Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/04/2008 G Issue 12970
الاربعاء 25 ربيع الأول 1429   العدد  12970
حديث المحبة
أبي ومحاضرة سلمان بن عبدالعزيز
إبراهيم بن سعد الماجد

المحاضرة القيمة التي ألقاها الأمير سلمان بن عبدالعزيز في جامعة أم القرى عن الملك الموحد عقيدة وحكماً عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه في تفاصيلها الدقيقة والتي تتعلق بسلوكيات هذا القائد الفذ، يجدر بنا أن نعرف عليها أبناءنا ليس لأنها شيء خارق ونادر ولكن لأنها تأتي من رجل كبير مهموم بقضايا جسام، ومع ذلك لم يغفل عن هذه الأشياء التي للأسف غفل عنها الكثير الآن بدعاوى أقل ما يقال عنها إنها لا تدرك أهمية تدخل ولي الأمر كبر أو صغر في شؤون رعيته ومن تحت يده وأن عدم اهتمامنا بهذه التفاصيل في حياة من تحت أيدينا قد يجعل منهم مسخاً بلا هوية. محاضرة الأمير سلمان أتلقى محاضرةً شبيهةً بها من والدي متعه الله بالصحة والعافية وأطال عمره في طاعته بشكل شبه يومي يتحدث إلي وإلى كل من زاره من قريب وصديق عن قصة توحيد هذه البلاد وكأن الحدث صار بالأمس، يتحدث والدمع يسبق الكلام، يتحدث بنبرة المزهو بهذا البطل الصنديد، يتحدث لنا كباراً وصغاراً مستشهداً بتقوى هذا الملك العظيم الذي كان مهموماً بدينه كما همه بوطنه ومواطنيه، يقول والدي إن الإمام عبدالرحمن كان يخشى على ابنه عبدالعزيز من أن تجره الشهوات إلى أتونها يوم كان في الكويت وهو بعد في سن المراهقة فأوكل من يتتبعه إذا خرج في الليل ليرى أين يذهب فقام أحد رجال الإمام باقتفاء أثره دون أن يحس به حتى وصل إلى منطقة خالية لا حسيس ولا أنيس فاستقبل القبلة وقام يصلي الركعة تلو الركعة في جو إيماني يتلو كتاب الله بصوت خاشع متذلل، يطيل السجود ويكثر من البكاء، كان لا يستأنس بمجالس اللهو حتى ولو كان لهواً بريئاً، وكان كثير التأمل والتفكر، ندي الكف على الرغم من قلة ما فيها، يحدثنا أبي عن قصص بطلها عبدالعزيز كلها تحكي بطولاته وجوده وتقواه، يحكي لنا تواضعه مع رعيته وانبساطه في الحديث معهم كبيراً وصغيراً، يحكي لنا عن تقديره للعلماء وإجلاله لهم، يحكي لنا أن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر كرجل حسبة لا ملك، يحكي لنا عن سرعة تجاوبه مع ما يرفع له من قضايا من أمراء المناطق وموظفي دولته على الرغم من تباعد المسافات وندرة وسائل المواصلات، ومن قول أبي الجميل عن حرص الملك عبدالعزيز (ما كانت المعاملة تنوم في دروج المكتب) يحدثنا أن عبدالعزيز في أحد سفراته مر براعي غنم فتوقف عنده وحادثه ولاطفه وناوله كيساً من الدراهم فلما ودعه وتحركت السيارة قال السائق للملك إن الكيس الذي أعطيته الرجل ذهب وليس فضة (والفضة هي العملة المتداولة في تلك الأيام والذهب قيمته كبيرة) فطلب من السائق العودة إلى ذلك الراعي وقال له (يا ولدي اللي عطيتك ذهب لا يغرونك الصيارفة وترى الله اللي عطاك ماهوب أنا) تصرف ينم عن أبوة حانية من ملك أعطاه الله مقاليد أطهر بقعة على وجه الأرض ومكن له فيها، ونال شرف خدمة أعظم بيتين له سبحانه وتعالى، فضلاً منه لا من سواه، فلم يتمكن من بسط سلطانه على هذه الأرض بدعم خارجي ولا بمساندة من عدو للأمة، وإنما جاء برغبة صادقة من أهلها، فكان ما كان من رفع راية التوحيد خفاقة معلنة أن المُلك لله سبحانه وتعالى، وأن ملوك الأرض ما هم إلا مستخلفون فيها، فمن عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها، ولذا كان إعلان الملك عبدالعزيز يوم دخل الرياض وفي الساعة الأولى من سيطرته أن نادى المنادي الملك لله ثم لعبدالعزيز.

تلك هي دولة عبدالعزيز قامت على الإخلاص لدين الله وستبقى بإذنه تعالى على هذا الطريق مهما حاول المحاولون ومكر الماكرون، وما أحوجنا وبخاصة الجيل الجديد إلى التعرف عن كثب على مراحل تأسيس هذا الكيان العظيم الذي يعني كل فرد من هذا المجتمع وليس أبناء الملك عبدالعزيز فقط، وذلك ليزيد تمسكنا بعقيدتنا وديننا الذي لولا تمسك المؤسس به ما مكن الله له في الأرض وذلل له الصعاب.. شكراً لسلمان بن عبدالعزيز الذي بمحاضرته تلك فتح باب تذكر هذا الحدث العظيم.



almajd858@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5968 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد