أضحت قضية (التغيير) مشكلاً يؤرق كل
الناس.. تختلف قناعاتهم به وموقفهم منه.. وآليات
تعبيرهم عنه؛ باختلاف وعيهم ومرجعياتهم.. ومكونات
ثقافاتهم.. وقد جاء في سياقات يرى فيها بعضهم حلوله
كحتمية تفترضها الضرورة.. في عصر هو عصر (المتغيرات) بامتياز..
كما جاء في سياقات أخرى مُجابه بالرفض المطلق.. ومُستبق أو مُواكب بالعداء...
ومن (الموقفين) تمايزت التعبيرات فعلاً وقولاً..
بحسب أصالة الوعي وحنكة التطبيق والممارسة......
** أما (الجامعة) التي قصدتها.. فهي مؤسسة أكاديمية لها مجال اختصاصها
(المختلف) عن منظومة المؤسسات الأكاديمية الأخرى..
ولها مضمار عمل.. يغاير كذلك عمل مثيلاتها..
(الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة).. ظلَّت مخلصة
لأهدافها العلمية التي أنشئت من أجلها..
تضم طلبة من أكثر من (مائة وخمسين جنسية)..
كان هذا أبرز ما يميزها -.. وللفحوى والتفاصيل شأن آخر..-
** (رقم مذهل).. ظل في إطار ساكن لا يحيد عنه..
تأهيل علمي في اختصاصات الشريعة والفقه
والقرآن وعلومه والحديث والدعوة وقضاياها
واللغة العربية وآدابها..!
** منذ نشأتها.. وهي (شبه معزولة) عن محيطها القريب..
عدا تأهيل الطلبة السعوديين في التخصصات السابقة..
ولم يكن إسهامها في خدمة المجتمع.. بالصورة
التي يرضاها كل المتطلعين لمعنى خدمة المجتمع بمفهومه
الحقيقي الملموس..
نعم.. ظلت في شبه عزلة عن عمقها المحلي..
(مجتمع المدينة المنورة)
وفضائها الوطني المملكة العربية السعودية..
** حتى جاء مديرها الجديد (محمد بن علي العقلا)..
وارثاً تركة ثقيلة.. أسهم سلفه بإخلاص
في مراكمتها وفق قناعاتهم ورؤاهم.. فقدموا وأنجزوا الكثير..
دون أن يمس أداء ومخرج الجامعة (الذات - والأفكار)..
أو الجامعة (المؤسسة والكيان).. أياً من موجبات
التغيير أو التطوير.. وكان صنيع أولئك السلف الأجلاء..
صادقاً جديراً بالاحترام.. كأي (جهد إنساني)
يتصور فيه صاحبه السلامة والصواب.. ولكن فروض
الواقع و(متغيراته) وتطلعات المجتمع كانت أكبر من ذلك..
**.. (فروض) وعى.. (المدير الجديد) حجمها
وحتميتها.. فقدَّم صيغة للتغيير المتزن.. والتدرج المرن
في تقويض نمطية المألوف - في الذهن الجمعي
بكل مستوياته - عن الجامعة.. وبدأ في
الانفتاح الحميم والمسؤول.. على مجتمع المدينة المنورة
ونخبها المثقفة.. وطيفها الواسع المتعدد..
بخطوات فعلية.. لم تُسبق بوعود أو تمنيات أو دعايات..
بل برؤية إدارية واعية بمتطلبات المرحلة.. وإرادة عصية
على السكون.. أو الامتثال لوصايا الآخرين.. أو الانحباس في ظلالهم..
حداً جعل فعله حديث الناس..!
** ..فقد بدأ بمراجعة هياكل البرامج الأكاديمية
والخطط التعليمية والعلمية بالجامعة وكوادرها البشرية..
مجدداً ومطوراً في نظم ومسارات أدائها.. وشرع
في تنفيذ نشاط ثقافي واسع ومتنوع.. وتماس بالمؤسسات
العلمية والثقافية.. وتكامل مع أدوارها.. وأصغى
لمتطلبات مجتمعية وثقافية ملحة......... وأشياء أخرى
عرف (المدير الجديد) كيف يتعامل معها..
** ..(أسئلة) معتقة منذ سنين.. لم يجرؤ من قبله على
مقاربتها.... ولكنه جابهها.. وتجاوز شراكها الصعبة....
في سياق واع وفي إطار لم يخرج عن - أو يحرج المحددات
المؤسسية التنظيمية للجامعة ومجال اختصاصها..!
** .. ولعل أهم ما في (سيرة إنجازه) القصيرة نسبياً -
والتي تحتاج إلى مراكمة وامتداد لرصد نتائجها
ومخرجاتها بصدقية ومنهجية-: إنه يبدأ بالفعل.. ليترك
للآخرين التعليق والتقييم....................
** إن (فعلاً تغييراً) يأخذ هذا السمت.. ويتبنى
هذه الإستراتيجية.. جدير بالإشادة والاحترام والتقدير
وإن أملا يحدو (أهل المدينة).. ظل حبيس الضمائر
والأذهان.. حقيق بأن يترسم أفقاً لتحققه
على يد هذا المدير والرجل النبيل..
md1413@hotmail.com