في الجزء الأول من المقالة أغرتني السعادة وشدتني وجعلتني أعرّف بها وأتحرك داخل مضمونها وأحرر مصطلحها دون أن أختصر لك الزمن وأوفر لك الوقت وأدلك على كيفية الحصول عليها فالكلام داخل بنية السعادة وشرحها كثير لكن المتلقي بحاجة إلى طريقة تضيء له الطريق نحو السعادة والكيفية هي بسيطة وسهلة وفي تصوري أنها تبدأ من عند نفسك {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} فإذا عزمت على التغيير وأن تودع حياة التعاسة والهم والقلق وتدخل عالم السعادة فأنت الآن تسكن في منتصف الطريق أي قطعت نصف المشوار وما بقي عليك إلا آلية وطريقة تطبقها وتلتزم بها في بداية يومك وتصبح بعد توفيق الله من السعداء..
طبعاً المحافظة على الصلاة وعلى الواجبات وسائر العبادات والمحافظة على الأوراد والأذكار الصباحية والمسائية هذه هي لب السعادة وأنت إن شاء الله محافظ عليها وملتزم بها ولا تخفاك ولن أعيد وأطيل فيها لكن ما نريد أن نركز عليه هو طريقة التفكير فالسعادة هي نتيجة تفكير صحيح وسليم والتعاسة نتيجة خطأ في التفكير وأنت قبل أن تأوي إلى فراشك لابد أن تستدني ورقة وقلماً وتدون فيها كل إنجازاتك وإيجابياتك وتضع رأسك على المخدة وأنت تردد: أنا بحمدالله سعيد.. أنا بتوفيق الله ناجح.. وتستمر على ذلك وتركز تفكيرك على نجاحاتك وأهدافك وإيجابياتك ولا تسمح لفكرك بالحيدان أو الانفلات والتفكير بالسلبيات ويا حبذا أن تستغفر الله وأنت تفكر بالحياة الجميلة والمشاهد المفرحة وما عندك من إبداعات وإيجابيات. صحيح أن قلبك لاهٍ عن الذكر لكن لعلك تدخل ضمن قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لايزال لسانك رطباً من ذكر الله) فتؤجر على ذلك وأيضاً الذكر يطرد الشيطان وهذه الطريقة مجربة مع الذين يخوفهم الشيطان ويقلقهم ولا يجعلهم يهنؤون في نومهم.
فالشيطان عندما يجد أن وساوسه ليس لها أثر عليك ففكرك مشغول بالتفاؤل وتلمس جوانب الخير في نفسك وإبراز إيجابياتها يخطو الخطوة الأخرى وهي منعك من الذكر وكسب الأجر فيعمد إلى تنويمك كما ورد في بعض الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم والشيطان كيده ضعيف ويجب أن لا نبالغ في أثره علينا فسلطته علينا ضعيفة وكما قال عليه الصلاة والسلام (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) عندما شكا إليه بعض الصحابة رضوان الله عليهم ما يجدونه في أنفسهم من نزغاته ووساوسه.
ووساوسه تذوب أمام زيادة الإيمان والخشوع في العبادة والذكر أو في الانشغال والتركيز في عمل نافع ومفيد ويا حبذا أن تمارس الاسترخاء وهو أن تجعل جسدك ممدداً تباعد بين قدميك ولا تشبك يديك وتركز تفكيرك على مشهد مفرح أو نجاح مميز حققته وتعد من واحد إلى عشرة أو من مئة إلى تسعين ثم تروح في تفكير تعدادي لإيجابياتك وإبداعاتك.
والهدف من ذلك هو إحداث اهتزاز وخلخلة في البرمجة السلبية التي تغذيت ونشأت عليها وتدريب عقلك الباطن على الإيحاءات الإيجابية الجديدة وتعويده عليها ثم تستمر على ذلك أسابيع ولا تتصور أن التغير يأتي سريعاً بشكل كبير بل هو نسبي وقد لا تحسه لكنه يظهر ويبين مع الأيام كل هذا تمارسه قبل النوم وحتى لا نطيل في كلامنا فتملنا لعلنا نترك الحديث عن طريقة تعاملنا مع صبحنا ويومنا السعيد إلى المقالة القادمة و(عند الصباح يحمد القوم السرى).
سطور أخيرة
كل ضرر يلحق بنا في حياتنا مصدره أنفسنا والشيطان لأنه ظاهر العداوة لنا {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} وقال تعالى: {وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} لكن كيده ضعيف إلا عندما نفتح له منافذ يدخل من خلالها إلى قلوبنا ويشوش علينا حياتنا ومنافذه كثيرة منها: المعاصي والغضب والتشاؤم والتحسر على ما فات (لو أني فعلت كذا لكان كذا) والتردد.. إلى آخره.
alhamada1427@hotmail.com