Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/04/2008 G Issue 12971
الخميس 26 ربيع الأول 1429   العدد  12971
دراسة تكشف عن سوق سوداء لتراخيص
الاستثمارات الصحية وتحذر من التستر (الوطني - الوطني)!

«الجزيرة» - الرياض

حذر عبدالله بن عبداللطيف العقيل المستشار في الإدارة وخبير الإدارة الصحية من نظام القطاع الصحي الخاص الجديد ووصفه بأنه يمر بأسوأ حالاته من حيث الأنظمة واللوائح التي تحكم أعماله وخصص بتحذيره نظام التراخيص الجديد. وأوضح العقيل, أنه قد طرح دراسة تحليليه تحت عنوان (تراخيص وتملك المؤسسات الصحية الخاصة: دراسة تحليلية نقدية ولائحة مقترحة) وتهدف الدراسة العلمية لتحليل الواقع واقتراح بدائل أكثر جدوى.

وأكد العقيل في دراسته على أن التراخيص الطبية إلى عام 1416هجرية تقريباً كانت مفتوحة لمن يرغب الاستثمار في المجال الصحي مع شروط واضحة تتعلق بمواصفات المبنى والتجهيزات الأساسية بالإضافة إلى شروط على الأطباء والفنيين، وقد كانت اللائحة التنفيذية لنظام المؤسسات الطبية الخاصة شاملة وبُذل فيها مجهود كبير، وركزت كثيراً على المواصفات الفنية والتجهيزية ومسائل الرقابة، ولكن كان ينقصها التطبيق الشامل والدقيق والمتابعة المستمرة لها.

وفند إيجابيات الوضع السابق في أنه يتيح فرص المنافسة مفتوحة لكل من يرغب الدخول في هذا الاستثمار بالمجال الصحي، أيضا به تحكم جيد في نوعية الأطباء والفنيين عن طريق الشروط ثم التقييم والتراخيص المهنية، وكان هناك محددات ومواصفات مهمة لكثير من المسائل الفنية والتجهيزية.

من جهة أخرى فند العقيل سلبيات نظام التراخيص السابق بأن به ضعف لتطبيق اللائحة التنفيذية لنظام المؤسسات الطبية الخاصة المشار إليها آنفاً، بالإضافة إلى غياب الشروط الموضوعية المهنية الدقيقة على المستثمرين والمسئولين وأصحاب القرار فيها, وقد أفرز سلبيات عديدة، منها: بأن دخل هذا المجال من لا يدرك مفاهيمه وأصوله، وذلك بدافع الكسب المادي المحض وربما بدوافع أخرى. ابتعدت العديد من المنشآت الصحية (الخاصة والعامة) عن حسن الإدارة وعن التنظيم العلمي السليم للخدمات والأقسام وعن أخلاقيات الخدمات الصحية، بسبب غياب المتخصصين الأكفاء المخلصين في مواقع المسؤولية واتخاذ القرار في هذه المواقع والمنشآت، بالإضافة إلى غياب التطبيق الكامل للشروط والمعايير والأخلاقيات الطبية والمهنية اللازمة في المنشآت الصحية.

أيضاً تحولت هذه الخدمات الإنسانية الشريفة إلى سلعة رخيصة وتجارة محضة, مما أدى إلى عددٍ من الممارسات الطبية والأخلاقية غير السليمة, فضلاً عن التخبط المالي والإداري والتنظيمي والتسويقي والبشري وغيره، في كثير من هذه المواقع وأكد العقيل في دراسته أن من مظاهر هذه الممارسات وهذا التخبط دخول الأساليب الغريبة لطرق زيادة الدخل وزيادة الربح وغياب الرقابة الحقيقية والمستمرة على أعمال وأداء وسلوك الكادر الطبي والفني والإداري في كثير من هذه المنشآت الصحية الخاصة والعامة.

وغلب سوء إدارة المال وارتفاع رأس المال التأسيسي وارتفاع المصاريف التشغيلية، في كثير من المنشآت الصحية الخاصة والعامة على إداراتها.

وأصبح سوء الإدارة وقصور أساليب وإجراءات وطرق تقديم مختلف الخدمات بما في ذلك الطرق الصارمة للتعقيم، في الكثير من المنشآت الصحية الخاصة والعامة سمه على تلك المنشآت. وغلب الفشل في اختيار الكفاءات الفنية والإدارية، فضلاً عن سوء التوزيع والاستخدام الأمثل لهذه الكفاءات.

وتحولت بيئة كثير من المنشآت الصحية الخاصة والعامة كصالات لاستعراض الأزياء وتطوير أساليب الإغراء وانتشار السلوكيات الخاطئة على نطاق واضح، وخاصة من العاملين فيها وكأن هذه الأمور أصبحت جزءاً من شروط وجودة الخدمات الصحية! وما هي كذلك أبداً.

وذكر العقيل في دراسته أن من المبررات التي استندت إليها وزارة الصحة لإيقاف التراخيص الطبية لغير الأطباء والصيدليات لغير الصيادلة برغم من أن هذا الإيقاف لن يعالج المشاكل والسلبيات السابقة وأن معرفة أخلاقات مهنة الخدمات الصحية والإيمان بهذه الأخلاقيات الإنسانية وتطبيقها،وكذلك القيام بواجب الأمانة ومراقبة الله في أرواح الناس وأبدانهم وأموالهم وأعراضهم كل هذه الأمور والمسائل لم ترتبط ولن ترتبط بكون صاحب المنشأة أو صاحب القرار فيها طبيباً أو غيره، بل تعتمد أساسا على الشخص أو الأشخاص أصحاب القرار في المنشأة الصحية ومدى أمانتهم وكفاءتهم ومعرفتهم العلمية والعملية بكيفية تنظيم ورقابة وإدارة الخدمات الصحية وبالأساليب الأخلاقية الراقية لتقديمها وممارستها، كما تعتمد على قوة السلطات الصحية في تطبيق بنود اللائحة على كافة المنشآت الصحية الخاصة باستمرار وبلا استثناء، وهذه أمور لا خلاف عليها ويشهد لها الواقع تماماً في السابق والحاضر.

وأبان العقيل أن النظام الجديد والذي جاء بمنع التراخيص لغير الأطباء والصيدليات لغير الصيادلة ظهرت السوق السوداء حتى بيعت التراخيص بمبالغ قد تصل إلى مئات الآلاف من الريالات، وهذا ضرر بين على الاقتصاد عامة والاقتصاد الصحي خاصة، وطريق يؤدي للفساد والضرر بأخلاقيات وقيم الخدمات الصحية.

أيضاً أدى نظام التراخيص الجديد إلى ضياع حقوق كل من استثمر في القطاع الصحي الخاص على مدار السنين الماضية، وسَلْب استثماراتهم وحقوقهم وجهودهم لتسليمها للأطباء المستثمرين حتى أنه إذا مات الطبيب لا يُدرى من الذي سيرثه في منشأته.

ظهور التستر في المجال الصحي، حيث سيتستر ابن الوطن الطبيب على ابن الوطن غير الطبيب من أجل التحايل للاستثمار في القطاع الصحي.

وأكد العقيل أنه بالنظر إلى عدد الأطباء والصيادلة السعوديين ونسبتهم على مستوى المملكة بالنسبة لغير السعوديين فإننا نجد أن نسبة الأطباء والصيادلة منخفضة جداً مقارنة بغير السعوديين في وزارة الصحة وفي جميع المصالح الحكومية الأخرى التي تقدم خدمات طبية، فكيف يمكن تطبيق هذا القرار في الوقت الذي نحن فيه بحاجة ماسة إلى كل دقيقة من كل طبيب سعودي في كل موقع، ولا تزال أمامنا سنوات إن لم يكن عقود حتى نصل إلى الاكتفاء الذاتي أو حتى نسبة الأغلبية من الأطباء والصيادلة السعوديين، بل لن نصل إليه بمنظور الواقع الموضوعي وبمنظور تزايد السكان وتوسع الخدمات وخلافه. هذا فضلاً عن العدد الكبير جدّاً من المنشآت الصحية الخاصة والتي تتزايد باستمرار، مما لو تَرك جميع الأطباء السعوديين وظائفهم الحكومية ثم قُسِّموا عليها لما كفت أعدادهم وإن هذا التوجه غير عملي ويتناقص بشكل واضح مع حقائق الواقع ومع أبسط قواعد الاقتصاد السليم.

الجدير بالذكر، أن العقيل تطرق إلى لائحة تنظيمية مقترحة لتراخيص المنشآت الصحية الخاصة تكونت من سبع مواد هي شروط وضوابط عامة، وترخيص المراكز الطبية التخصصية ومجمعات العيادات التخصصية، ترخيص المستشفيات والمستوصفات العامة، الصيدليات ومستودعات الأدوية، مراكز النظارات والبصريات والسمعيات، مؤسسات الأجهزة والمستلزمات الطبية، شروط وضوابط تنظيمية وفنية وهيكلية وتجهيزية عامة.

واختتم حديثة بدعوته بأن تكون هناك جهات محايدة تدرس وتأخذ ما خلصت إليه الدراسة من تحليل ونقد للواقع الحالي وما توصلت إلية من مقترحات وتوصيات لتجنب الاخطار المترتبة على تطبيق نظام التراخيص الجديد في حق المستثمر والطبيب والمريض على حد سواء.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد