أحسن الشيخ عمر بن عبد الله المشاري بكتابة هذه الترجمة للشيخ حمد المزروع رحمه الله تعالى، فالشيخ حمد المزروع الذي مات والأضواء لا تعرفه، يمثل جيلاً فريداً من جيل العلماء الكبار الذين يهمهم تصحيح مسار الناس في عملهم وسلوكهم بطريقة علمية وهادئة وبسلوك مستقيم، وأحسن عمر في مساره الجليل في توثيق تراجم أهل العلم والفضل في سلسلة مقالات أتمنى أن ترى النور قريباً مكتملة بين دفّتي كتاب. |
ولكن لا يستغرب من عمر ذلك فهو الذي نطبِّق عليه قول القائل: |
وهل ينبت الخطى إلا وشيجه |
وتغرس إلا في منابتها النخل |
فهو من أُسرة تستقي العلم والأدب من عقود بل قرون .. فجدّه ذاكرة الداخلة الأدبية سليمان بن علي صاحب المقطوعات الشعرية والأدبية التي سارت مسير الشمس في رابعة النهار وفي عمر ووالده وأجداده الكرام إمامة مسجد الداخلة بسدير منذ عقود طويلة بل أظنه قرون. |
وقد كتب شقيقه الأستاذ خالد مقالاً مهماً في توثيق تاريخ بلدة الداخلة وسكانها في مجلة العرب وتلقى بالقبول من عموم الباحثين. |
عموماً لا أنشغل بالحديث عن عمر وأسرته بالشيخ حمد المزروع الذي ضرب في حياته المثل الرائع في الدعوة لتصحيح المسار لدى الناس بالحكمة واللين والصبر. |
أتذكّر له موقفاً حين شرفت بالدراسة عليه في المرحلة المتوسطة لا أظنه يمحى من ذاكرتي بسهولة؛ حيث سأله أحد الطلبة سؤالاً لم يعرف الشيخ جوابه وقتها وأظن السائل حين سأل هذا السؤال كعموم الطلبة الذين قد يسألون المعلم لأهداف قد يكون من بينها إضاعة الوقت، لكن الشيخ المزروع لم ينس السائل وسؤاله، فتوفر لديه الجواب بعد فترة ليست بالقصيرة، فعاد إلى الطالب ولم يجده في الفصل وسأل عنه فقالوا إنه انتقل إلى مدرسة أخرى (!) فطلب مني مصاحبته إلى المدرسة الأخرى واستأذن لي بالخروج من مدير المدرسة آنذاك لإيصاله إلى المدرسة ليبرئ ذمته ويجيب على سؤال الطالب، وأنا وقتها لم يهمني كثيراً موقفه من إجابة السائل والبحث عنه، بقدر سروري بالخروج من المدرسة ووقت الدراسة وبمظلة نظامية (!) فذهبت بصحبته إلى المدرسة الثانية فذهب إلى مدير المدرسة وشرح له الموضوع كاملاً وطلب مقابلة الطالب، فكانت المفاجأة أنّ الطالب غائب ذلك اليوم، فوالله إنه طلب عنوان منزله وهذا ما حدث له بالفعل وذهب إليه في صبيحة ذلك اليوم في البيت وطرق الباب، وكان ذلك الطالب نائماً فأيقظه ورفض الدخول أو قبول دعوة الاستضافة، فخرج الطالب وعليه من آثار النوم الشيء الكثير فأجاب الطالب عن سؤاله، ثم عاد إلى مدرسته مسروراً بأنه برّأ ذمته وأجاب عن سؤال الطالب ولكن سروره لا يعادل بحال من الأحوال سروري بهذا الخروج من المدرسة في ذروة اليوم الدراسي (!) .. عموماً سقت هذه القصة لأروي للقارئ الكريم نموذجاً من علمائنا الكبار الذين يهمهم نشر العلم والإخلاص في ذلك، وبخاصة إذا علم القارئ الكريم أني وزملائي كنا في تلك المرحلة في الصف الثاني من المرحلة المتوسطة، فلسنا طلاباً في الدراسات العليا أو في مقاعد كلية الشريعة، وكان الشيخ المزروع يتعامل معنا على أساس عدم كتم العلم عن السائل .. رحم الله المزروع ووفّق أبناءه وذريته إلى كل ما فيه خير. |
فاكس: 2092858 |
|