حاوره - حازم الشرقاوي
قال الدكتور صالح بن حسين العواجي رئيس مجلس إدارة هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون الكهرباء بالمملكة،قال: إن مشروع الربط الكهربائي الخليجي يعد إحدى أهم الثمار المباركة للتعاون الخليجي، وأنه يوفر على الدول المترابطة تكاليف إنشاء محطات توليد جديدة بعشرين مليار ريال، وأكد أن المشروع يوفر أيضا قدرات تصل إلى 5000 ميجاواط في الاحتياطي الثابت فقط فضلا عن إمكانية تبادل الطاقة بين الدول الخليجية، بما يعرف بسوق الكهرباء، باعتبار ذلك أحد الأهداف متوسطة المدى للمشروع ، وأشار د. العواجي إلى إمكانية الربط مع منظومات أخرى مجاورة على المدى البعيد.
وتوقع رئيس مجلس إدارة هيئة الربط الكهربائي الخليجي أن يتم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى للمشروع مع نهاية العام الحالي، فيما يبدأ التشغيل التجريبي للشبكة مع مطلع العام المقبل، مضيفا أن تكلفة هذه المرحلة بلغت 4 مليارات ريال، وقال في الحوار الذي أجرته معه «الجزيرة» بهذا الخصوص : من أهم فوائد هذا المشروع المشاركة في احتياط التوليد الثابت والدوار، والمساندة الاستراتيجية في حالات الانقطاع الشامل في الكهرباء لأي من الدول المترابطة، لا قدر الله فإلى تفاصيل الحوار لنقرأ المزيد من المعلومات.
*****
* متى بدأت فكرة الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون؟
- بدأ التفكير بهذا المشروع مع بدايات نشاط مجلس التعاون الخليجي في منتصف الثمانينيات الميلادية، ويعتبر من الأفكار الطموحة نظراً لأهميته البالغة في تعزيز خدمات وصناعة الكهرباء في المنطقة، وبالتالي دعم ومساندة كافة الأنشطة التنموية التي أصبحت تعتمد اعتماداً مباشراً على خدمة الكهرباء، كما سيعزز إنشاء سوق إقليمية للكهرباء، ويعد جزءاً مهما من مشروع الربط الكهربائي العربي الشامل الذي سيربط الدول العربية بعضها ببعض، كما سيربطها مع شبكة الكهرباء الأوروبية.
* لماذا تأخر تنفيذ المشروع رغم هذه الأهمية؟
- يمكن القول: إن المشروع لم يتأخر أكثر مما يجب، بل تم تأجيل تنفيذه للوقت المناسب، حيث كانت نتائج دراسة جدواه التي أجريت في بداية التسعينيات لم تكن مشجعة لتنفيذه آن ذاك نظرا لأن نظم الكهرباء في دول مجلس التعاون لم تكن اكتملت في ذلك الوقت، بل كان بعضها يمر بمراحل بناء مُطَّرد، وكانت أولويات كل دولة تتمحور حول بناء شبكاتها الداخلية، وتطوير خدمات الكهرباء محليا، إضافة إلى الأحداث التي حصلت في منطقة الخليج، فقد كان لها دور في تأجيل تنفيذه، وقد أعيدت دراسة جدواه، وروجعت وتم تحديثها أكثر من مرة، فلما ثبُتت جدوى الربط بدأ التجهيز لتنفيذه، وكان ذلك في منتصف التسعينيات، ومع ذلك فقد كانت القناعة بأهميته متوفرة لدى المختصين بدول مجلس التعاون، وقد لقي هذا المشروع الدعم والمساندة من قادة الدول الخليجية الست، وبناء على تلك القناعة حُجِزت مسارات خط الربط في وقت مبكر، أي منذ منتصف الثمانينات، مما سهل تنفيذه دون تكاليف لنزع ملكية مساراته.
* ما أهم العوامل التي تعزز جدوى المشروع ؟
- من أهم عوامل جدوى مشروعات الربط الكهربائي ما يلي:
الجدوى الفنية؛ وتتمثل بما يمكن أن يحققه المشروع فنياً للشبكات المترابطة مثل المشاركة بما يسمى الاحتياطي الثابت للقدرات المركبة، وهي السعة غير المشغلة لمحطات إنتاج الكهرباء التي يمكن استغلالها عند الحاجة فقط، وهذه يجب أن تتراوح ما بين 10 - 15% من قدرات التوليد في المنظومة ليمكن استغلال هذا الاحتياطي سريعاً عند الحاجة، ويمكن خفض هذه القدرة في حالة ربط مجموعة من الشبكات مع بعضها، إضافة إلى ما يسمى بالاحتياطي الدوار، وهو ما يمكن استغلاله خلال ثوان عند تعطل أو خروج أي من وحدات التوليد من الخدمة، والمشاركة بين شبكات الكهرباء بهذه القيم يزيد من مستوى الموثوقية، ويقلل الاستثمارات المالية، وتكاليف التشغيل، وعلى هذه الجدوى فقط بني مشروع الربط الكهربائي بين دول الخليج، حيث يتوقع أن يوفر على الدول المترابطة قدرات تصل إلى 5000 ميجاواط في الاحتياط الثابت فقط، كما أن هناك عوامل اقتصادية تعزز جدوى مشاريع الربط الكهربائي، مثل إمكانية تبادل الطاقة بين الدول المترابطة، أو ما يعرف بسوق الكهرباء، وهو أحد الأهداف متوسطة المدى لمشروع الربط الكهربائي الخليجي، من أجل إنشاء سوق خليجية للكهرباء، إضافة إلى جدوى المشروع للربط مع منظومات أخرى مجاورة على الأمد البعيد.
* كيف تسير المرحلة الأولى من المشروع ، وكم تبلغ تكاليفها، ومتى يتوقع انتهاؤها؟
- تتكون المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون الخليجي من ربط شبكات كهرباء كل من مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، ودولة قطر، ودولة الكويت من خلال:
خط ربط كهربائي مزدوج الدائرة جهد 400 ك.ف من محطة الزور بدولة الكويت حتى محطة جنوب الدوحة بدولة قطر، بطول يزيد على 800 كم.
وكذلك إنشاء 6 محطات تحويل جهد 400 ك.ف على النحو التالي :
محطة تحويل في الزور بدولة الكويت، ومحطة تحويل في الجسرة بمملكة البحرين، ومحطة تحويل في جنوب الدوحة بدولة قطر، وثلاث محطات تحويل في كل من الفاضلي، وغونان، وسلوى، بالمملكة العربية السعودية، كما أن هناك خط ربط كهربائي عبر كابل بحري تحت مياه الخليج العربي مزدوج الدائرة جهد 400 ك.ف من محطة التحويل في غونان بالمملكة العربية السعودية حتى محطة التحويل بالجسرة بمملكة البحرين.
ومحطة تحويل الذبذبة في الفاضلي بالمملكة العربية السعودية إضافة الى مركز تحكم رئيسي في غونان بالمملكة العربية السعودية.
وتبلغ تكلفة هذه المرحلة 4 مليارات ريال، ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذها بنهاية عام 2008م بإذن الله، وبدء التشغيل التجريبي للشبكة مع بداية عام 2009م، وكما هو معلوم فقد ُرسيت عقود تنفيذ المرحلة الأولى في شهر نوفمبر عام 2005م، وتبلغ نسبة الإنجاز حالياً (ابريل 2008) أكثر من 60%.
* حدثونا عن المرحلة الثانية، و تكلفتها، والمدة الزمنية المتوقعة لتنفيذها؟
- تمثل المرحلة الثانية للمشروع تعزيز وربط الشبكات الداخلية في كلٍ من دولة الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، ثم ربطهما عن طريق محطة الواسط في سلطنة عمان، ومحطة العوهة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد اكتملت هذه المرحلة في منتصف عام 2006م.أما بالنسبة لتكلفتها، حيث تم تنفيذها بمعرفة كل من الدولتين، فإن الهيئة تقوم حالياً بتقييم المواصفات الفنية للأصول القائمة التي تم إنشاؤها حديثاً بين الدولتين، وتقدير تكاليفها تمهيداً لاحتسابها جزء من الالتزامات المالية لهما، وذلك تنفيذاً للاجتماع المشترك بين لجنتي التعاون المالي والاقتصادي، والتعاون الكهربائي في دول مجلس التعاون، كما يجري حالياً مناقشة دخولهما في المرحلة الحالية للربط، مما سيكمل الربط الكهربائي بين دول المجلس قبل التاريخ المخطط له (2010م) بإذن الله، أي يتوقع في حالة انضمام الدولتين إلى المرحلة الحالية أن يكتمل الربط خلال 2009م.
* كيف سيكون دور شركات الكهرباء بعد عملية الربط، وما هي أهم فوائد المشروع؟ - بالنسبة لدور شركات الكهرباء بعد اكتمال المشروع هو الاستفادة منه لكونها طرفا في اتفاقيات التشغيل، نظراً لأنها تتولى تشغيل نظم الكهرباء في دولها، ولأن بعضها موَّل المشروع، فعلى سبيل المثال تولت الشركة السعودية للكهرباء دفع حصة المملكة في المشروع، كما ستسهم شركات الكهرباء في دول المجلس بتغطية الفرق بين دخل هيئة الربط من عمليات التشغيل، وما تحتاجه من مصاريف لعمليات تشغيل وصيانة منظومة الربط، خاصة في بدايات تشغيل المشروع الأولى، حيث لا يتوقع أن يحقق المشروع عوائد كافية.
أما أهم فوائد مشروع الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون، فهي المشاركة في احتياط التوليد الثابت والدوار، والمساندة الإستراتيجية في حالات الانقطاع الشامل للكهرباء بإحدى الدول لا قدر الله، أو في حالات الطوارئ، ونتيجة للمشاركة في الاحتياط، سينخفض احتياطي قدرات التوليد إلى نصف إجمالي الاحتياطي المطلوب في الدول قبل إنجاز مشروع الربط الكهربائي، مع الحصول على نفس موثوقية الخدمة أو أعلى، بمعنى أنه سيؤدي إلى الاستغناء عن بناء محطات توليد تزيد قدرتهاعلى (5000 ميجاواط) بما يوفر على قطاعات الكهرباء بدول الخليج تكاليف إنشاء محطات كهرباء جديدة قد تصل تكلفتها إلى (20 مليار ريال) حتى عام 2028م. كما سيوفر أسس تبادل وتجارة الطاقة الكهربائية في المنطقة، بما يخدم النواحي الاقتصادية ويدعم الموثوقية، وسيتم تعزيز مساهمة قطاع الكهرباء ودوره في زيادة الناتج الاقتصادي الوطني، وتنويع مصادر الدخل، إضافة إلى رفع كفاءة نظم الكهرباء المترابطة لهذه الدول، كما سيحقق تبادل المعرفة التقنية، وخبرات التشغيل بين شركات الكهرباء في دول مجلس التعاون، وسيرفع الربط الكهربائي كفاءة التشغيل بأنظمة الكهرباء بدول المجلس، إضافة إلى ذلك سيكون جزءا مكملا هاما من مشروع الربط الكهربائي العربي.
* ما التكاليف الإجمالية للمشروع، وكيف تم توزيعها على الدول؟
- تقدر تكاليف المشروع لمراحله الثلاث بحوالي 6 مليارات ريال، وقد تم توزيعها على الدول بحسب نسب استفادة كل دولة من المشروع وفق التالي:
دولة الإمارات العربية المتحدة 15.4 % ، ومملكة البحرين 9% ،والمملكة العربية السعودية 31.6 % ،وسلطنة عُمان 5.6% ،ودولة قطر 11.7% ،ودولة الكويت 26.7%.
* ما دور هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجية أثناء تنفيذ المشروع، وبعد اكتمال تنفيذه؟
- إن دور هيئة الربط الكهربائي أثناء فترة تنفيذ المشروع، هو الإشراف على جميع مراحل التنفيذ، والتنسيق مع الدول المشاركة لتسهيل مهمة المقاولين والعمل على تذليل المعوقات التي تطرأ أثناء عملية التنفيذ، والعمل على تنفيذه بحسب الميزانية المعتمدة وفق الجدول الزمني المحدد له.
أما دورها بعد اكتمال المشروع فهو إدارة تشغيل وصيانة الشبكة، والتأكد من جاهزيتها بالتنسيق مع مشغلي النظم الكهربائية بالدول المشاركة، للعمل كناقل موثوق لمواجهة فقدان القدرة على التوليد في الحالات الطارئة بين الدول المشاركة، وتبادل وتجارة الطاقة فيما بينها، واستغلال شبكة الربط الاستغلال الأمثل.
* هل هناك اتفاقيات تنظم تشغيل المشروع بما يضمن الاستفادة المثلى منه؟
- لتنظيم العلاقة بين الدول المشاركة وتحديد أسس تبادل وتجارة الطاقة الكهربائية بينها، وتوضح المعايير الواجب اتباعها وتطبيقها لاستيفاء متطلبات الربط الكهربائي، كان لابد من وضع اتفاقيات الربط الكهربائي، هذه الاتفاقيات نظراً لأهميتها يجري الإشراف على إعدادها من خلال لجنة الاتفاقيات والدراسات المنبثقة من مجلس إدارة الهيئة، وفريق عمل الإدارة التنفيذية، وبمشاركة فرق عمل متخصصة من جميع الدول المشاركة، والجهات التنظيمية بهذه الدول، وبالتعاون مع استشاري من بريطانيا (نورتن روز)، وبعض الخبراء المختصين في الدول المشاركة.. هذه الاتفاقيات يستوجب إعدادها بعناية ومهنية عالية لتتناسب مع أهمية المشروع، ودوره المرتقب لسوق الطاقة الإقليمي، ولهذا الشأن تم عقد ورش عمل، وزيارات إلى الجهات المختصة بالدول المشاركة لأخذ مرئياتها وملاحظاتها لوضع مسودات الاتفاقيات التالية بالشكل التوافقي المطلوب:
الاتفاقية العامة للربط الكهربائي، واتفاقية تبادل وتجارة الطاقة، ولائحة (كود) تشغيل الشبكة، ويجري حاليا وضع اللمسات الأخيرة على مسودات الاتفاقيات تمهيدا لعرضها على مجلس إدارة الهيئة الذي بدوره سيعد توصيته بشأنها إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، لعرضها على لجنة التعاون الكهربائي والمائي المكونة من أصحاب المعالي وزراء الكهرباء والماء بالدول المشاركة للتصديق عليها لتكون جاهزة قبل نهاية هذا العام ليبدأ تطبيقها مع بداية تشغيل المشروع بمشيئة الله تعالى.
* هل من كلمة تودون قولها حول مشروع الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون؟
- يمكن القول: إن هذا المشروع هو إحدى الثمار المباركة للتعاون الخليجي، ولأهميته الكبيرة يحظى باهتمام ودعم ومساندة مباشرة من أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون- وفقهم الله-، كما يحظى بمستوى مماثل من الاهتمام، والمتابعة المستمرة من قبل أصحاب المعالي الوزراء أعضاء لجنة التعاون الكهربائي والمائي، المشرفين على هذه الخدمات بدول المجلس. فيطيب لمجلس إدارة الهيئة تقديم جزيل الشكر والتقدير والامتنان لقادة دول مجلس التعاون، والوزراء المعنيين، داعين الله العلي القدير أن يوفق الجميع لما فيه الخير والسداد، وأن ينفع بهذا المشروع الحيوي المهم دول المنطقة لما يعزز دورها الريادي، ويحقق الرفاهية لمواطنيها.