في ليلة الخميس الموافق 12-3-1429هـ افتقدت إدارة الشؤون الدينية للقوات المسلحة أحد رجالها المخلصين ودعاتها العاملين أحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً، ذلكم هو الشيخ الدكتور عايض بن فدغوش الحارثي، لقد زاملته في هذه الإدارة أكثر من خمسة عشر عاماً، فكان نعم الأخ المحب والزميل الناصح، لقد وهبه الله تعالى خصالاً حميدة قل أن تتوفر في غيره، فهو رحمه الله ذو علم غزير وأدب جم وتواضع ولين جانب، يبذل جاهه وماله لمنفعة إخوانه المسلمين، فلم أجده يوماً يتردد عن الشفاعة الحسنة لأحد من الناس، بل كان حريصاً على الذهاب بنفسه لقضاء حوائج من يأتون إليه في بيته ومكتبه، إننا لنعجب من صبره وتحمله وحسن معاملته لكثير من الناس الذين يترددون عليه في البيت والمكتب والمسجد بل وحتى في الطريق للإجابة على أسئلتهم وحل مشاكلهم المختلفة، فهو يصغي إليهم ويلاطفهم وحسن استقبالهم ولا يضن عليهم بوقته وجهده حتى لو كان متعباً أو شاكياً.
لقد أمضى سنوات طويلة من حياته في طلب العلم الشرعي في المعهد العلمي ثم في كلية الشريعة حتى نال درجة الدكتوراه في الفقه, لم يكتفِ بالدراسة النظامية وإنما كان يطلب العلم لدى كبار العلماء ومنهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ صالح الأطرم رحمهما الله وغيرهم من علماء هذه البلاد المباركة، وكان رحمه الله حريصاً على الالتزام بمنهج السلف الصالح مهتماً بالتوحيد، فكانت جل محاضراته وكلماته في بيان عقيدة السلف الصالح، حاثاً على الاجتماع على الكتاب والسنة محذراً من الفرقة والاختلاف، ولعل من أبرز محامده رحمه الله غيرته على العقيدة، ومحبته وصدق ولائه لولاة الأمر وفقهم الله، فكان دائماً يقول إن محبتنا لولاة الأمر دين ندين الله به.. وكان مجلاً ومقدراً لكبار العلماء يزورهم ويرجع إليهم في كثير من المسائل، ويحث دائماً على الارتباط بهم والالتفاف حولهم والصدور عنهم. لقد انتقل الشيخ عايض من هذه الدنيا بعد حياة حافلة بالعطاء في مجال العلم الشرعي والدعوة إلى الله وعمل الخير ومحبة الناس وغيرها من الأعمال التي نرجو أن تكون في ميزان حسناته، أسأل الله بمنه وكرمه أن يغفر له ويعظم أجره وأن يبارك في ذريته من بعده إنه سميع مجيب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.