Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/04/2008 G Issue 12970
الاربعاء 25 ربيع الأول 1429   العدد  12970
الكويت.. وسخونة الانتخابات النيابية المقبلة

الكويت - عبدالله محمد القاق

المراقبون للانتخابات البرلمانية الكويتية التي ستجرى في السابع عشر من شهر أيار المقبل بعد أن قرر الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حل مجلس الأمة لتجاوزاته الكبيرة في شتم الحكومة وتعطيل مشروعات القوانين واستجواب الوزراء، وتعطيل إعادة هيكلة الوزارات والدوائر الحكومية وتدخلاته المنقطعة النظير التي أسهمت في تأزيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، يتوقعون أن تكون نسبة التغيير للنواب بحوالي 55 - 65 في المائة بعد أن يتم إجراء الانتخابات على نظام خمس دوائر وليس 25 دائرة كما كان متبعا في السابق... وهذه النسبة التي يصعب حسمها بشكل نهائي تعود إلى عدم انتهاء الكتل الكويتية من إعلان مواقفها السياسية على الساحة الكويتية خاصة الحركة الدستورية - الإخوان المسلمون - والتجمع السلفي والتحالف الوطني الديمقراطي والتحالف الإسلامي الوطني والمنبر الإسلامي لأن هذه الكتل لم تتفق بعد على برامج أو خطط لهذه الانتخابات.

والتغيير المتوقع قد يكون تغييرا واسعا في الأسماء وليس النهج الذي تذمر منه الشعب الكويتي جراء أعمال المجلس النيابي الماضي وإسهاماته في تعطيل تنفيذ المشاريع الاقتصادية ومحاولة تعكير صفو الأجواء الكويتية مع العديد من الدول العربية وتدخلات أعضاء المجلس في كثير من المجالات، حيث أدت خطط النواب السابقين إلى عرقلة جهود الحكومة برئاسة الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح رئيس الوزراء الذي أعد الخطط والمشاريع للنهوض بمرافق الكويت فضلاً عن دوره المميز في تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية وحل قضية المعسرين من القروض وزيادة رواتب الموظفين جراء الغلاء إلى مائة وعشرين ديناراً.. ومتابعة قضايا الوطن والمواطنين ونشاطه العربى الواسع لدعم التضامن العربى وإزالة الخلافات العربية وخاصة في هذه المر حلة الحساسة باعتبار أن الشيخ ناصر المحمد الصباح يتمتع بقدرة كبيرة على العمل والإبداع والإنجاز بفضل ثقة القيادة الكويتية بسموه وقربه من المواطنين جميعاً وايمانه اللا محدود بالديموقراطية الحقيقية في الكويت.

ولعل اللافت للنظر في الكويت هو محاربة الحكومة الكويتية - كما لاحظت خلال زيارتي القصيرة - إجراء الانتخابات الفرعية في مناطق البادية التي من شأنها تكريس الانتماء الطائفي والقبلي والفئوي على حساب الانتماء الوطني، وبدء محاسبة الحكومة لكل من يجري هذه الانتخابات الفرعية لأنها تمثّل - كما يرى المسؤولون الكويتيون - تحدياً للقيم والمبادئ التي حض عليها الدستور الكويتي، وأبرزها - كما قال لي الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء أثناء لقائي به في منزله بالكويت - قيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين والانتماء للوطن.

وبدأ حجز المقار الانتخابية البرلمانية في مختلف مناطق الكويت، حيث يطلق على هذه الانتخابات بأنها (أعراس الديمقراطية) نظراً لما تتمتع به من ممارسة للحرية بكل معانيها، حيث تعتبر الكويت رائدة في العمل البرلماني العربي، حيث يطرح المرشحون آراءهم عبر الديوانيات في كافة القضايا من دون حجر أو حظر في محاولة لإيصال وجهة نظرهم للمرشحين لينالوا الفوز.. وخصوصاً أن عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم في الانتخابات المقبلة سيكون 361 ألف ناخب منهم 200 ألف ناخبة.

ومن اللافت للنظر لدى المراقبين خلال زيارتي للعديد من الديوانيات ومنها ديوانية الاستاذ عبدالعزيز البابطين رئيس مجلس أمناء جائزة البابطين للإبداع الشعرى الحراك النيابى المبكر في الدواوين، حيث قال لي: (إن الكويت تتمتع بحرية وديمقراطية واسعة، وأن العقيدة الإسلامية، وكذلك العادات والتقاليد تلعب دوراً مهماً في الأخذ بالشورى، بصورة تتناغم مع التطور الذي يشهده المجتمع الكويتي في مختلف المجالات).. فضلاً عن أن المتتبع لخريطة الدوائر الانتخابية الجديدة يشعر بأن كل ما يتمناه الكويتيون هو أن تكون نتيجة الانتخابات المقبلة فرصة لخلق أرضية انطلاق لتحديد الهوية الوطنية للمجتمع الكويتي ومحاولة جادة لبناء الكويت في إطار المفهوم السياسي للدولة، لمواصلة الجهود الرامية إلى البناء والتطوير والتفاهم بين الحكومة ومجلس الامة خاصة ان للحكومة الكويتية ومنذ أن تولى الشيخ ناصر المحمد الصباح رئاسة الوزراء أسهم إسهاما كبيرا ًفي تحمل الكثير من المسؤوليات تجاه الوطن والمواطنين ولعبت الأجهزة الحكومية في عهده دوراً كبيراً في النهوض بمختلف المرافق الحيوية بالكويت، وأبدت انفتاحاً منقطع النظير بالتعاون والتنسيق مع العديد من الدول العربية والإسلامية.

وانطلاقاً من هذه السياسة الممنهجة لسموه فقد لمست بالكويت ارتياحاً كبيراً لدى مختلف المواطنين الكويتيين لإقدام أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح على حل مجلس الأمة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، حيث أكّد سموه بكلمة تاريخية وجهها للمواطنين إيمانه الراسخ بقيمة الديمقراطية مشيراً إلى أن (أي شكل من أشكال المشاركة الشعبية التي نختارها لأنفسنا يجب أن يُقاس بما يحققه من عطاء للوطن مؤكداً سموه أن الكويت تؤمن إيماناً راسخاً بقيمة الديمقراطية التي وصفها بأنها نعمة من النعم التي وهبها الله منذ نشأت الكويت).

وحل مجلس الأمة الكويتي ليس الأول من نوعه فقد سبق في تاريخ الحياة البرلمانية التي أتيحت لي تغطية جلساتها منذ عام 1961 وحتى أغسطس 1990 تم تعليق مجلس الأمة ما بين 1976 - 1981 وما بين 1986 - 1992 وفي عام 2006 عندما جرت الانتخابات قبل عامين اتسمت هذه الفترة بالاضطرابات والاعتصامات على الساحة الكويتية بصورة غير مسبوقة، والتي كان من خلالها الموافقة على قبول ترشيح وانتخاب المرأة الكويتية، حيث نالت المرأة الكويتية حقوقها السياسية بعد أن فشلت في انتخابات 2006 ويتوقع المراقبون أن تنجح بعض النسوة الكويتيات كما أبلغتني الدكتورة معصومة المبارك وزيرة التخطيط السابقة والناشطة السياسية في هذه الانتخابات المرتقبة.

الكثير من الكويتيين يتمنون أن تختفي الكثير من الوجوه السابقة من نواب التأزيم عام 2006 والتي يصفونها بأنها (كالحة) وتجاوزت الخطوط الحمراء في الاستجوابات وخلق المشكلات مع الحكومة وأصرت كما يرى الكويتيون على التهديد والتطاول وخلق الأزمات مع الوزراء والدول العربية وخصوصاً أن المرحلة السابقة لمجلس الأمة اتسمت بالصراخ ورفع الأصوات وشتم الحكومة الكويتية في حين يتساءل المواطنون الكويتيون في أحاديثهم لي خلال زيارتي الخاطفة للكويت: أين خطط النواب من وضع سياسات تعليمية واقتصادية وإسكانية واجتماعية بدلاً من انتقاداتهم واستجوابهم لرئيس الوزراء الذي يتصف بسياسة المساواة والعدل والانفتاح بين المواطنين كافة وللوزراء فضلاً عن الاقتراحات الكثيرة التي كان يتقدّم بها النواب الكويتيون والتي من شأنها فقط دغدغة مشاعر الناخبين مثل زيادة الرواتب خمسين ديناراً فوق المائة والعشرين ووضع العراقيل أمام تحسين الخدمات العامة للمواطنين؟

فهل تكون انتخابات عام 2008 بداية لتصحيح العملية الانتخابية والمسار الديمقراطي في الكويت في إطار الدوائر الخمس الجديدة التي ستُجسد الوحدة الوطنية وتنمية الشعور بالمواطنة وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة للبناء والتنمية والعمل لخير الوطن، كما يقول وزير الإعلام الشيخ صباح الخالد انطلاقاً من التضحيات التي قدمها أهل الكويت عبر السنين الماضية باعتبار أن الانتماء الوطني يُعتبر ضرورة فطرية وإنسانية تُحقق للفرد والجماعة القوة والطموحات الشخصية تتلاشى وتظهر صورة التضحية والفداء.

abdqaq@wanadoo.jo



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد