Al Jazirah NewsPaper Monday  31/03/2008 G Issue 12968
الأثنين 23 ربيع الأول 1429   العدد  12968
رؤية أقتصادية
مؤتمر القمة العربية..بين انطلاقة اقتصادية وتحصيل الحاصل!

منذ عدة عقود، في انعقاد القمم العادية، أو الطارئة ومع الوضع في الاعتبار ما تلاقيه القمم من ضغوط على المستوى الخارجي في الغالب، إن الواقع الاجتماعي العربي لم يصل إلى القناعة بأن مؤتمر القمة العربية قد اقتربت من سقف الطموحات، وأن هذه الأوضاع - في الظروف العادية - لانعقاد القمة العربية لم تشعر بأن الهموم الرئيسة للمجتمعات العربية قد وضعت على طاولة البحث، فأي رفاهية فكرية حين نطرح أهمية تمكن الواقع العربي من الحلول، وإحلال آليات التنفيذ إلى الواقع،.. وليس من العدل أو العقل أن نكرر الملامح الإعلامية عبر العقود الطويلة السابقة بأننا أمام مفترق طرق، أو أننا على حافة الهاوية، الحقيقية التي يستشعرها المواطن العربي، وربما في البلدان الإسلامية.

ولا جديد إذا قلنا إن القرارات التي تتخذها مؤتمرات القمة العربية في الغالب والأعم، لا تعدو قرارات سياسية لا تطبق في الغالب على أرض الواقع ربما تحدث صدى لدى الغرب.

الحقيقة أنني لا أتجه في هذا المقال إلى منحنى سياسي، وليس هدفي كمنطلق، ولكنني أقرأ الوقائع للوصول إلى الهدف، هذا الهدف الذي أحب أن أسميه (مؤتمرات القمة النوعية).

قبل هذا، فلا شك أن محاور وأهداف القمم العربية التي انعقدت ترتكز على محاور سياسية ولا أستثني في ذلك القمة التي انطلقت أمس الأول في العاصمة السورية دمشق، فمن الواضح في هذه القمة أن أحد أهدافها الرئيسة هو المبادرة العربية ثم مجموعة من القرارات لعدد من الموضوعات لا نعرف كيف تتحقق وبدون أدنى شك لا يمكن أن ترفض، كما أنها شملت كل شيء في الحياة العربية، ولم تترك أي شيء.

إذاً، المسألة تحتاج إلى إعادة صياغة آليات العمل وبرأيي فإن هذه المؤتمرات النوعية ترتكز على أحد العناصر الملحة فقط، وعلى رأسها (القمة العربية الاقتصادية) كأهم الأمثال التي أحب أن تطرح؛ اقتصاديات الدول العربية، ونوعياتها وكيفية دعمها، ورفع معدلات التبادل التجاري وإيجاد آليات لتحقيق ذلك، فعندما تنشغل (قمة عربية) طوال العام بحشد من القرارات السياسية الداعمة للمؤتمر، وحشد من خبراء الاقتصاد في كافة المجالات؛ تستطيع في ظل توفر إرادة حقيقية أن تزيل العقبات من طريقها وأن يستشعر المواطن العربي بوجود الجامعة العربية في حياته عن قرب.

إن العالم ينظر إلى الغزو الاقتصادي الصيني مندهشاً إلى هذه القوة الجارفة، وكأنه أمام أخطر الأسلحة النووية!! وأسواق أمريكا مهددة في كثير من الأحوال أمام المنتج الياباني.. وهذه إشارة شديدة الوضوح إلى قدرة الاقتصاديات في دعم شعوبها في مواجهة الآخر، وربما للاقتصاد مفعول أكبر من السلاح والجيوش المسلحة.

إن البوادر المحدودة التي ظهرت في المؤتمر التاسع عشر لجامعة الدول العربية بالرياض والمعني بالجانب الاقتصادي والاجتماعي التركيز على التجارة البينية العربية يمثل توجهاً صحيحاً إذا ما اكتسب شرعية سياسية تؤهله للتحقق، ويكفينا خجلاً أن حجم التجارة العربية يقدر بـ13% خلال عام 2005 كأعلى ارتفاع له بعد أن كان قبل ذلك 8% ونحن نطالب الكيانات الاقتصادية في كل دولة عربية أن تتواجد بشكل جماعي وفاعلية، حيث إن السوق الإقليمية تعتمد على الشركات الإقليمية.

وخلال الخمس سنوات السابقة سجلت مؤشرات التجارة البينية بين الدول العربية معدلات ارتفاع ملحوظ، حيث بلغت عام 2000 نحو 31.3 مليار دولار بمعدل نمو 14.5%، وخلال عام 2001 سجلت نمواً بلغ 34.4 مليار دولار بمعدل نمو بلغ 8.1%، وقفزت التجارة البينية عام 2004 بين الدول العربية إلى 64.5 مليار دولار بمعدل نمو 36.3%. وهذه المؤشرات تحتاج إلى مزيد من الدعم ونستطيع تفعيل القرارات الاقتصادية من خلال تفعيل وتنفيذ القرارات الخاصة بمجال قيام التجارة العربية الكبرى وإلغاء الرسوم الجمركية وإيجاد آليات تنفيذ القرارات الاقتصادية وأيضاً اعتماد أسلوب الشفافية في مجال المنح والمساعدات المجانية والقضاء على الوساطة والرشوة في تخليص هذه المساعدات وإقامة الاتحاد الجمركي العربي والبرنامج التنفيذي الذي أعدته جامعة الدول العربية ومشروع الاستراتيجية الزراعية ومشروع الربط الكهربائي العربي.

من اللافت إلى أنه جرى اتفاق بين وزراء الاقتصاد والمال العرب في الرياض على مشروع قرار لعقد قمة عربية مخصصة في المجال الاقتصادي والاجتماعي لدعم سبل التنمية العربية، وقد تقرر رفعه إلى وزراء الخارجية العرب تمهيداً لإقراره من القمة، كما دعا مشروع القرار إلى الاهتمام بتفعيل الاتفاقيات الثنائية والإقليمية بما يحقق مصلحة العمل العربي المشترك وإعطاء الأولوية لمشروعات البنية التحتية. هذه المشروعات تستحق التقدير، ولكن التقدير الأكبر حين تصبح حقيقة على أرض الواقع وتحقق طفرات اقتصادية في أنحاء العالم العربي.

تركي بن فيصل الرشيد
كاتب سعودي



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد