Al Jazirah NewsPaper Friday  11/04/2008 G Issue 12979
الجمعة 05 ربيع الثاني 1429   العدد  12979
المؤشر يتعقل في الاستجابة لصعود القياديات وتلاشي تأثير الإنماء
بوادر حراك استثماري شامل في أركان السوق مع الهيكلة الجديدة

أغلق السوق هذا الأسبوع رابحاً 321 نقطة عن مستواه في الأسبوع الماضي.. وقد تمكن السوق هذا الأسبوع من اجتياز الأسبوع الأول لتطبيق الهيكلة الجديدة للسوق بنجاح، وهي الهيكلة التي كانت تثير مخاوف كبيرة بين المتداولين.. بل إن الاختبار الصعب هذا الأسبوع كان اختبارين؛ لأن السوق كان عليه أن يتجاوز تجربة الهيكل الجديد، وأيضا عليه أن يتخطى الأيام الأولى لطرح مصرف الإنماء الذي انطلق يوم الاثنين الماضي. وقد انطلق المؤشر في رحلة صعود قوية في يومه الأول للهيكل الجديد، كما أبدى تماسكا في اليوم الأول لطرح الإنماء.. بشكل أظهر تعاطفاً وارتياحاً مع خطط الهيئة لأنظمتها الجديدة التي تمكنت من تفتيت مقدرة أي من المشاركين في السوق على التأثير أو اختلاق استجابة حقيقية أو شكلية في المؤشر.. بل إن إحدى إيجابيات هذا الأسبوع الأول هو ما شهده في اليوم الأول؛ حيث صعدت سابك بنحو 7%، ورغم ذلك لم يتأثر المؤشر سوى بنحو 2.5%.. بشكل أبدى تعقلاً استثمارياً.. وهو ما يثير التساؤل حول: هل انتهى عصر السوق الأحادي؟ ومن جانب آخر، فقد أثيرت مشكلة ارتباط بعض الشركات المحلية بالاستثمار في السوق العالمي، بشكل ألقى بظلاله بشكل حقيقي على أداء هذه الشركات..

سباق الأرباح والخسائر بين الشركات الجديدة والشركات القديمة:

أعلنت نتائج أعمال بنكي الرياض والبلاد، وهما مثالان للشركات القديمة والجديدة.. فقد حقق بنك الرياض نمواً طفيفاً جداً في أرباح عملياته بنسبة تقل عن 1%، في حين حقق بنك البلاد نمواً في دخل عملياته وصل إلى 30%.. وهو ما يدلل على أن كل شركة جديدة أو أنشئت خلال السنوات الثلاث الأخيرة من المحتمل أن تمتلك قدرة أعلى على إحراز الربح عن تلك الشركات القديمة التي أنشئت في فترات سابقة.. ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل من أبرزها التطور الإداري، وتبني الشركات الجديدة لأساليب إدارية مبتكرة تغاير تلك الأساليب التي تصر على اتباعها الكثير من الشركات القديمة حتى الآن.. أيضا عنصر مرتكزات الربحية، حيث إن الشركات الجديدة تم تخطيط مرتكزاتها للربحية بناء على التحديات الموجودة حالياً، ومن ثم تم تصميم هذه المرتكزات حسب سيناريوهات حذرة تستطيع التعامل مع التحديات والصعوبات الموجودة في البيئة المحلية والعالمية الآن.. في حين أن الشركات القديمة تم تخطيط مرتكزاتها بناء على أوضاع اقتصادية أكثر تحسناً، ومن ثم فإن نجاحها في السابق اعتمد على سيناريوهات أكثر تفاؤلاً وأكثر دعماً، وهي الآن تواجه صعوبات جمة نتيجة عدم تمكن كثير منها من تكييف أوضاعها مع المستجدات الجديدة محلياً وعالمياً.

بدء الإعلان عن خسائر لشركات ترتبط بالسوق العالمي:

أعلنت شركة التعاونية للتأمين عن إحرازها انخفاضاً جوهرياً في الأرباح (حققت 21 مليوناً عن الربع الأول من العام الحالي مقابل 121 مليوناً للعام الماضي لنفس الربع)؛ نتيجة خسائر في استثمارات الشركة في الخارج بنحو 82 مليون ريال نتيجة أزمة السوق العالمي، وأيضا نتيجة زيادة المطالبات بنسبة 30% (حسب إعلان الشركة). ولعل هذه النتيجة تمثل سلسلة متصلة من انخفاض الأرباح الذي ابتدأته الشركة في الربع الأول من العام الماضي؛ حيث إن الشركة حققت 131 مليون ريال أرباحاً عن الربع الأول لعام 2006، انخفضت إلى 121 مليوناً للربع الأول في عام 2007، ثم انحدرت إلى 21 مليوناً للربع الحالي من عام 2008. إلا أن الغريب هو أن الشركة كانت قد أعلنت في العام الماضي أيضاً عن تراجع إيرادات الاستثمارات بنسبة 57%، رغم أنها لم تحدد أنها ترتبط بالسوق العالمي آنذاك. كما ربطتها آنذاك بزيادة المطالبات بنسبة 32% أيضاً.. ولكن هل التعاونية للتأمين فقط هي الشركة الوحيدة التي ترتبط بالسوق العالمي؟ أم أن هناك المزيد؟ وهل يمكن لبعض الشركات ألا تعلن عن السبب الحقيقي وراء خسائرها؟ ولماذا جاءت (أو يتوقع) هذه الخسائر ضخمة؟ الشاهد أن كافة الشركات التي تتاجر بالأموال في السوق السعودي (مثل البنوك وشركات التأمين وأيضاً بعض الشركات التي تعمل بنظام المتحصلات المتراكمة) يتوقع أن تحرز خسائر متفاوتة نتيجة أزمة الرهن العقاري بالولايات المتحدة، وذلك سواء أكانت تستثمر مباشرة بأمريكا أو أوروبا.

الخروج عن شرنقة الدعم الاحتكاري يضع العديد من الشركات الكبيرة في مهب الريح:

إنّ التساؤل الذي يفرض نفسه: لماذا جاءت نتائج أعمال بعض الشركات الكبيرة ليس كما ينبغي خلال هذه الفترة؟ إنّ بنوكاً ثم إحدى شركات الاتصالات ثم التعاونية ثم بعض الزراعيات بدأت تحقق نتائج ليست مقبولة مؤخراً.. ولا يوجد تفسير لذلك سوى بأن هذه الشركات كانت تعمل في سياق احتكاري يقوم على كونها الشركات الوحيدة المنتجة في السوق، وكانت تلقى كل الدعم الحكومي إما بطبيعة نشأتها الحكومية أو لأنها كانت تمثل الدولة.. ثم بدأ سوق هذه الشركات يتحرر، وبدأت تدخل السوق شركات أخرى محلية أو أجنبية، إلا أن هذا الدخول اقترن بفترة يمر فيها الاقتصاد العالمي ككل ليس بأزمة واحدة ولكن بأزمات عديدة، وبالتالي فإن هذه الشركات أصبحت تواجه مشكلتين: الأولى: المنافسة في الداخل، وتحديات السوق العالمي في الخارج.

تداول الأفراد بالاعتماد على الذاكرة بات خطيراً على عوائدهم الاستثمارية:

إنّ نظام أسواق الأسهم والتعامل فيها يقوم في كل دول العالم على وجود الوسيط أو السمسار المتخصص والمتفرغ للقيام بهذه المهمة الصعبة والمعقدة.. وقد كان حتى الماضي القريب لا توجد هذه القناعة في السوق السعودي نتيجة اعتياد المستثمرين الأفراد وعشقهم بالقيام بهذه المهمة، بل ومقدرة نسبة منهم في الحقيقة على القيام بها على الوجه المرضي.. وقد كان النظام القديم للتداول يساعد على ترسيخ ذلك من خلال ضيق أفق السوق والمؤشر، بل وصغر عدد الشركات التي كانت لا تزيد عن 78 شركة، وصغر عدد القطاعات التي كان المستثمرون يسيطرون عليها في أذهانهم.. بل ويسهل عليهم امتلاك وتحليل كافة المعلومات المرتبطة بها.. أما في ظل النظام الجديد فقد كثر عدد الشركات وزاد عدد القطاعات وتزايدت الأخبار والمعلومات عن السوق والشركات؛ الأمر الذي أصبح يحتم اللجوء إلى المتخصص المتفرغ الذي يمتلك القدرة على تحليل كافة المعلومات والأخذ بكافة الاعتبارات لبناء القرار الاستثماري الصحيح بعيداً عن العاطفة أو التسرع أو تبسيط الأمور أو غيرها.. أي لا مفر من التوجه إلى الوسطاء المرخص لهم.

القطاعات الاستثمارية الوليدة ومستقبل السوق:

من أبرز إيجابيات الهيكل الجديد أن أسهماً عديدة اعتدنا على تحقيقها لخسائر تحولت الآن إلى حظيرة الرابحين، وبقوة لبعضها.. فعلى سبيل المثال قطاع الخدمات الذي كان يصنف على أنه قطاع مضاربي، انبثق الآن عنه عدة قطاعات استثمارية أحرزت خلال الأسبوع الأول أرباحاً مرتفعة، فها هو قطاع التشييد والبناء صعد 5.6%. بل لدينا قطاعا التطوير العقاري والنقل واللذان رغم خسارتهما هذا الأسبوع إلا أنهما يمكن أن يرتدا بسهولة في المستقبل القريب.

محلل اقتصادي


hassan14369@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد