Al Jazirah NewsPaper Friday  11/04/2008 G Issue 12979
الجمعة 05 ربيع الثاني 1429   العدد  12979
كليات الهندسة للطلاب فقط!
د. منصور بن ناصر الجديد(*)

بلغ عدد سكان المملكة من السعوديين، وفقاً لآخر إحصائية لعام 1425هـ (2004م) حوالي 16.53 مليون نسمة، منهم 8.33 ملايين ذكوراً يمثلون ( 50.4%) و8.2 ملايين إناثاً يمثلون (49.6%)، وتشكل فئة الشباب والشابات الفئة الغالبة في تركيبة المجتمع السعودي الذي يعتبر تحدياً لتبني المناهج التعليمية المبتكرة، وإيجاد الأساليب التدريبية المتميزة لتتماشى مع متطلبات الحياة العصرية، ولسد حاجة سوق العمل والحد من نسبة البطالة مما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني. واذا استمرت نسبة النمو السكاني على الوضع الحالي، فإن عدد سكان المملكة سيصل إلى حوالي 45 مليون نسمة بحلول 2040م حسب إحصائيات الأمم المتحدة.

بالنسبة لأعداد المهندسين في المملكة قليلة مقارنة بحجم المشاريع التنموية القائمة حالياً، حسب الدراسة التي قام بها المهندس بدر عبد الله بن محفوظ، تشير إلى حاجة المملكة إلى 200 ألف مهندس خلال السنوات القادمة، بينما لا يتجاوز عدد المهندسين في الوقت الحاضر عن 26 ألف مهندس، مما يسبب أزمة تواجه القطاع الهندسي في المستقبل. وأشارت عينة من الدراسة أيضاً إلى أن هنالك معدل 126 مهندساً لكل 100 ألف شخص في المملكة، بينما في ألمانيا على سبيل المثال يوجد 5500 مهندس لكل 100 ألف شخص.

ولعدة سنوات؛ ظل العمل بسبع جامعات، منها أربع كليات تحتوي على التخصصات الهندسية مقصورة على الطلاب فقط، ثم افتتح العديد من الجامعات حتى وصل العدد إلى عشرين جامعة، منها 15 جامعة تمنح - أو ستمنح - شهادة الهندسة وللطلاب فقط. وحيث إن المملكة تمر في فترة عمرانية من بناء المدن الاقتصادية والصناعية والمعرفية والمدن الجامعية تحتوي على المستشفيات التعليمية بالإضافة إلى مستشفيات وزارة الصحة وإنشاء البنى التحتية والعديد من المدارس في جميع مناطق المملكة، فإن هذه الطفرة العمرانية يجب أن تواكبها زيادة في أعداد المهندسين لسد الفجوة والمشاركة في عملية البناء والإعمار. فإذا نظرنا إلى نسبة التعداد السكاني، فإن نسبة كبيرة من الإناث ليس لهن فرص الانخراط في التخصصات الهندسية، بالرغم من وجود تجربة فريدة عندما قامت جامعة الملك فيصل بالدمام قرابة ربع قرن بفتح باب القبول للطالبات في تخصص التصميم الداخلي التابع لكلية العمارة والتخطيط بالدمام، حيث واجهت الجامعة في البداية الكثير من الانتقادات والتحفظات على فتح هذا التخصص من بعض أفراد المجتمع وأعضاء هيئة التدريس من الجامعة، فقد أثبت القسم على مدى 25 سنة بتخريج نخبة متميزة من الطالبات في هذا التخصص، وأصبح لهن دور مميز في التصميم الداخلي وساهمن في خدمة المجتمع حتى وصلت أعمالهن خارج المملكة مما ساهم في تحويل القسم إلى كلية التصاميم الداخلي التي تنفرد الجامعة به من بين جميع جامعات المملكة الحكومية والأهلية.

عملية التعليم تعتبر من المهام المتيسرة التي مرت بعدة مراحل خلال العقدين الماضيين، بسبب ظهور الحاسب الآلي وتطوير تقنية الاتصالات عبر شبكة الانترنت التي فتحت آفاق التعليم على مصراعيه بإيصال المعلومة بعدة وسائل منها المكتوبة أو الصوتية أو بالصورة، حيث أصبح إنجازاً تقنياً فريداً قرب المسافات وألغى القيود على الزمان والمكان، وأصبح العالم قرية صغيرة لتحقيق ونشر التعليم، وهو من أهم متطلبات العصر.

إن تقنية المعلومات والاتصالات من الوسائل التي يمكن تسخيرها في مجال التعليم والتي فتحت العديد من البوابات مثل التعليم عن بعُد (Distance Learning) والفصول الذكية(Smart Classes) والسبورة السوداء (Blackboard) ووب سي تي (Web Course

Tools - WebCT) والتعليم التفاعلي (Interactive Learning)

وبعض البرامج الجاهزة المتوفرة في الأسواق، كما يوجد تقنيات الحاسب الآلي المتطورة من البرمجيات مثل الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) والواقع الافتراضي (Virtual Reality) وغيرها التي تساهم في هذا المجال.

كل هذه المميزات التقنية الحديثة يمكن الاستفادة منها في جعل التعليم الالكتروني وسيلة لتفعيل مشاركة مسيرة المرأة في التعليم بما فيه التعليم الهندسي، والذي لا يتعارض مع قيمنا العربية والإسلامية. والمملكة تمر بطفرة عمرانية، وضعت ضمن استراتجياتها الاعتماد على العنصر البشري كأساس في التنمية فلا بد من إيجاد أفضل ما يتناسب مع تعليم الطالبات في التخصصات الهندسية؛ حيث إن كثيراً من التخصصات في المجالات الأخرى لا تلبي احتياجات السوق، بل يضيف عبئاً على الاقتصاد الوطني ويزيد البطالة. لذا يستدعي النظر في إعادة صياغة النظام التعليمي المتبع للطالبات عن طريق إحداث تغير لتطوير النظام والتركيز على العنصر البشري من الطالبات. فهنالك العديد من التخصصات الهندسية يمكن أن تشارك الطالبات فيها على سبيل المثال لا الحصر، هندسة الحاسب الآلي وهندسة الأجهزة الطبية وهندسة الإلكترونيات وهندسة تقنية النانو والهندسة الكيميائية والهندسة المدنية في مجال المواد وتصميم الإنشاءات عن طريق البرمجة وغيرها من التخصصات. كل هذا يساند ويدعم ما جاء بسياق الاستراتيجية لخطة التنمية الثامنة لفترة 1425 - 1426هـ إلى 1429 - 1430هـ والتي تهتم بشئون المرأة عن طريق تطوير قدراتها والمساعدة في إزالة المعوقات أمام مشاركتها في النشطات التنموية.

إن التخصصات الهندسية كثيرة ومتعددة ويحتاج المجتمع للاستفادة من اليد العاملة الماهرة في هذا المجال، فخلال مسيرة تعليم الطالبات في التخصصات الطبية وغيرها، كان لهن دور في تقدم مسيرة التعليم وخدمة المجتمع. نتطلع إلى إمكانية إعادة النظر في فتح المجال أمام الطالبات للانخراط في الكليات الهندسية الجديدة أو القائمة، وإيجاد التخصصات التي تتناسب مع وضع الطالبات مع المحافظة على قيم الأسرة والمجتمع وتعاليمنا الإسلامية.

هذه دعوة للجامعات الحكومية والأهلية بإيجاد رؤية واضحة ووضع إسترتيجية كاملة وتخطيط دقيق وأخذ زمام الأمور والمبادرة في فتح أبوابها للتخصصات الهندسية، لتكون المرأة رائدة في هذا المجال ليساعد - إن شاء الله - في دعم الاقتصاد الوطني ويساهم في تقليل البطالة.

(*) المشرف العام على إدارة المدينة الجامعية بالدمام - جامعة






الملك فيصلmnjadid@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد