Al Jazirah NewsPaper Friday  11/04/2008 G Issue 12979
الجمعة 05 ربيع الثاني 1429   العدد  12979
السياسة الإيرانية بين الغموض والشفافية
د. علي بن هلهول الرويلي

إذا أردت أن تعرف بعض استراتيجيات أو أهداف دولة ما عليك أن تراقب ما يصدر من قادتها ومسؤوليها من تصريحات، كما أنه أيضاً إذا أرادت دولة ما أن تكشف عن سياساتها وتعبر عن شفافيتها فلا بد لها من استخدام تصريحات مسؤوليها كأحد الوسائل الرئيسية للتعبير عن سياساتها المعلنة.

ولعل الجمهورية الإيرانية إحدى تلك الدول التي تستخدم هذا الأسلوب، إلا إن المتتبع للتصريحات المتناقضة والصادرة من القيادات الإيرانية على مختلف مستوياتها سيتبين له بما لا يقبل مجالاً للشك أن هناك تناسقاً وتناغماً في إيقاع هذه السياسة المتناقضة بين مستويين من القيادة، فقيادة المستوى الأول والمتمثلة في فخامة رئيس الجمهورية أحمدي نجاد وهو يحذر من الاعتداء على كل من سوريا ولبنان وأن من يعتدي عليهما يعتبر اعتداء على إيران يجب التصدي له. كما يهدد إسرائيل بإزالتها من الوجود لاحتلالها أراضٍ فلسطينية، ويعلن وقوفه ودعمه حماس، حيث إن الغرض من تلك التصريحات استهداف العامة والبسطاء في الشارع العربي وتصوير الموقف الإيراني كداعم للقضايا العربية. ولكنها في الواقع تصريحات نصفها كما يصفها المثل العربي (كلمة حق أريد بها باطل) خصوصاً عندما تكشف النقاب عنها تصريحات المستوى الثاني من القيادة، والتي تبرر أحياناً بأنها تأتي في سياق الشفافية وحرية الإعلام كما يزعمون، فكيف يمكن الجمع بين تصريحات الرئيس الإيراني ومزاعمه في الحفاظ على الحقوق العربية والإسلامية مع تصريحات الناطقين باسم الحكومة الإيرانية كل من حسين شريعة مداري وغلام حسين الهام وحميد آصفي، واللذين أجمعوا على أن الجزر الإماراتية طنب الصغرى، وطنب الكبرى، وأبو موسى هي جزر إيرانية إلى الأبد، وإن الخليج العربي هو خليج فارسي غير اسمه بمؤامرة صهيونية كما يزعمون، وأكدها وزير خارجية إيران السيد منو شهر متكي الذي حضر مؤتمر القمة العربي العشرين الذي انعقد بدمشق في مارس 2008م بأن الجزر الإماراتية هي جزر إيرانية إلى الأبد مضيفاً أنه على العرب تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، وكأن الاحتلال الإيراني للجزر أخف وطأة من الاحتلال الإسرائيلي، مما أوقع الوزير في خطأ استراتيجي وهو أن وضع الدولة الجارة المسلمة في مستوى إسرائيل المحتلة لأراضٍ عربية. وبالرغم من أن القمة العربية قد صاغت إعلان دمشق بأسلوب دبلوماسي، وذلك نزولاً عند الرغبة السورية وحتى لا يثار الغضب الإيراني فقد كتبت الفقرة التي تنص على الاحتلال الإيراني للجزر على النحو التالي (.... تشجيع الاتصالات الجارية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية لحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى عبر الإجراءات القانونية والوسائل السلمية لاستعادة الإمارات لهذه الجزر حفاظاً على علاقات الأخوة العربية الإيرانية ودعمها وتطويرها.....). وهنا نتساءل ما هو الهدف من حرص إيران على تلبية الدعوة لحضور القمم العربية!؟ هل هو لتنسيق السياسات وترسيخ العلاقات البينية الإيرانية العربية، أم لجمع المعلومات الاستخبارية ومعرفة ما يفكر به القادة العرب للتعامل مع أبعادها المحلية والإقليمية وما يتفق مع أجندتها في تنفيذ استراتيجياتها الإقليمية.

فإذا كانت إيران تبني استراتيجية علاقاتها مع الدول العربية على تبادل الأدوار وتصريحات مسؤوليها التي تتراوح بين التهديد والتهدئة في استراتيجية سياسية تتراوح بين الشفافية والغموض، وهي بذلك تحاول أن توصل رسالة لدول المنطقة لبلوغ أهدافها المكشوفة، في هذه الحالة لابد للدول العربية أن توصل هي الأخرى رسالة إلى جارتها إيران بأن استراتجياتها خاطئة وأنه لا يمكن أن يكتب لها النجاح وأن لدى العالم العربي خيارات استراتيجية مضادة يمكن مجابهتها إذا تجاوزت إيران حدود الجيرة والاحترام المتبادل من خلال العوامل المحلية والإقليمية التالية:

1- عدم نجاح إيران في استخدام البعد المذهبي الطائفي وإدراك إخواننا الشيعة والسنة العرب في الجنوب العراقي أهداف إيران القومية.

2- بدأ التذمر يجتاح الشعب العراقي من أقصى شماله لأقصى جنوبه ضد الدور الإيراني في العراق.

3- على إيران أن تفهم أنه ليس من الحكمة أن تبني استراتجياتها على استعداء 400 مليون عربي مسلم تكون هي الخاسر الأكبر فيها.

4- وعليها أن تدرك أيضاً أن لدى العرب أوراق يمكن لهم استخدامها ومن أهمها قضية عرب الأهواز هذه الإمارة العربية، والتي تقع على الشاطئ الشرقي للخيلج العربي والتي تحتوي على كميات كبيرة من النفط وتضم أهم الموانئ الإيرانية في خليج الأهواز، إضافة إلى كثير من الأوراق المحلية والإقليمية والتي تعلمها إيران علماً جيداً.

باحث استراتيجي



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد