Al Jazirah NewsPaper Monday  31/03/2008 G Issue 12968
الأثنين 23 ربيع الأول 1429   العدد  12968

أحبها وتحبني (4-4)
سليمان بن ناصر عبدالله العقيلي

 

مع إشراقة شمس جديد أبحث عن شمسك الصامتة (زوجتك) وامنحها ابتسامة رائعة عندما تفكر بذلك يا عزيزي امنحها بكل توهجها وأَلَقِهَا فما هو إلا يوم جديد من أيام تجديدك لحبك!

نعم تجديد الحب يقضي عليك أن تعيش في فضاءات رحبة من المبادرة المتجددة والتي تفضي بك بالاعتراف بخطئك والاعتذار مجدداً وهذا بالكاد سيعطي لك مساحات خضراء تنثر على حياتكما الفل والياسمين..!

ومن الجميل ألا تُقلِقا نفسيكما بالعديد من الأسئلة المثيرة والمحيرة فيما لو طلب منكما أمر ما فخذاه بمحمل الجد وقابلاه بأسلوب جميع لطيف وتقبلاه بصدر رحب ملؤه الحب الدائم لنصفك الآخر إن هذا الحب العذري العفيف يستحق أن يجدد وإلا ينضب فهو ما يربط الزوجين ببعضهما وهو ما سيقربهما من بعضهما أكثر فأكثر.. لتجعل حبك مميزاً..!

لم لا تشعر زوجتك وأنتِ أخيتي لم لا تشعرين زوجكِ بأن حُسن وجمال أحدكما أدخل الآخر في قلبه فإن ذلك من عوامل تجديد حبكما وتذكرا قول أحمد شوقي:

أخذت هواكَ من عيني وقلبي

فعيني قد دعت والقلب قد لبى

وأنت من المحاسن في مثالِ

فديتك قالباً فيه وقلباً

يا الله ما أجمل هذا الحب الصادق حينما يعيش بين الزوجين إنه شيء جميل لا يمكن وصفه بل أحايين كثيرة لا تعرف له تفسيراً، يتملكك شعور غريب وتشعر حينها بأن أحاسيسك ومشاعرك ليست ملكك ولا تستطيع التحكم بها فما أجمله من حب صادق حين يتمكن من قلوبنا وما أعذبه حينما يتجدد في حياتنا ويشعرنا بقيمتنا وشخصيتنا واحترامنا لنصفنا الآخر وليكن الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في احترامه لمشاعر زوجته عائشة رضي الله عنها وتقديرها وبيان حبه لزوجاته فقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف حبك لي؟!) فقال عليه السلام: (كعقدة الحبل) ثم سألته كيف العقدة؟! فقال على حالها.. أي لم تتغير والنبي صلى الله عليه وسلم وصف لعائشة رضي الله عنها حبه لها كعقدة الحبل أي أن الحب مازال مربوطاً في قلبه وهذه الكلمات لاشك أنها أدخلت السرور على الزوجة عندما استمعت إلى مشاعر زوجها بالوصف المذكور ولنتخيل عائشة رضي الله عنها ودرجة سعادتها عندما استمعت إلى هذه الكلمات وهي تعلم مسبقا أنها المحببة إلى زوجها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فكم من مرة استمعت إليه وهو يقول لها بأنها فضلت على النساء كتفضيل الثريد على باقي الطعام..!

ولقد روى ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ما أبالي بالموت بعد أن عرفت أنكِ زوجتي بالجنة) وكيف ستكون نفسية عائشة رضي الله عنها ومشاعرها عندما تسمع هذه الكلمات التي تعطيها الأمن والأمان بالحب والمودة بالدنيا والآخرة! إذاً لنمنح زوجاتنا بعض الكلمات فالحب ليس مجرد سلوك وفقط، وليس مجرد كلمات وفقط بل هو مزيج من هذا وذاك!

ومن صور الاحترام للزوجة في الهدي النبوي ما حدث لنبينا صلى الله عليه وسلم عندما جاءته زوجته صفية تزوره في اعتكافه في العشر الأواخر من رمضان فتحدثت عنده ساعة ثم قامت لتذهب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ليودعها إلى الباب وفي رواية أنه قال لها: (لا تعجلي حتى أنصرف معكِ، وكان بيتها في دار أسامة فخرج معها. كم هي الحياة جميلة لو ساد هذا الاحترام بين الزوجين، ولقد جعل النبي عليه الصلاة والسلام معيار الخيرية عند الرجال في حسن عشرة الزوجات فقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي.

وما أجمل أن نتقن فن صناعة الحب بين الزوجين كأن يتزين الزوجين لبعضهما.. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أرجّل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض) رواه البخاري.

فليتنبه الأزواج لمثل ذلك فالمرأة تريد من زوجها حسن الرائحة فليبتعد عن التدخين وليحرص على التطيب وتسريح شعره وتقليم أظافره وشواربه وإبطه ولنتمثل منهج نبينا عليه الصلاة والسلام في ذلك الهدي النبوي!

(سئلت عائشة رضي الله عنها بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته قالت: بالسواك) ولا ننس قصة ذلك الرجل الذي دخل على عمر بن الخطاب زوج أشعث أغبر ومعه زوجته وهي تقول: لا أنا ولا هذا لا تريده، ما هو السبب؟ اسمع فعرف كراهية المرأة لزوجها فأرسل الزوج ليستحم ويأخذ من شعره ويقلم أظافره فلما حضر أمره أن يتقدم من زوجته فاستغربته ونفرت منه ثم عرفته فقبلت ورجعت عن دعواها، رجعت وتراجعت إذاً عن طلب الطلاق فقال عمر: وهكذا فاصنعوا لهن فوالله إنهن ليحببن أن تتزينوا لهن كما تحبون أن يتزينّ لكم).

إذاً المرأة تريد من زوجها كما يريد هو منها في التجمل والتزين فلنتعلم فن صناعة هذا الحب من رسولنا ومن زوجاته وصحابته والتابعين!

حقيقة ما أجمل أن يجتمع زوجين متفهمين لبعضهما يحترم بعضهما بعضا ويضحي كل منهما للآخر ويرعى كل منهما حقوق الآخر ويسود الحلم والوفاء وحسن المعشر حياتهما!

فاحمد مولاك أن أعطاك ذلك الإنسان المناسب لك لكي تحبه وليس كل إنسان وجد محبوبه كما وجدته أنت بل ليس كل إنسان لديه القدرة لأن يشارك آخرَ في حبه ربما لتجارب عاشها المحب مع حبيب سابق ولازمها الفشل لظروف محيطة لم تساعده على نمو حب جميل وسام لأبعد الحدود فلا تقتل أجمل ما في حياتك من حب عندما تحرم على نفسك من إشاعة هذا الحب أو تظهره على استحياء وأنه جريمة لا تغتفر!

لا أستطيع أن أقول: سوى ما أشقى تلك القلوب الرقيقة الشفافة حينما تحب بصدق ولا تجد صدراً حنوناً تضع رأسها عليه وحضناً دافئاً ترتمي عليه ليشعرها بالأمان وما أقسى الحياة حينما يحب المرء بعمق ولا يجد من يقابل هذا الحب ولا يسأل عنه أو يفكر به أو يشتاق إليه.

وما أكثره فظاعة وشراسة حينما تقابل بحبك أقنعة مزيفة وسراب خادع يتلاعب بمشاعرك أعتقد بأن ذلك يعيش خارج نطاق الخدمة أي بعيداً عن العلاقة الزوجية!

وما أكثره في حياة عاشها محبون لا يفرقون بين حب صادق عفيف أو حب زائف مغشوش وبين حب لذاتك وشخصك أو حب لمصالح دنيوية!

ولكن نحن عرفنا مشكلة مدينة الحب تلك المدينة الجميلة التي دخلها أناس يحاولون تشويه صورتها بمفاهيم خاطئة وليسيئوا لاسم هذه المدينة الجميلة بتفسيراتهم السيئة متجاهلين أن الحب أسمى من ذلك بكثير!

مسكين أنت أيها الحب لقد أضاعوا معناك وصدق مسماك.. وصار يتلفظ بك كل إنسان لأي إنسان دون أن يعرف معناك الحقيقي.

مسكين أنت أيها الحب لأننا صرنا نصدق أي إنسان يحبنا ولا يستغني عنا وبكل براءة نتقبل هذا الحب ولربما له أهداف أخرى في حبه لنا لا يعلمها إلا رب البرية.!

نعم أحبتي هذا هو الحب الجميل بين الزوجين وليس هناك أسمى وأنقى وأجمل من حب الله سبحانه وتعالى لأنه سيبقى الحب الأسمى الذي لا يعلوه حب وإذا أحب الله عبداً نشر محبته بين الأرض فاللهم اجعلنا من المحبوبين ويسر لنا أمورنا وأدم أواصر الحب بيننا ونمِّ مشاعر الصدق في دواخلنا وأشعر الطرف الآخر بحقيقة مشاعرنا وحبنا وتقديرنا له وأدم اللهم السعادة بين الأزواج ووفقهم في حياتهم آمين!

ومضة صادقة

إن الهوى لو كان ينفذ فيه حكمي أو قضائي

لطلبته وجمعته من كل أرض أو سماء

فقسمته بيني وبين حبيب نفسي بالسواء

فتعيش ما عشنا على محض المودة والصفاء

حتى إذا متنا جميعاً والأمور إلى انقضاء

مات الهوى من بعدنا أو عاش في أهل الوفاء

(اللهم اجمعني وأهل بيتي في أعالي الجنان... آمين).

aborakan8@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد