- إن النفايات - أعزكم الله - لم تعد مقتصرة على ما لسنا بحاجته من الأمور التي نستهلكها ثم نقوم برميها بعد أن ننتفع من مضمونها، إنما امتدت تلك النفايات لتلتهم ما نحن بأمسِّ الحاجة إليه، إلا وهي ثمرات العقول التي أثمرت بعد سهر الباحثين وعكوف الدارسين.
- حدثني أحد الزملاء أنه عند دراسته بإحدى الجامعات رأى - وعلى محض الصدفة وبمشيئة الله - غرفة موحشة فانجذب نحوها بدافع الفضول وحب الاستكشاف، ويقول: عندما اقتربت فإذا بي أرى الكارثة التي صُدمت على أثرها؛ فعند دخولي لتلك الغرفة لم أستطع التحرك بسهولة لتناثر الأوراق وكثرتها وتراكمها بعضها فوق بعض؛ فأخذت أتجول ببصري يمنة ويسرة؛ فرأيت أعمالاً طلابية راقية وبحوثاً علمية تستحق القراءة وتلخيصاً لأمهات الكتب العربية، وبحوثاً تناقش عدداً من القضايا الدينية والأدبية... إلخ.
- فهل وصلنا إلى مرحلة تجعلنا حقاً نستغني عن جهودنا؟ أليس من الأفضل استغلال مثل هذه الجهود لنختصر من خلالها الوقت ونسير العقول الجديدة إلى أبحاث لم يتطرق إليها سابقوهم؟ أليس الأحرى بتلك البحوث طباعتها على هيئة كتاب ينتفع منها من هو معاصر ومن هو قادم؛ فتكون دافعاً لمن يريد القيام بأي عمل بحثي؟ وكيف ننتظر إثراء المكتبات العربية ما دام الكاتب يعلم أن مصير ما سوف يكتبه هو تلك الغرفة أو شبيهاتها من الغرف، وأن بنات أفكار المؤلف والباحث سوف تكون مأسورة خلف القضبان وحبيسة لأربعة جدران؟
y.albhijan@hotmail.com