ليست مفاجأة أن تنام وملء جوانحك ثقة في مصداقية صديق ثم بعد أن تستيقظ تفرغ جوانحك منها...
وليست مصادفة أن يتمزق نسيج قوة كانت لك مصدر اطمئنان في مواقف مختلفة من أناس اطمأننت ذات يوم لثباتهم...
وليست قضية خاسرة أن تأتيك قوافل الحياة من محطاتها العديدة في أوقات تختلف بوجوه كانت ذات يوم لأشخاص فوجدتها لغيرهم فيما غيبتهم في مرورها...
وليس عليك أن تكتئب لفَقْد الثقة في إنسان كنت قد عقدت رباطها في عنقه...
ولا عليك أن تحزن إذا وجدت اللغة التي تفهمها قد اعوجت بها ألسنة غيرك ممن تحسب أن بينكم لغة موحدة فأصبحت بينكم غربة...
فالذي عليك أن تتوقع أنك ستستيقظ يوماً لتجد جوانحك قد فرغت من الثقة... وألا نسيج يلمك بقوة مع مَنْ عرفت... وأن الإنسان متقلب ما كانت له أهواء فلا تطمئن لثباته المطلق... وأن اللغة التي بينك والآخرين قابلة للنحت والاشتقاق والقلب والإبدال...
وإن بنيت على وهم فأنت تخطئ في حقك...
وإن تماديت في ثقتك فأنت تظلم نفسك...
وإن تبدلت أنت فكنت في الجانب الآخر بالوجه الثاني فأنت تكون ضعيف العزم لأهوائك...
رخو البناء في مبادئك... مفرط في قيمك... متهاون بثباتك...
ستكون لغيرك وجهاً آخر تأتي به قوافل الزمن... تفاجئ غيرك بما لا يحبون... بمثل ما يمكن أن يفعلوا بك...
فالمحطات التي تفرغ القوافل الآتية... هي ذاتها التي تحمل منها التي تغادر...
بين استقبالك ومغادرتك...
توقع ولا تتوقع...
لكن كن أنت ما استطعت بما لا تريد أن تفاجئك به قوافل الزمن فيحزنك...
ليكون لك الآخر على مثله...
علَّ الحياة تمرق في يسر...
فالحياة محطة كبرى، والجميع راحلون.