كنتُ في إحدى العيادات الطبية لإجراء بعض الفحوصات، وبعد انتهاء الكشف السريري وجَّه إليَّ الطبيب سؤالاً مباشراً: هل تدخن؟ فقلت له: لستُ مدخناً - بحمد الله -، بل إنني ممن يسعون إلى المشاركة في محاربة هذه الآفة وبيان أضرارها على الأفراد والمجتمعات صحياً واقتصادياً. ولقد كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة لي عندما أخبرني الطبيب بأن أكثر من (70%) من المراجعين لعيادته لإجراء الفحوصات الطبية هم من المدخنين، بل أفاد بأن غالب هؤلاء في مرحلة الشباب والنضج.
إن كثيراً من الدراسات تؤكد أن التدخين أصبح مشكلة عالمية عامة تسبب آثاراً سلبية في شتى المجالات الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية؛ مما يؤدي إلى الإدمان والقضاء على الملايين من البشر سنوياً، بغض النظر عن أشكال التدخين أو أعمار المدخنين. إن للتدخين أضراراً كثيرة وكبيرة خاصة على المدخنين في سن مبكرة، حيث يلحق أضراراً كبيرة بالرئتين والقلب مما يتسبب في الإصابة بالسرطان؛ إذ إن نسبة (80 - 90%) من حالات سرطان الرئة ناتجة عن التدخين، إضافة إلى ضيق التنفس وزيادة معدل ضربات القلب، ووجود الرائحة الكريهة، وكذلك التأخر عن مجاراة الأصدقاء في ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية. كما أن للتدخين أضراراً على النساء والحوامل؛ حيث يؤدي إلى زيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسرطانات خصوصا سرطان الثدي، ويؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث الإجهاض وحالات النزف وانزلاق المشيمة والولادة المبكرة وتسمم الحمل، ويؤدي إلى تناقص وزن الجنين، ويزيد من إمكانية حدوث هشاشة العظام.
ولقد بذلت العديد من الجهات الحكومية والخيرية في مملكتنا الغالية جهوداً كبيرة في بيان أضرار التدخين والتحذير منه، من خلال إقامة العديد من الأنشطة والبرامج لبيان آثاره الصحية والاقتصادية على الفرد والمجتمع. إن أرقام المدخنين تعد مخيفة، وتحتاج إلى بذل الكثير من الجهود في سبيل التقليل من المدخنين في المجتمع السعودي، وذلك بتكاتف الجهات ذات العلاقة في هذا الجانب. ومن هنا، فإن وزارة التربية والتعليم تقع عليها مسؤولية كبيرة في هذا الأمر؛ وبالتالي فإنه لا بد من بيان مخاطر التدخين المتعددة لطلاب وطالبات التعليم العام، من خلال إقامة اللقاءات التوعوية والتحذيرية المتنوعة مع الأطباء الذين كثيراً ما يشيرون إلى أن الدخان سبب رئيس للإصابة بالعديد من الأمراض. كما أن الإعلام بأنواعه المختلفة تقع عليه مسؤولية أخرى في التحذير من الدخان وبيان أضراره، وذلك من خلال عمل التحقيقات المختلفة في وسائل الإعلام المتنوعة.
ولأن شريحة المدخنين من فئة الشباب تعد عالية؛ فإن الرئاسة العامة لرعاية الشباب يجب أن تقوم بدورها في محاربة التدخين وبيان أن الرياضي المحافظ يتفوق على غيره، وذلك من خلال إقامة المسابقات وطباعة المطويات التوعوية التي تحذر من التدخين وتدعو إلى الإقلاع عنه، واستغلال ساعات الملاعب في هذا الجانب. كما لا بد من إسهام القطاع الخاص من خلال إنشاء عيادات مكافحة التدخين في أنحاء مملكتنا الغالية؛ وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة أو الجمعيات المعنية.
إن شبابنا وشاباتنا أمام آفة خطيرة، وإن لم نسع لتحذيرهم منها وبيان خطرها، فإنهم قد يقعون بها دون أن يشعروا وذلك من باب المباهاة ومجاراة الأصدقاء، وإشعار من حولهم بأنهم كبار يفعلون ما يريدون!!
وأخيراً، فإن العنوان (اتركوه) هو شعار المسابقة التي تقيمها اللجنة الثقافية والاجتماعية بنادي الشباب للتحذير من التدخين بالرسم والكتابة، وترعاه إعلامياً صحيفة الجميع جريدة الجزيرة.
أستاذ المناهج المشارك بجامعة الإمام
alelayan@yahoo.com