لا بد لي أن أعترف أن ليس لي فضل في تقديم هذه المطالب إلا شرف صياغة بعض نقاطها أما المطالب نفسها وبعض صياغاتها فقد استقيتها حرفياً من جمع غفير وأعني بجمعٍ غفير من النساء السعوديات أنفسهن في حقل تخصصات ومواقع عمل مختلفة من ربة البيت إلى الطبيبة إلى الإخصائية الاجتماعية والنفسية إلى الكاتبات والإعلاميات ومختصات الحقوق والسياسة والاقتصاد والشريعة وسواهن.
وهذه المطالب ترد في كثير من الكتابات البحثية والصحفية وتطرح في المنتديات والمؤتمرات اليوم وتكتب بأقلام عدد كبير من الكاتبات والكتاب من إخواننا الرجال.
وإنني أقدمها هنا كتتمة لما قمت بطرحه الأسبوع الماضي ومطلب الحصول على موعد من مجلس الشورى لنقاش بعض المطالب المشروعة الحلال للمرأة السعودية في سبيل تحقيق تنمية مستدامة تنهض بالمجتمع برجاله ونسائه وبشراكة مباركة بين الدولة والمجتمع بتآزر مختلف قواه الاجتماعية.
وبعض هذه المطالب هي ما يلي:
1- العمل عبر مختلف القنوات المعرفية تربوية وإعلامية واجتماعية وبدعم من المؤسسة الرسمية السياسية على رد الاعتبار للمرأة كإنسان عاقل أهل مكلف قادر على أداء الواجبات الاجتماعية والوطنية ومستحق لضمانات الحقوق الشرعية والمدنية والسياسية.
2- التأكيد على أهلية المرأة القانونية والمالية، والتطبيق الفعلي لهذا المبدأ ورفع الوصاية المدنية عنها لتتعلم وتتطبب وتعمل وتدير جميع أعمالها بأهليتها الشخصية.
3- إعادة المغيب من حقوق المرأة الشرعية: مثل حقها في اختيار شريك الحياة، حقها في البقاء في منزل الزوجية فترة العدة مع النفقة عليها، حقها في اشتراط تطليق نفسها عند تسجيل عقد الزوجية، حقها في حضانة أولادها، حقها في رؤية أولادها بشكل منتظم في حال كانوا في حضانة الأب، حقها في الحصول على النفقة ونفقة أولادها في حال حضانتها لأبنائها بالاقتطاع من راتب الأب قانوناً أينما كان عمله، حقها في استرجاع حقوقها المالية من زوجها إن كانت عاملة ومشاركة في منزل العائلة، حق أبنائها في تسجيلهم في حفيظة الأب بمجرد صدور شهادة الميلاد، حقها في الحصول على أوراق أبنائها الرسمية في حالة الانفصال لا سمح الله، وحيازتها للحضانة، حقها في ولاية أمر أبنائها القصر، حقها في كتابة اسمها كوالدة في الأوراق الثبوتية للأبناء.
4- إنشاء مجلس أعلى للمرأة مرتبط بالمقام السامي يكون حلقة الوصل بين المجتمع النسائي وإدارات الدولة، يشرف على تطبيق قرارات الدولة الخاصة بالمرأة، وعلى تفعيل التوصيات كالتوصيات المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني بالمدينة المنورة للعام 2004م الخاص بقضايا المرأة (فلا يزال الأمل يحدونا أن لا تذهب التوصيات أدراج الرياح أو تبقى طي الأدراج أو حلية كلامية في المحافل الدولية). مع مطلب أن لا يكون هذا المجلس مجرد هيئة منفصلة عن السياق العام لبنية الجهاز الرسمي بل أن يكون المجلس المقترح جزءاً من بنية مجلس الوزراء مثله مثل الوزارات والمجالس المشابهة كمجلس الاقتصاد الأعلى في ضوء التطورات الحديثة واستناداً إلى النصوص الشرعية المثبتة (طرح هذا الاقتراح أكثر من مرة وبحجة إلى أن يرى الواقع).
5- تفعيل مشاركة المرأة وتمكينها اقتصادياً وسياسياً وتربوياً واجتماعياً من خلال إشراكها في مواقع اتخاذ وصنع القرار وخطط التنمية المختلفة بالقرار السياسي المدعوم بقوانين تضمن تطبيقه. تمكين المرأة من تولي المناصب القيادية المختلفة مما تتطلبه التنمية المستدامة سواء في القطاع العام أو الخاص، مع إعطائها صلاحيات اتخاذ القرار في مواقع العمل.
6- تخصيص نسبة من مقاعد مجلس الشورى للنساء ولكل فئات المجتمع، بحيث لا يكون وجود المرأة وجوداً طارئاً على بنية المجلس الاعتبارية ووجود شرفي لنفر قليل من اللواتي يكون وجودهن لا يعدو الاستضافة في تخصصات معرفية معينة وليس كممثلات في عضوية الشورى عن عموم النساء السعوديات. دون أن ننسى الإشارة على هامش النقطة إلى ضرورة تطوير بنية المجلس نفسه وآلياته وتوسيع باب صلاحياته.
7- حق الفئات الخاصة من المجتمع وخاصة المرأة التي تعاني من إعاقة -ما- في التمثيل الشوري. ونعني بذلك أن يكون هناك تمثيل لهذه الفئة الغالية من المجتمع التي وإن تعرضت بإرادة الله لفقد أحد حواسها أو قدراتها الجسدية فلا أقل من أن يكون لها تمثيل يضمن حقها في المواطنة والمشاركة فلا تكون عرضة لأن تعاني من الإعاقة مرتين مرة بسبب النوع الاجتماعي كونها امرأة ومرة بسبب إعاقة صحية يجب أن لا تعيق حق المشاركة والاستفادة من مشاريع التنمية الوطنية بما فيها تنمية قدرات المشاركة بقضايا المجتمع.
8- تفعيل الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها المملكة مثل اتفاقية (القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة) في التعليم والعمل وغيرها، وتدوين مبادئ الشريعة الإسلامية التي تخص المرأة والتي تحفظت بموجبها المملكة على الاتفاقية.
9- تطوير المحاكم القائمة المختصة بشؤون الأسرة، مع التأكيد على ضرورة الشفافية وتوثيق جلسات المحكمة وتسجيلها، مع اقتراح محدد بإنشاء محاكم خاصة تتفرغ لقضايا الأسرة وعدم ترك أمر مثل هذه القضايا الدقيقة وذات التفاصيل الحميمة لتطرح في معرض قضايا أخرى مثل القضايا التجارية والجريمة وسواها كما يجري الأمر الآن في معظم محاكم المملكة حيث لا خصوصية تراعى لقضايا الأسرة ولا مختصين في هذا المجال من القضايا أي قضايا الأسرة.
10- إعادة النظر في وضع السجون النسائية وتهيئة الظروف المناسبة فيها لتأهيل إصلاحي لا يقتصر على مجرد الأنشطة التقليدية. مع حماية حق السجينة سواء كانت مواطنة أو مقيمة بإيجاد جهة تقوم بالترافع عنها أمام القضاء فليس كل من دخلت السجن مذنبة، وتوفير الإرشاد النفسي والاجتماعي والقانوني من خلال كفاءات نسائية. مع ضرورة التأكد من وجود مذكرة توقيف بحق المتهمة ووجود موقع خاص للسجينات في فترة أن تكون القضية لا تزال على ذمة التحقيق، وضرورة أن لا يزج بالسجينات في موقع واحد على اختلاف خطورة قضاياهن من الجريمة إلى الجنحة.
11- المساواة في تطبيق النظام بين المرأة السعودية المتزوجة من أجنبي والسعودي المتزوج من أجنبية مع ضرورة الحفاظ على سلامة الأسرة وحقوق الأبناء من كلا الزواجين.
12- تعريف المرأة وتثقيفها بحقوقها الشرعية والمدنية وتعريف الرجل بحقوق المرأة الشرعية والمدنية من خلال المناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة ووسائل الإعلام.
13- توسيع نطاق التعليم جودةً وتنويعاً بفتح المغلق من التخصصات مثل: الآثار، الإعلام، الهندسة، العمارة، السياسة، الفلك، الجيولوجيا، التربية البدنية، السياحة. وبقية تخصصات الحاسب الآلي والزراعة والعلوم الإدارية وغيرها وفتح مجال مواصلة تعليم الكبيرات من النساء فيما بعد المرحلة المتوسطة.
14- توسيع مجالات عمل المرأة خارج النطاق التقليدي المحصور في التعليم والصحة والخدمة الاجتماعية بما يتفق مع تحديات البطالة واحتياجات التنمية، وبما لا يخل بثوابت الدين بمدارسه الفقهية المختلفة (بدأت الخطوة من خلال قرار مجلس الوزراء في الأول من حزيران - (يونيو) 2004 وبحاجة إلى تخصيص جهاز محدد ليتولى تنفيذ القرار).
15- تكييف أنظمة العمل والخدمة المدنية والتقاعد بما يتلاءم ودور المرأة الوظيفي ووضعها الأسري.
16- تأمين سلامة مواصلات المرأة العامة والخاصة مراعاة لحق النساء في الطريق وفي الحركة لقضاء الحاجات.
17- توفير الضمان الاجتماعي لكل العاطلات عن العمل أسوة بدول الخليج بما فيه ضمان السكن، إلى أن يتمكن من الحصول على عمل، وإعادة النظر في أنظمة الضمان الاجتماعي الخاصة بالمطلقات والأرامل وغيرهن بهدف تحقيق العدل بحقهن.
18- احترام المرأة ووضع عقوبات على من يتعدى عليها لفظياً أو جسدياً خاصة في الأسواق العامة والحرمين. وحمايتها من الفتاوى (الأقوال والكتابات) غير المسؤولة التي تشكك في دورها الوطني، وأهمية رفع مستوى الثقة في التعامل مع الفتاة الشابة والنظر إليها على أنها إنسان مسؤول قادرة على تحمل واجباتها والقيام بالتزاماتها الدينية والمدنية دون هدر لكرامتها.
19- التأكيد على ضرورة تنوع دائرة الحوار في قضايا النساء بحيث تضم مختلف المدارس الفقهية والتوجهات الإسلامية بل والإفادة من الرأي العلمي وتجارب المجتمعات وعدم حصر الأمر في زاوية نظر أحادية ففي اختلاف العلماء رحمة ولكل أن يأخذ بما لا يتناقض مع نص شرعي من القرآن والسنة في حدود فقه المعاملات، مع إعطاء النساء فرصة التأهيل والاعتراف بالأهلية لهن لأن يساهمن في القراءات الفقهية والمعرفية المختلفة لأحوال النساء.
20- ضرورة تفعيل دور الشابات من النساء داخل المؤسسات المعنية بأمور الشباب كالرئاسة العامة لرعاية الشباب إذ يفترض من المسمى أن (رعايتها) أو خدماتها تتوجه للشباب من النوعين ولا تقتصر على الشباب الذكور فقط.
21- السماح وسن أنظمة لذلك وإعطاء تصاريح أهلية لتأسيس نوادٍ صحيةٍ وثقافيةٍ ومكتبات في الأحياء خاصة بالأسرة عموماً وتُعنَى بخدمة المرأة وأطفالها وزوجها بما يرتقي بوعيهم ووضعهم الصحي والفكري.
22- تكوين مجالس أحياء في جميع أنحاء المملكة وتمثيل المرأة فيها (حالياً توجد مراكز أحياء في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة فقط والمرأة ممثلة فيهما)، وإقامة ورش تدريبية تكسب حس ومهارات العمل التطوعي للشابات لخدمة أحيائهن ومن ثم الوطن باتساعه.
23- إقرار إنشاء مؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات الأهلية كجمعيات للمعلمات ومهن واهتمامات اجتماعية وثقافية وغيرها وعدم استبعاد المرأة من مجالس إدارتها ومجالسها العمومية بحيث يكون الأمر تطويراً لما يجري في هيئة الصحفيين ومثالاً له.
24- العمل على نشر روح التسامح والاعتدال بين أفراد المجتمع وأجناسه ومذاهبه والسماح للمرأة وتأهيلها لأن تكون طرفاً في ذلك سواء في تربية الأجيال في بيتها أو في الحياة العامة بعيداً عن سلطة تلك التقاليد والعادات التي ما أنزل الله بها من سلطان وليس لها إلا سلطان تكريس السائد وإن تعارض مع العقل أو حتى بعض أوجه الشرع كالإصرار على الزج بالمرأة في زيجات تتمسك بالنسب مثلاً على حساب تكافؤات هي الأولى شرعياً ومنها الدين والخلق بما يخلق حالات من التعصب لا سمح الله حاربها ديننا السمح وحرر الإنسان منها امرأة ورجل منذ ألف وأربعمائة عام مضت.
25- ضرورة أن يشرع ويعمل العلماء والفقهاء والمختصون في المجال الحقوقي والقانوني والاجتماعي على وضع نظام للأحوال الشخصية بمساندة رسمية أي بتبني الدولة لمثل هذا المشروع الملح بما يقنن الحقوق والواجبات في الأسرة ولكل طرف من أطرافها على أساس من العدل في السراء والضراء. إذ إن قضية التقنين أي وجود منظومة واضحة للحقوق والواجبات والأحكام في علاقة المجتمع بالدولة وفي علاقة المجتمع ببعضه البعض وبمؤسساته أصبحت من ضرورات التنمية وحماية المجتمع والوطن معاً من العادات الداخلية والخارجية.
وأخيراً هذه بعض من المطالب التي تحلم المرأة السعودية بأن تتحول إلى واقع معاش يعبر عن وطن متلاحم ويتقدم بإذن الله.
fowziyah@maktoob.com