** حين انطلقت ألسنتنا.. وتجاوزنا اللثغ.. وبدأت أقدامنا تقوى على السير في دروب هذه الحياة.. ونجتاز بها الأزقة دون عونٍ من أحد.. دون أن نلجأ إلى الاتكال على أحد في خطواتنا.. كان بيننا مَنْ يغرس فينا قيماً.. مبادئ.. سلوكيات ويلقننا الكثير من العادات الجميلة والأعراف التي اكتسبوها من محيطهم الاجتماعي النقي.. لقنونا إياها كي نصير (رجالاً) إن أخذناها وعملنا بها.. ترسخ في أذهاننا الكثير.. الكثير منها وأصبحت أموراً رئيسةً نلتزم بها إلى يومنا هذا.. كنا نلتزم وبصرامة.. نتحاشى الوقوع فيما (يعذربنا) بين محيطنا.
** أمور كثيرة نُبهنا على أن ليس فيها من الرجولة شيء.. ويجب أن نتجنبها.. إن مارسناها تصبح مشينة بحقنا.. ونصبح محل توبيخ وتأنيب من القاصي والداني.. كل من في محيطنا الاجتماعي يرى أن كل واحد فينا بينهم هو ابنه ويجب أن يحظى برعايته وتوجيهه ونصحه.. ونحن نرى من زاويتنا أن كل من هو يكبرنا سناً بمثابة موجه ومربٍّ ونطيع كل أمر ونتقبله بصدر رحب ونصغي لكل كلمة توجيهية دون تململ.
** قبل أيام.. كنت في أحد صالونات الحلاقة (لقص شعر رأسي) لا (لأتمكيج) كما هو دارج وللأسف في كثير من هذه المحلات هذه الأيام.. التي استجابت لرغبة (جيل) يتباهى بأصباغه وألوانه وكأننا في سباق (مزاين).. صرعة جديدة.. تشاهدها ولا تقوى على أن تقول كلمة.. قد سمعت كثيراً عنها ولكنني أردت أن أتأكد بأم العين فكانت الصورة المحزنة والمؤسفة والمقلقة على جيل صرف جل اهتمامه بمكياج السهرة وحفلة العرس ومن أشكال يندى لها الجبين.
** الجمال هبة من الخالق سبحانه.. لكن البعض من شبابنا أصلحهم الله يريدون الظهور بشكل يلفت النظر حتى ولو بمظهر الخزي.
* البعض يحف (الشنب) حتى يظهر وكأنه في سن الثامنة عشرة مع توريد الخدود وترطيب الشفاه.. ومن ثم يلتفت على هندسة الذقن ويرسمها وكأنها قد خُطت بمرسام ويحددها مع إبقاء الشعر كثاً.
* يرون في هذا تجديداً في الشخصية والحصول على المظهر الشبابي والحيوية.. من حقهم أن يفعلوا (كما يقول البعض).. لأنهم يعتبرون ذلك تدخلاً ممن هو مثلي في شأنهم الشخصي.. هم يرون ذلك.. ولكن أَليس هناك من ولي أمر ينصح ويوجه ويرشد أم أن زماننا اليوم افتقد أولئك الذين زرعوا فينا كل ما هو جميل.
* نحن اليوم نتعايش مع (معط الشوارب) وترك شعيرات (السوالف) تتدلى وكأنها ملونة بقلم الرصاص وتهدل خصلات الشعر من (العنقر) وتجديلها ضفائر متخللةً قبعات ملونة وثوباً مخصّراً.