الرياض - شيخة القحيز

الإنترنت ثورة تقنية علمية حضارية ونعمة من نعم الله على خلقه، لكن الاختلاف يكمن في مدى ونوعية وكيفية الاستفادة منها، والجدل يتمحور بين تلقي الخدمة فيما يمكن أن يتفق الناس على منفعته وإباحته وبين ما عرف بضرره وتنبذه المجتمعات، توجهنا بأسئلة عدة إلى عدد من أصحاب الرأي في هذا الموضوع حول مدى انتشار خدمة النت وسعة الاستفادة منها وأثرها على الأسرة والمجتمع العربي والمسلم بصفة خاصة، فكانت هذه الإجابات العاجلة.

انتشار متسارع

* ما مدى انتشار الإنترنت؟ طرحنا هذا السؤال على بعض ضيوفنا، فكانت الإجابة الآتية:

في البدء التقينا بالأستاذ عبدالله بن سليمان السياري مدير إدارة النشاط الطلابي بمعهد العاصمة النموذجي الذي قال: أكاد أجزم بأن الإنترنت لا يخلو منه أي منزل وأصبح نافذة مهمة نطل بها على العالم. واتفق معه الأستاذ منير عبدالله أمقيدح المستشار القانوني بمركز البابطين وعبدالرحمن فهد العنزي من شركة الاتصالات السعودية، والأستاذ بدر فهد اليوسف فني كهرباء في أن الإنترنت انتشرت بشكل كبير ولا زالت في ازدياد مستمر وخصوصاً عند شريحة الشباب، أما الدكتور: عثمان آل عثمان مدير مركز حي المصيف الاجتماعي فقد قال: النت أصبح يحظى باهتمام الشباب والكبار نظراً لأهميته البالغة.

وقد ذكرت المعلمة بهية القحطاني وهيا البيشي - موظفة- والطالبة: سارة العبدالوهاب بأن الإنترنت منتشر في أوساطهن منذ سنوات.

وقد تفاوت عدد الساعات التي يمكثنها على الإنترنت ما بين ساعتين إلى 4 ساعات، وقد تتفاوت هذه المدة على حسب الشيء الذي يتم البحث عنه.

* ما مدى تأثير النت على العلاقات الاجتماعية؟

أ. منير: بدون شك النت سلاح ذو حدين فقد يكون نعمة وقد يكون نقمة فالاستخدام السليم يعود بالمنفعة على مستخدمه لتحقيق منفعة علمية أو تواصل مع الأهل والأصدقاء، ومناقشة الأمور المفيدة، وأضاف: أما غير ذلك فيكون مضيعة للوقت ويترك أثره السيئ.

وقال العنزي: نجد أن الأشخاص الذين يستخدمون النت تأثرت علاقاتهم الاجتماعية بصورة كبيرة بسبب طول الساعات التي يقضونها أمام الجهاز. ويوافقه على ذلك بدر اليوسف وعبدالله السياري.

أما د. آل عثمان فيرى نتيجة الجلوس الطويل أمام الجهاز فإن بعض الأشخاص يترك أموره الخاصة والعامة بسبب أشياء ربما يكون ضررها أكثر من نفعها.

أما الأخوات المشاركات فيرين بأن العلاقات لم تتأثر بوجود الإنترنت في البيوت، بل إن بعضهن -طالبات المرحلة المتوسطة- يرين بأن الإنترنت قد يكون سبباً في التواصل الفكري بين أفراد الأسرة ومن هم أكبر سنا..



وعن مدى تأثير النت على سلامة الكتابة باللغة العربية أو التوجه للعامية جاء تعبير الأستاذ عبدالله بن سليمان السياري عن ذلك بقوله: من خلال اطلاعي على بعض المواقع التي من الممكن عن طريقها تقييم مهارة الكتابة وقواعدها مثل المنتديات فإنه من المؤسف جداً البعد التام عن التقيد بقواعد اللغة العربية ومهارة الإملاء، ودخول الكثير من الكلمات الدخيلة على اللغة العربية، وإحلال الكثير من المصطلحات الأجنبية، بينما يرى آل عثمان أن النت أثرت على طريقة الكتابة باللغة العربية والاهتمام بالإملاء عند البعض، لأنه بدأ يقرأ ويشارك فيحرص على اختيار العبارات المناسبة ويحاول تصحيح الأخطاء اللغوية والإملائية عند طريق التدقيق اللغوي والإملائي.

ويرى أمقيدح أن هذا يعتمد على طبيعة المواقع التي يزورها المستخدم، فالمواقع الجدية التي تحمل أهدافاً نبيلة تكون مهتمة باللغة العربية ومفرداتها وقد تكون عاملاً مساعداً على الاهتمام باللغة الصحيحة.

ويقول العنزي: إن تأثير الإنترنت كان سلبياً على اللغة فأصبح هناك توجّه لاستخدام مصطلحات خاصة بالنت لا تجد تلك المصطلحات في اللغة العربية ولا العامية. ويتفق معه اليوسف: نعم لها تأثير كبير ضعفت فيه الفصحى وجودة الإملاء، وقد تحدثت المعلمة: بهية القحطاني حول ذلك بقولها: إن الكتابة والتواصل الجيد في المواقع العامة لا يمكن أن يكون إلا باللغة العربية الفصحى لأن نطاق الإنترنت عالمي تتعدد فيه اللهجات وتختلف ويصعب التفاهم من خلال اللهجات المحلية لكل منطقة، أما فيما يخص التواصل مع الأهل والصديقات والأقارب فقد يكون باللهجة العامية.

نسبة الاستخدام

* وحول استخدامات الإنترنت قال السياري: من خلال نظرتي فأعتقد أن نسبة 10% من مستخدمي النت يكون استخدامهم لهذه التقنية استخداماً مثمراً ومفيداً وأما البقية فمجرد هدر للوقت وانشغال في أمور لا تفيد بشكل حقيقي بل هي أمور مباحة وربما تؤثر في اكتساب عادات وثقافات خطيرة.

ويقول منير: أضحى النت مستخدماً في جوانب كثيرة من الحياة وبعض المؤسسات تعتمده في المراسلات بين موظفيها لما يوفره من وقت وجهد وكذلك التواصل بين المغتربين وذويهم، أيضاً بين المؤسسات العلمية في البلدان المختلفة.

وأضاف آل عثمان استخدام الإنترنت يختلف من شخص لآخر حسب الرغبات ونستطيع من خلاله التعرف على بلدان العالم، وكذلك المتاجرة بالأسهم وأنت في منزلك.

وقال اليوسف: بحسب توجه الشخص سواء للخير والنافع أو للشر، وأيده في ذلك العنزي وأضاف: أرى أن المنتديات وبرامج المحادثة تجتذب فئة كبيرة ولها روادها الكُثر.

وحول إمكانية الوصول للمعلومات يتفق الجميع على أن النت يعتبر من أكثر الوسائل توفيراً للمعلومات في شتى الأمور والمعارف، يذكر د. عثمان بأن الوصول للمعلومات يتم بكل سهولة فهو سبيل للتطور وتنمية القدرات والخبرات بأقصر وقت وبأقل جهد وأقل تكلفة، وينبه السياري لنقطة مهمة فيقول: لا شك بأن الإنترنت من أسرع وأفضل الوسائل للبحث عن المعلومة ولكنه قد يفتقد للدقة في بعض الأحيان.

بين الآباء والأبناء

* وعن تأثير الإنترنت في تربية الأبناء ودور الوالدين في وجود هذه التقنية:

يقول منير: للإنترنت دور كبير في توجيه سلوك الأبناء في سن معين حيث يكون سهل الاستمالة وبطبيعة هذا الواقع فإن على الوالدين دوراً أكبر من ذي قبل، ومسؤوليتهم اليوم مضاعفة حيث يتوجب عليهم مراقبة تصرفات الأبناء وتوجيهها بشكل سليم، وقبل ذلك تحصينهم دينياً وعلمياً لوقايتهم من أي مؤثرات سلبية تصادفهم، ويقول الأستاذ السماري: إن للإنترنت دوراً سلبياً في هذا الجانب فقد أثر بشكل كبير في تغيير مفاهيم الكثير من الأبناء وقد يكون سبباً في فساد كثير من القيم التي حرص الوالدان على غرسها في نفوس أبنائهم، ويضيف اليوسف بأن إهمال الوالدين لأبنائهم له تأثيره الكبير في انحراف الأبناء خصوصاً مع توافر المواد السلبية عبر الإنترنت، ويعلل د. العثمان تأثر الأبناء بالإنترنت بأن سببه غياب الوالدين عن واقع أبنائه وعدم وجود رقابة على ما يقوم به الأبناء وما يمارسونه من خلال الإنترنت، ولضعف الوازع الديني وقلة المسؤولية لدى بعض الوالدين فإنهم لا يقومون بتعزيز العلاقة بين أبنائهم فتحدث الفجوة بينهم، ويسهل تأثر الأبناء بما يعرض لهم من خلال الإنترنت.

وقد أبدت الفتيات المشاركات في التحقيق آراءهن التي اتفقت في أن الإنترنت لم يؤثر في علاقتهن بالوالدين، بل تذكر البيشي بأن دخولها لعالم الإنترنت قد عزز علاقتها بوالديها بشكل أكبر وتشاركها الطالبة ( أ. ر. ع) في ذلك الرأي وترى أن التواصل مع والديها قد ازداد أكثر من قبل.