صندوق التنمية العقارية يقدم لمن ينتظر ربع قرن في الطابور ثلثمائة ألف ريال لبناء منزل، وقد حصل المواطن على القرض بعد أن بلغ من العمر عتياً، لكنه وجد أن بناء فيلا (عظم) صغيرة يكلف أربعمائة وستين ألف ريال، وقد بنى فيلته الآن، وهو ينعم بالهواء العليل المندفع من جميع النوافذ، ومن الحصى الذي يكسو الغرف والممرات ومن خشونة الجدران وانعدام الماء، وهو يفكر الآن - بدلاً من معاشرة الفيلا العظم - في بيعها، خاصة بعدما سخر منه جاره قائلاً: اللي يشوفك رايح جاي.. يفكر أنك ناوي تمصمص العظم!!
* هناك قلة من الناس يحبون الأدب، وكثر - للأسف - يحبون قلة الأدب، وسوف ترى ذلك جلياً لو ضغطت على (الريموت كنترول) ألواناً من التردي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والجسدي والأخير بات أقلها ضرراً فمن يعرِ جسده يضر بضعة أشخاص هو أولهم، لكن المشكلة أن بقية أطياف الترديات باتت تخنق الجميع، وكأنها أنبوبة غاز مركزية مسلطة على كافة الاتجاهات، وقد أوصى لقمان الحكيم من لا تعجبه هذه الترديات بأن يلجأ إلى الحبل وإذا لم يعجبه الحبل، عليه أن يخرج إلى الناس شاهراً سيفه لعله يظفر بطبق بيض أو سيخ حديد أو حزمة برسيم أو كيس رز بسمتي!!
* وقد قيل إن ما رفع سعر طبق البيض من سبعة ريالات إلى سبعة عشر ريالاً، سببه غلاء الأعلاف المستوردة إضافة إلى قلة المعروض المحلي بسبب إغلاق بعض مزارع الدواجن على خلفية انفلونزا الطيور، ولذلك فقد فكرت أن أحذو حذو أهلي من الفلاحين وغيرهم بأن أضع في مدخل منزلي عشة للدجاج وزريبة للأغنام وسوف آخذ حاجتي وأوزع ما يفيض من البيض والدجاج والحليب على الأهل والجيران وما يمنعني سوى شيء واحد هو انفلونزا الطيور.
ولو لم تكن هذه الانفلونزا موجودة هي وحمى الخرفان والبقرة، فإن من سيصوبون سهامهم على عدة أشخاص: البلديات والتجار والزوجات بحجة تحريض أزواجهم على الاعتناء بالعشة والزريبة وإهمال الزوجة والأبناء.
* اشترى عجوز سعودي (70 عاماً) عمارة وسجلها باسم ابنه الأكبر، ورضي بأن يكون نصيبه من هذه العمارة شقة صغيرة، لكن الابن حالماً استتب له الأمر، طالب والده بأن يدفع أجرة الشقة، وقد استمرت المطالبة، حتى وصل الحال بالابن لتقديم شكوى إلى الشرطة، لإجبار والده على دفع أجر الشقة، والأجرة لا تتعدى الستة آلاف ريال، ولم يكن مع الأب هذا المبلغ فتم التحفظ عليه في إدارة الحقوق المدنية بمنطقة مكة المكرمة! هل هذا الأب طيب أم عبيط؟
طيب لأنه أراد أن يعيش ابنه (عمره 45 عاماً) وأحفاده وزوجة ابنه في بيت مُلك، وأن يعيش ما تبقى له وسطهم، يرعونه ويحدبون عليه في شيخوخته، لكنه للأسف وضع كل بيضة في سلة واحدة، ونحن لا نلوم السلة ولا البيض، لكننا نلوم من هز السلة!
وعبيط لأنه لم يوزع البيض فكيف سيكون حاله لو وضعه في عدة سلال على الأقل لو كانت العمارة باسمه والابن وزوجته وأبناؤه ساكنون فيها ومعه وليس العكس.. الزمن الأحول يجعلنا نأخذ الحذر حتى من بعض أبنائنا!!
فاكس: 2054137