لم يكن إعلان منظمة إسرائيلية تؤيد التسوية السلمية عن حركة نشطة لتوسيع المستوطنات خبرا صاعقا أو داهما بالنسبة لحكومة إسرائيل التي كانت ساعة إعلان ذلك منشغلة بالمحادثات مع وزيرة الخارجية الأمريكية حول التسوية، فهذه الحكومة لا تشعر بأن مثل هذا الخبر يشكل أدنى حرج لها، بل الأحرى انه يصب في صالح نهجها المتصلب وقد يعين كثيرا في محادثاتها مع الجانب الأمريكي من جهة التأكيد على خيار بناء المستوطنات حتى وإن تناقض ذلك مع ما تدعو إليه الولايات المتحدة من وقف للتوسع في الاستيطان.
فحركة السلام الآن الإسرائيلية المناهضة للمستوطنات قالت إن المستوطنات الـ 101 في الضفة الغربية تجري فيها حركة بناء واسعة النطاق تشمل إقامة 500 وحدة سكنية متعددة الشقق مشيرة إلى أن الشهور الأخيرة شهدت تصاعدا غير مسبوق في عمليات البناء الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة.
ولا يعرف في حقيقة الأمر ما ستفعله الإدارة الأمريكية باعتبارها راعية للسلام إزاء هذه الانتهاكات الخطيرة لجهود السلام ولخطة خارطة الطريق التي نادت بوضوح بوقف التوسع في الاستيطان، فإسرائيل تحرص على التمسك بالمستوطنات ولا تستنكف عن إعلان ذلك في وجود ارفع مسؤول أمريكي في حركة مقصودة لتأكيد الموقف الإسرائيلي.
وتدرك إسرائيل أنه ليس أمام واشنطن ما ستفعله إزاء المستوطنات، فالإدارة الأمريكية الحالية التي تستعد لمغادرة البيت الأبيض نهاية العام الجاري لن تستطيع انجاز ما يذكر مع ما تبقى لها من شهور، وهي فشلت حقيقة في دفع التسوية طوال سنوات بسبب مساندتها للسياسات الإسرائيلية المناهضة للسلام، ومن ثم فإن الانجاز الوحيد لجولة رايس هذه ربما يكون دعوتها إلى تخفيف القبضة الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية وتجاوب إسرائيل معها بهذا الصدد بالإعلان عن إزالة بضعة حواجز ترابية من مئات الحواجز التي تفصل بين مدن وقرى الضفة، ومن الواضح أن هذه النتيجة أكثر من متواضعة بالنسبة لثقل الولايات المتحدة كقوة عظمى.
وبشكل عام فإنه لا يتوقع الكثير من واشنطن التي سبق لها تأييد الدعاوى الإسرائيلية في التمسك بالمستوطنات الكبرى في الضفة، على الرغم من أن وجود هذه المستوطنات يناقض تماما ما تدعو واشنطن إليه من إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، فالمستوطنات تحتل مساحة هائلة من الضفة الغربية بطريقة تجعل من المستحيل إيجاد مكان لإقامة دولة فلسطينية فيه.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244