Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/04/2008 G Issue 12971
الخميس 26 ربيع الأول 1429   العدد  12971
أضواء
الباب العالي الجديد
جاسر عبدالعزيز الجاسر

في عهد الهيمنة العثمانية كانت الولايات العربية عندما تحصل عندها مشكلة يتوجه المتخاصمون إلى الأستانة لأخذ المشورة أو للتحاكم أمام (الباب العالي). الآن تعود عجلة التاريخ، أو هكذا يريدون للتاريخ عودة، مع تغير وجهة أخذ المشورة، بتحويل (الباب العالي) من الأستانة إلى طهران..!!

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يتوجه إلى طهران للبحث عن حل للأزمة اللبنانية، إذ يسعى الرجل إلى أخذ المشورة من (الأشقاء).

أما المتحاربون في العراق فأكثر تردداً على (الباب العالي) الجديد، وقد كشفت معارك السيطرة على البصرة أن الباب العالي ممسك بخيوط المعركة؛ فالمرشد الأعلى للتيار الصدري (مقتدى الصدر) مقيم الآن ومنذ مدة في مدينة (قُم) الإيرانية، يتلقى العلم عند مرجعه الأعلى الحائري، والفريقان اللذان يواجهانه في المعارك: حزب الثورة الإسلامية (حزب الحكيم) وحزب الدعوة الذي يرأسه إبراهيم الجعفري ونوري المالكي. لا ينفك مندوباهما في التردد على الباب العالي الجديد لأخذ التعليمات، فقد وصل أثناء احتدام المعارك إلى طهران كل من عبدالهادي العامري أمين عام منظمة بدر الجناح العسكري لحزب الحكيم، والمسؤول العسكري لحزب الدعوة، وقد أجرى المسؤولون العسكريون لطرفي القتال في البصرة مباحثات ظهرت بعدها إشارات على وقف امتداد القتال في البصرة إلى باقي محافظات الجنوب، التي يسعى عبدالعزيز الحكيم ونوري المالكي وإبراهيم الجعفري على جعلها مكوناً لما يسمى ب(إقليم الجنوب)، وفق نظام الأقاليم الذي تضمنه دستور بول بريمر لتجزئة العراق.

ومعارك البصرة التي حصدت قرابة الألف مواطن عراقي -على الرغم من أن الأرقام الرسمية تعطيها أقل من ذلك- تظهر عمق الأزمة العراقية؛ إذ أظهرت المعارك أن الخلافات التي يشهدها العراق لا تحركها التناقضات السياسية ولا التباين الطائفي ولا الاختلاف العرقي فحسب، بل يمكن أن تندلع بين أبناء المذهب الواحد الذين لهم التوجهات الفكرية والسياسية نفسها، مثلما يحصل الآن في البصرة وباقي المحافظات الجنوبية الأخرى؛ فالمعروف أن المعارك تدور بين التيار الصدري وأعضائه من الطائفة الشيعية، وقوات الشرطة المكونة من مليشيات سابقة لحزب الثورة الإسلامية (الحكيم) وحزب الدعوة الذي يرأسه إبراهيم الجعفري، وهذه القوات جلها من أبناء الطائفة الشيعية.

إذن فما الذي يدفع أبناء الطائفة الشيعية الواحدة إلى خوض المعارك والاقتتال؟!.

الإجابة -كما يؤكد المهتمون بالشأن العراقي- هي لمحاولة السيطرة على ثروة العراق النفطية؛ فالذي يسيطر على البصرة يضع يده على ثروة العراق، وكان الصدريون بتحالفهم مع حزب الفضيلة البصراوي هم الأكثر قدرة على السيطرة على البصرة، وعلى مفاصل الإنتاج والتصدير للنفط، مما مكنهم من تهريب كميات كبيرة من نفط العراق، وضخ إيراداته في أموال التيار الصدري، وهذا جعل الفرقاء الآخرين -من شركائهم الشيعة- غاضبين وهو السبب الأول إضافة إلى أسباب أخرى في اندلاع الحرب الدائرة في البصرة، التي كشفت العديد من الحقائق، أهمها ارتباط المتحاربين بالباب العالي الجديد؛ فمنه يتلقون الأوامر، وإليه يعود الأمر مثلما يحاول مريدوه في لبنان تصوير الأمر كذلك من خلال قصد رئيس مجلس النواب لهذا الباب الجديد.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد