اختاره الله سبحانه وتعالى ليكون رسولاً لأسمى الرسالات وخاتمها..
وخصَّه بفضائل ومميزات.. لا يعدل مثقال ذرة منها نبي قبله أو بشر بعده..
ووثَّق الحق تبارك وتعالى تلك الفضائل والشمائل والاستحقاقات في (كتاب يُتلى إلى يوم القيامة)..
فكان رسول الهدى والنور والمعرفة والفضيلة أسمى وأعظم من خوض الخائضين.. وقالة القائلين.. وأرفع من شك المشككين.. والمستهزئين..
**.. فإذا ما أراد (أحد ما) التعرض لتلك السيرة المضيئة.. ومطاولة جلالها المقدس.. أو اختلاق سباب بذيء تجاه تلك (القيمة الأسنى) التي دونتها وحفظتها السماء.. طفقت (أمة المليار) - التي تفتك في كل جزء منها وفي كل جسد فيها أوصاب التخلي عن (الميثاق) الذي جاء به رسولها.. عليه الصلاة والسلام..
** حتى صارت (الفضائل والمبادئ) التي تمثَّلها منهجاً وسلوكاً..
(شعارات مفرغة) من معانيها ومقتضياتها.. وإذا (الأمة) ذاتها قد استغشت رداء الهزيمة والتناقض المريعين - تستصرخ أطرافها أن هلموا لنصرته - (وقد نصره الله فعلاً ووعداً) لا ينقضي - والدفاع عنه................!
**.. هلموا واصرخوا دوّنوا المدونات.. واكتبوا المطولات.. واعقدوا الاجتماعات والمؤتمرات.. لنصرة (المنصور أبداً) والذود عن حياض (المطهَّر المنزَّه) بأمر السماء..
.. فتراءت مجاميع النصرة وتكتلات المدافعين.. وخطب الخطباء.. وقصائد الشعراء.. معبرة عن (ثقافة) عصبها الانفعال..! أذكت أوارها لحظة غضب إنساني عفوي
.. لا يعدو (جهده) مهما بلغ.. أن يكون تحصيل حاصل..
و(مُخرج) لا تعويل حقيقياً عليه.. في تمثُّل معنى النصرة والالتزام بمقتضياتها..!
** فقد علَّمنا التاريخ - لو قرأوا التاريخ - أن شأن الرسول الأكرم..
ومقامه الشريف وسيرته العطرة.. لم تنل منها أقوال الخطَّائين أو تخرصات المأزومين.. أو المهووسين بالاختلاف..
بالرغم مما قوبلت به في سني الرسالة الأولى..!
فلِمَ كل ذلك الصراخ والزعيق.. ولِمَ إشغال (الأمة) بدعوى (النصرة) على ذلك المثال...؟
ألم يكن (الأولى) اتخاذ مسار لنصرته غير ذلك المسار..
الذي لا تُنكر دوافعه الشريفة.. ولكنه في أحسن حالاته نتاج ظرف وقتي.. ينتهي بانتهائه وينقضي ببرودة أعصاب تنفخ فيه................!
**.. (نصرته) تكون بانتصارنا للخير على الشر في نفوسنا..
بتأمل سيرته واتباع هديه.. والعمل بمقتضى ما دعا إليه من أخلاق وسنن وآداب..
**.. (نصرته) تكون بتمثُّل ما جاء به وأكد عليه..
من فضيلة الظن الحسن والعمل المثمر الجاد.. والإحسان إلى الناس والرفق بالضعفاء.. وحفظ الحقوق ورعاية الواجبات..
**.. (نصرته) تكون باحترام آدمية الإنسان وكرامته وبالتحلي بمناهج طبقها ودعا وحثَّ عليها:
خلوص النفس من الأحقاد وبراءة الذات من التربص بالآخرين ومعاداتهم..
**.. (نصرته) تكون بالألفة والمحبة والتراحم.. والتواصي بالحق والصبر..
(نصرته) تكون بمراجعة سلوك كل واحد من (المليار) لتصرفاته ومعاملاته وأخلاقه وأهدافه..
كم مرة ظلم.. وكم مرة قسا.. وكم مرة خرس عن الحق كشيطان.. وكم مرة أساء لمن لا يستطيع رد الإساءة.. وكم مرة بذل أو أعطى لا يرجو أجراً إلا من الله..؟!
(نصرته) تكون بقراءة أنفسنا.. ومحاسبتها..
قبل التجسس على الآخرين ومراقبتهم والتشفي بعثراتهم..
** (نصرته) تكون بإيقاظ ضمائرنا وانتشالها من سباتها الأزلي..
وقياس (المسافة) بين ما كان عليه.. وما حذّر منه.... وما نحن عليه وإليه!
** لنرى هول الفارق.. ونستبين خطانا في ليل الظلمات..
(نصرته) تكون بنصرة قيم الخير والفضيلة والحرية..
وبعثها في (نفوس) ترمَّد فيها كل قبس للصدق والحق والمعنى..
md1413@hotmail.com