جماعة المسجد.. هم الذين يؤثرون في المسجد.. وهم الذين يقودون نشاطه.. وهم الذين يدفعون الإمام والمؤذن إلى العمل والعطاء والتفاعل والمحافظة على رسالة ودور المسجد.. وهم الذين ينشطون الحي ويضعون روابط بين الناس.. وهم الذين يقفون وراء كل نشاط.
** نحن لا ننكر دور الإمام والمؤذن.. ولا يمكن أبداً.. أن ننكر الدور الرائد لوزارة الشؤون الإسلامية.. إعداداً ومتابعة ورقابة وحضوراً.. ولدى الوزارة برنامج رائع اسمه.. برنامج العناية بالمساجد.. حلَّ مشاكل أكثر المساجد.. ووضعها في الإطار الصحيح المطلوب.
** ولست هنا.. لأتحدث عن وضع المساجد لكني أردت الحديث عن جماعة المسجد ودورهم فقط.
** إذا كان يوجد فيه جماعة نشطون.. فإنه يندر أن تشاهد المؤذن يتكاسل أو يتأخر أو يتجرجر.. وهكذا الإمام.. إذ لا يمكن أن يغيب أو يتأخر ولو فرضاً واحداً دون أن يشعرهم.. ودون أن يوفر البديل.. ودون أن تكون الأمور مضبوطة.. لأنه يدرك أن هناك من جماعة المسجد من سيحاسبه ويسأل عنه ويتفقد الأمور.
** وإذا كان جماعة المسجد نشطين.. وجدت المسجد له نشاط وحضور وتفاعل.
** تجد فيه مناشط كثيرة.. محاضرات ودروس.. استقطاب دعاة.. حلقات تحفيظ.. لوحات مليئة بالكتابات النافعة.. الخ.. ذلك أن جماعة المسجد يحركون المياه الراكدة.. ويستحثون الإمام على العطاء والتفاعل.. ويضعون مناشط وأعمالاً تكون من مسؤولية ودور الإمام.. وهو المحرك لها..
** وإذا كان جماعة المسجد كسالى انعكس ذلك على الإمام.. الذي قد يحبط ويترك المناشط.. لأنه لا يجد من الجماعة أي تفاعل أو تعاون.. وكم من إمام مسجد بدأ نشيطاً متحركاً متحفزاً.. ثم تراجع وضعف نشاطه.. بل أحبط..
** وتستطيع أن تعرف جماعة المسجد هل هم نشطاء.. من شيء واحد.. وهو فتح باب المسجد..
** فالمسجد الذي لديه جماعة نشطون.. تجده يفتح أبوابه قبل الأذان بحوالي نصف ساعة.. وتجد أموره كلها مرتبة.. وتجد المكيفات مفتوحة.. وأوضاعه كلها في الإطار الصحيح.
** أما المسجد الذي يملك جماعة كسالى.. فلا يفتح في أكثر الأحيان.. إلا بعد مرور خمس دقائق بعد الأذان.. أو ربما عشر دقائق.. وتجد المؤذن يتجرجر ويترك للفراش (البنغالي) مسؤولية الأذان في أكثر الأحيان.. ويتعارك مع مفتشي الوزارة.. ولديه مشاكل أقلها.. الكسل..
** كما تستطيع أن تعرف المساجد التي لديها جماعة نشطاء.. من حضورك للمسجد بعد الأذان مباشرة حيث تجد الصف الأول مكتملاً.. وعدد الحضور مع الأذان أو قبله أو بعده مباشرة.. يشكل غالبية جماعة المسجد.
** أما المسجد صاحب الجماعة الكسالى.. فإنه يوشك على الإقامة ولا تجد سوى اثنين أو ثلاثة في روضة المسجد من الشياب.. والبقية تسمعهم يتراكضون و (يتنحنحون) عند كل ركعة.. بمعنى (وقف أيها الإمام لنلحق على الركعة !!) وهكذا الجوامع يوم الجمعة.. هناك جامع تحضر إليه الساعة العاشرة وتجد الصف الأول كله مكتملاً.. بل ربما الصف الثاني..
** وجامع آخر.. تحضر إليه قبل دخول الخطيب بربع ساعة وتجد ثلاثة أرباع الصف الأول فاضياً..
** والمساجد التي تملك جماعة نشطاء.. تجد الإمام يهتم بالصلاة.. ويهتم بالقراءة.. ويُحضِّر نفسه ويكون مستعداً دائماً يراجع ويتابع.
** أما المسجد صاحب الجماعة الكسالى.. فتجد الإمام دوماً (عَجِل) حتى في صلاته.. حتى في قراءته يُخفف بل (يطير) ويقرأ قليلاً ويركع ويسجد خفيفاً.. بمعنى.. أنه ( يمشي) نسأل الله العافية والسلامة من الكسل والتهاون بالصلاة.
** والمساجد التي لها جماعة نشطاء.. تجد المسجد بعد عصر الجمعة يمتلئ بالناس.. فهذا يسبح ويدعو.. وهذا يقرأ قرآناً.. وهذا في خلوة مع نفسه.. يراجع حساباته وما فرّط فيه.. وما قصّر فيه أمام ربه.. والمسجد عامر بالناس حتى أذان المغرب..
** والمسجد صاحب الجماعة الكسالى مغلق الباب حتى أذان المغرب أو بعده بقليل.
** نعم.. جماعة المسجد.. لهم تأثير.. ولهم دور.. بل إن الجماعة النشطاء.. ينشطون الآخرين.. إذا تجد في كل يوم.. ينظم للنشطاء واحد.. فهم يحمس بعضهم بعضاً ويشجع بعضهم بعضاً.. وهذا ما يدعو الكسول المقصر لأن يراجع حساباته إذا شاهد الآخرين نشطاء متحركين متحمسين متجهين لربهم.. زاهدين في الدنيا.. محافظين على أوقاتهم..
** هذا جانب من دور جماعة المسجد..