ندِمْتُ مرتين:
- حين لم أعلم بعارض المرض الذي ألمَّ بأخي الأكبر الإنسان بكل معاني الإنسانية الأستاذ الدكتور راشد المبارك، لأظفر بأجر الزيارة ولو عبر الوسائل الحديثة كي أشاطره آلامه آسياً ومواسياً ومتألماً لما ألمَّ به، والتفاف المعارف نصف العلاج، فالمريض تكبر في عينه الأشياء، ويحس بفراغ ممل، لا يملؤه إلا التواصل بين المحبين، وحق أخينا علينا كبير، وهو صحيح شحيح، فكيف إذا انتابه المرض، وأضاف إليه الغربة للعلاج.
- وحين احتفى به الأحاديون وأنا منهم ولم أدر بالمناسبة إلا بعد أن غطيت إعلامياً في صحيفة (الجزيرة) السباقة لتغطية مثل هذه المناسبة، وحسناً فعل الإخوة، فالرجل أهل للتكريم قبل هذه المناسبة، وهو حين عاد إلى موقعه سالماً معافى، ليستأنف نشاطه قمين بإبداء مشاعر الفرحة.
لقد كنت أحد المكرمين بالأحدية، وأحد المشاركين والرواد، وكانت من روافد الثقافة ومؤسساتها الأكثر انفتاحاً واستيعاباً لكل الخطابات، نضيق ببعض حراكها ونسعد بالبعض الآخر، ولكننا لا نجد بداً من الإكبار، وصاحبها بما وهبه الله من ثقافة عميقة وشاملة وبما هو عليه من رحابة صدر واستشراف للمستقبل أضفى عليها من القيم ما جعلها من أفضل المنتديات وأعرقها، وأكثرها حضوراً واستيعاباً لكل الخطابات، وبلادنا بإمكانياتها الحسيَّة والمعنوية رَحُبتْ لمثل هذا المنتدى الحضاري بكل المقاييس، وظاهرة الصالونات والمنتديات، من الظواهر الحضارية، ونظرة المجرب تقف عند الكيف لا الكم، إذ ما أكثر المنتديات الشكلية التي لا تضيف شيئاً للمشهد الثقافي والفكري، وكل المؤمل أن يتوفر العائد من المشافي على ما كان عليه من طاقة وحيوية ليستأنف نشاطه المعهود، باعثاً الطمأنينة في نفوس محبيه وملتحماً مع المنتديات الأخرى في عاصمة العروبة والإسلام رياض المبادرات والإسهامات، قادراً على طرح خطابنا الإسلامي وسط ضجيج الخطابات. فله منا الدعاء الصادق في أن يسبغ عليه نعمه الظاهرة والباطنة وأن يستعمله فيما يرضيه، فحق ديننا ووطننا وقادتنا وأمتنا علينا النُّصح، وبذل المجهود، والتيسير، والأُحَدَيَة خير من يندب لمثل هذه المهات الجسام.