Al Jazirah NewsPaper Monday  31/03/2008 G Issue 12968
الأثنين 23 ربيع الأول 1429   العدد  12968
المرأة الخليجية خارج المشهد الثقافي
مها بنت حليم

تظل المرأة العربية في جهودها تجاه الحصول على حقوقها ضمن نسيج لا يتجزأ من وضع المرأة في العالم ككل، لا أحمل نظرة تشاؤمية للوضع لكن تشخيص أو تفنيد بعض الأمور ربما قد أضاف بعض التفاؤل على الأقل أو تفنيد بعض الأمور ربما قد أضاف بعض التفاؤل على الأقل بالنسبة لي، ليس لدي عقدة تجاه سيادة الرجل فهذا أمر وجدنا أنفسنا قادرين على التعايش معه كنساء، وليس لدي نية في طلب مساواة غير مستمدة من مجتمعنا وشريعتنا رغم محاولة الكثيرين لي أعناق النصوص وتكييفها وفق الهوى والمصالح واستخدام الشريعة السمحة من أجل إقصاء المرأة خارج أي مشهد اجتماعي أو ثقافي رغم أنه أحد أهم الأسباب إلا أنه يحتاج إلى وقفة طويلة ومستقلة لا مجال إلى الخوض فيها الآن.

خرجت المرأة الخليجية من المشهد الثقافي لسبب يخص طبيعة المجتمع، وقد أثّر على الرجل والمرأة على حد سواء، وهو عدم إيمان الأسرة الخليجية بأهمية القراءة، فمن النادر أن تجد في البيت الخليجي ركناً للكتب أو مكاناً مخصصاً للقراءة.. وتتحمَّل المرأة في مجتمعنا الجزء الأكبر من عدم وجود مجتمع مثقف أو قارئ كونها أهملت أهمية هذا الجانب لدى أولادها منذ البدء، فلا يُنظر للفتاة التي تعشق القراءة والكتابة نظرة اهتمام مثلما ينظر إليها لو كانت تعشق هواية أخرى، كما لم تستطع أي امرأة خليجية فيما أعرف الوصول إلى رئاسة تحرير صحيفة يومية، بل إن المرأة الصحفية في مجتمعنا تعاني مثلها مثل أي امرأة عاملة أخرى، والوزارة المعنية بهذا الشأن كأنها وزارة للرجل فقط، فالجمعيات الثقافية في الوطن الخليجي يسيطر على إدارتها ووضع أجندة أعمالها الرجال الذين مهما ادعوا من إنصاف يبقى نتاج الرجل الثقافي لديهم في المرتبة الأولى، فعندما تنظر في جدول أعمال أي جمعية ثقافية - هذا إن كان لها جدول أعمال - تجد المرأة لا تحتل سوى ما يقارب الواحد بالمائة من أنشطة الجمعية.. والسبب الأكثر أهمية أنك لا يمكن أن تجد في الغالب امرأة ترأس الصفحات الثقافية في أي مطبوعة خليجية.. ومن المستحيل والمضحك في آن واحد أن نرجع السبب في ذلك لعدم وجود امرأة مؤهلة تشغل مثل هذه المهمة، بل إنك تستغرب أن ما يقارب نصف المسؤولين عن الصفحات الثقافية في صحافتنا الخليجية أقل من مهامهم بشهادة النصف الآخر منهم! وهذا السبب أدى إلى عدم وجود مرجعية ثقافية نسائية خليجية يمكن اللجوء إليها عند الحاجة، لقد لمست ذلك بنفسي عندما أردت إصدار كتابي الأول، فجميع الرائدات في هذا المجال يصعب الوصول إليهن بسهولة لعدم وجود جهة ثقافية رسمية ينتمين إليها، وفوق هذا لا يملكن غير مكانة اعتبارية تكاد تكون هامشية معتمدة اعتماداً كلياً على ما يملكنه من معارفهن الرجال في هذا المجال، فمهما كان بعض المثقفين الرجال يملكون تحضُّراً ورقياً تجاه التعامل مع الأنثى المثقفة ونتاجها إلا أن الكثير من النساء عزفن عن المشاركة في الحراك الثقافي لهذا السبب، فالمرأة الخليجية المثقفة تحتاج إلى مجتمع يحترم خصوصيتها، فبالرغم من أن الفكر لا يفرِّق بين الرجل والمرأة لكن المكان والمسؤولية بحاجة إلى استقلالية تامة، وقد استبشرنا نحن النساء خيراً عندما قامت بعض الصحف بوضع مقر وإدارة نسائية مستقلة، لكن سرعان ما ذهب الفرح أدراج الرياض عندما رأينا كيف يتم التعامل مع طرحهن داخل الصحيفة، ومع الفشل الذي تعانيه الجمعيات الثقافية الخليجية نتمنى أن يتم وضع جمعيات ثقافية نسائية ربما استطاعت أن تدخل المشهد الثقافي بقوة وربما تجاوزت بزمن قصير كل ما بناه المثقف الرجل رغم كل الامتيازات التي يتمتع بها ضد وجود أنثى في جزء بسيط من المشهد..!



Mahabnt71em@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد