أكدت الحكومة اللبنانية في مذكرة رسمية تطابق التوقيفات في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري وبينهم أربعة رؤساء أجهزة أمنية سابقين، مع القانون اللبناني والدولي. وجاءت المذكرة التي وجهتها الحكومة الى فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في جنيف ووزعت أمس، رداً على انتقادات الفريق للحكومة حول توقيف الضباط الأربعة الذين يطالب محاموهم بالإفراج عنهم بحجة عدم قانونية عملية التوقيف.