نشرت الشتاء لا يستأذن.. وكذلك الصيف..

بل كل الفصول لا تستأذن.. حيث إنها تجيء وترحل بهدوئها وضجيجها.. بهجيرها وصقيعها.. بلهيب شمسها وبرد نسيمها..

بتساقط أوراق الأشجار بعد انقطاع روح الحياة الخضراء في العروق..

وعودة الحياة في الشجر.. في الأغصان.. وفي الأوراق من جديد..

ولأن الفصول تجيء دون استئذان، وترحل بالصورة ذاتها فإننا نكون الأصدق في ترقبها وحرارة الاستقبال.. والأصدق أيضاً في وداعها وألم الرحيل..

فهل كل الأشخاص يعشقون فصلاً واحداً..؟

أم لكل فرد فصل خاص به يرتبط فيه بذكرى معينه وحدث مهم..؟؟

***

ارتبط تقلب فصول السنة بتقلب أمزجة البشر ورغباتهم..

فمن شخص مزاجه بارد وطبائعه باردة برودة فصل الشتاء في الشمال..

وآخر مزاجه مشتعل حار اشتعال الشمس واتقادها في فصل الصيف..

وليس أروع من إنسان مزاجه وطبائعه ربيعية يسكن فيها الأمن والاطمئنان.. ويأنس بصحبته كل الناس..

أما من مزاجه يقتنص من عمره حتى يصل به إلى خريف العمر شكلاً قبل وقت عمره البيولوجي فهذا قد منح لفصل الخريف تذكرة عبور إليه قبل أوان العبور المفترض..

فكيف نحمي أرواحنا من عدوى الفصول القاحلة ونرحل بها نحو الفصول المنتجة، المثمرة..؟

كيف ينبغي علينا أن لا نضعف أو نتراخى أمام خريف العمر ونجعل منه ربيعاً دائماً..؟

أو كيف نمنح ربيع عمرنا الثمن الذي يستحقه قبل أن يداهم الخريف أرواحنا.. و يسلب طاقتنا هجير الحياة..؟

الفصول أربعة.. عدد زوجي.. يلي الفصل، الفصل الآخر فلا يسبقه أو يتخلف عنه.. ثم تعود لدورتها مرة أخرى.. كي تتجدد الحياة مع تجددها وتكتسي الأرض حلتها الخضراء بعد أن أصفرت..

فكيف يمكننا ربط حياتنا ودورة العمر بهذه الفصول الأربعة..؟

كل فرد يمتلك قدرة ربط حياته بفصل يستمتع به على أن لا يجعل من الفصل، و الفصل الآخر كارثة عمره أو رحلة بؤس كأولئك الذين يرفضون فصل الشتاء لأنه يعطل قدراتهم ويجمدها تأثراً بتجمد الطقس.