الرسم الرقمي صرعة فنية حديثة أو مدرسة أو أسلوب جديد في الفن التشكيلي إذا توافقونني في الرأي هذا الأسلوب جاء نتيجة طبيعية لهذا التطور الهائل في مجال الآلة والتقنية الإلكترونية ووسائل الاتصال والمتمثل في جهاز الكمبيوتر هذا الصندوق المدهش والذي من أزاريره أصبح بمقدور المرء إلقاء نظرة عاجلة وشاملة على كل أصقاع الأرض بما في ذلك حياة الأمم والشعوب وأنماط الحياة وسبل العيش وتنوّع الثقافات والبيئات والسلوكيات وكافة المعطيات والتجارب والمعارف والعلوم والأحداث وتداعيات الحياة المختلفة في هذا العالم.وبلا شك فإن ما قدمته ثورة التقنية ما هو إلا نقلات واسعة الخطى في كل الاتجاهات الحياتية وكان بمقدور البشر تطويع مثل هذه المعطيات الحديثة في مجال الآلة كل فيما يخصه.والفنان التشكيلي ليس بمعزل عن كل هذه المعطيات الجديدة وعليه فقد سارع للاستفادة كغيره واستطاع أن يوظّفها في مجاله أيضاً كما حدث في الرسم الرقمي الذي أعلن حضوره بقوة من خلال ما نشاهده من أعمال وتجارب عدة والذي من خلاله استعان الفنان بالفارة بدلاً من الفرشاة والشاشة بدلاً من الكانفس وألوان الكمبيوتر بدلاً من ألوان الزيت والاكريلك والأصباغ المختلفة واستطاع أن ينتج أعمالاً فنية (نظيفة) من خلال تعامله الأنيق مع أزارير الكمبيوتر بعيداً عن رائحة الألوان والزيوت والتنر وخلافه. حقيقة الأمر قدّر لي أن أطلع على عدة نماذج أنتجت من خلال هذه المدرسة الجديدة خاصة أعمال الفنانة أمل مسعود، وبقدر إعجابي بقدرة الفنانة مسعود وتمكنها من أزارير الكمبيوتر وتطويعها بما يخدم المنجز الفني وقدرتها على إنتاج نماذج جيدة تميزت بدقة التنفيذ والتقنية العالية خاصة في مجال الظل والضوء إلا أنني وجدت ميلاً أكبر للوحة التشكيلية التقليدية ووجدت أيضاً شوقاً نحو رائحة الألوان والزيوت والأصباغ وحضورها (الطازج) على سطح اللوحة إضافة إلى حضور الموهبة وبروزها في اللوحة التقليدية بشكل كبير لا يقبل الجدل!!وما أود أيضاً أن أؤكّده في هذا الصدد أنني لست ضد الجديد في عالم الفن أو غيره من معطيات لكنني لن استعجل الأمر واركب موجة الثناء وكيل المديح المتسرع والهرولة مع الركب بدون وعي، لأن الأمر يتطلب التريث والانتظار حتى تتضح الرؤية لأنه من المتعارف عليه أن الأحكام عادة تأتي بعد دراسة متأنية ونجاح وحضور لافت للطرح الجديد على كافة الأصعدة.