غالباً ما يثير انعقاد القمم العربية والإسلامية ألمي وتعجبي، فأما الألم فهو بسبب ما يواجه العالم العربي والإسلامي من حروب شرسة من قبل الدول الكبرى، وما يظهره الواقع عن العرب والمسلمين الذي وصل إلى أسوأ أوضاعه وأوهن حالاته!
وأما العجب فهو بسبب ضعف الدافعية للحضور في بعضها، والتي ربما يعود لعدم تهيئة سبل إنجاحها. فالانقسامات الإقليمية والمذهبية بين الدول العربية والإسلامية ونشوء قضايا التكفير، والإقصاء، تعد أشد قسوة من القطيعة بين بعض الدول العربية والإسلامية وبين الدول الكبرى التي من أسبابها إلصاق تهم تفريخ الإرهابيين! وهو ما أوجد حالة من العراك النفسي تتراوح بين الهجوم تارة والدفاع تارات!
وما يؤسف له أن غالبية اجتماعات القمم المعقودة تهدر وقتها في محاولة المصالحة بين عدد كبير من الدول العربية والإسلامية على مرأى ومسمع العديد من وفود الدول الأخرى خارج المنظومة العربية والإسلامية، وكأن القمم أصبحت للمصالحة وحل الخلافات التاريخية، وليس لتدارس الأوضاع والمخاطر المحدقة، والتوصل إلى صيغة مشتركة من التعاون والعمل البناء للوصول إلى التكامل الاقتصادي ومعالجة الأوضاع المتردية من طغيان الفقر وتفشي الأمية وانتشار الجهل وفتك الأمراض بالبشر مع نقص الأدوية وشح الغذاء، وحالة الفوضى السياسية بصورة مؤلمة ومزرية!
إن الشعوب الإسلامية والعربية بالذات في أشد حالات التشاؤم والإحباط من تلك القمم، لأن بعضها أصبح لا يعدو عن مجرد لقاءات جماعية ومقابلات جانبية، بينما نتائجها تظل تدور حول محاورها، ولن تبرحها، وقراراتها ستبقى حبيسة الطاولات المستديرة، إن لم تذهب أدراج الرياح، لأن التحديات تفوق الطموحات والانقسامات تطغى على المصالحات، والواقع يخالف الآمال، إضافة إلى أنه ليس هناك هيئة أو لجنة خاصة لمتابعة تنفيذ القرارات السابقة والالتزامات الموثقة.
وما يؤسف له أكثر، حالة التخلف التقني التي يعيشها العرب والمسلمون رغم توفر الإمكانيات الهائلة من الطاقات المادية والبشرية التي لم توجه بطريقة صحيحة، ولم تؤهلهم لمقارعة الدول الكبرى وتدخلهم معها في حلبة المنافسة الدولية! فالمتطلع يعجب لحال العالم الإسلامي برغم ما يمتلكه من جغرافيا واسعة تكاد تلتهم الكرة الأرضية وتزخر بالخيرات، وتاريخ مشرق بالعقيدة الصافية، وأمة مؤمنة برب واحد، قائدها رسول محدود الإمكانيات المادية بينما استطاع إيماناً بقدراته أن يفجر طاقات تلك الأمة وينشر السلام قبل الإسلام.
إننا حقا لنأمل أن يخرج القادة بعد كل قمة باتفاق من جميع الأطراف على تجاوز خلافاتهم، وتضامنهم، لمواجهة المخاطر والتحديات، والعمل بروح الجماعة، وإن لم يكن الهدف الحفاظ على الصف العربي فليكن الدافع المحافظة على المصالح الإستراتيجية المشتركة.
rogaia143@hotmail.Com
ص. ب 260564 الرياض 11342