أذكر أنني تناولت في مقالة سابقة الأوضاع المتهالكة للجمعيات التعاونية في مختلف مناطق الوطن.
وضربت مثالاً حياً وعلى الهواء مباشرة تمثَّل في الجمعية التعاونية بالرياض التي قبع سوقها التمويني عدة أعوام يصارع أمواج الاستهلاك العاتية قرب أسواق الشمال بالرياض حتى تلاشى وبات أثراً بعد عين.
الجمعية التعاونية في العاصمة تعد مثالاً حقيقياً على هزيمة مثل هذه المشاريع التكافلية والتضامنية البسيطة.. تلك التي تغرس روح الجماعة والتعاضد وقضاء الحاجات بدلاً من هذا الهوس التسوقي الفاره، والعرض السلعي فيه، واللهاث المخيف خلف الكماليات والمتطلبات التي لا تقف عند حد.
فقرار مجلس الوزراء المنعقد في 9- 3-1428هـ القاضي بتفعيل دور الجمعيات التعاونية مهم ولافت. يعكس حاجتنا جميعاً للتروي في مشروعنا الحضاري الآني والمستقبلي، والبحث عما يفيد المجتمع ويحقق له معادلة التكافل، وقضاء الحاجات اللازمة بأسلوب واقعي مناسب، وترك ما هو كمالي لا يضيف شيئاً.
فقد ذكرنا هذا القرار الهام بما آل إليه واقع الجمعيات ولا سيما الجمعية التعاونية في حي المروج بالرياض بأهمية أن يُعاد النظر في أمر جموح استهلاكنا الجنوني غير المبرر، وذلك بتفعيل الدور الحقيقي للجمعيات التعاونية والتضامنية في مجال التسويق الغذائي والتمويني مثل المواد الغذائية والمحروقات والغاز والأدواء الزراعية ووسائل النقل البسيطة التي تحقق الهدف.. فهي بحق أهم ما يمكن إعادة تفعيله في هذا المشروع.
فقد كنت أذكر جمعية قريتي التضامنية حينما فقد شعارها المعدني المكون من حلقات متشابكة بعضها ببعض، فلم نجد بداً آنذاك من نقش شعار الجمعية في الجدار الطيني إبانة إلى أن هذا المكان هو مقر الجمعية التعاونية التضامنية بقرية ال....
أذكر أنه كان يعقد في جمعياتنا دورية للجمعية العمومية، يصوت فيها رجال القرية على قرارات هامة، ويقرون أنشطتها ويتداولون جداول خططها المستقبلية، ويحددون بالتصويت والاقتراع لا بالارتجال أرباحها.
بل ويصوتون بمنتهى الحرية والمسؤولية على بيع (صهريج الجاز)، واستبدال الحراثة القديمة بأخرى جديدة، ويداومون على رعايتها وصون أصولها بشكل قوي لكي تنهض مشاريعها في كل ما من شأنه أن يرتب حياة التكافل والتضامن لخدمة ذلك المجتمع البسيط.
أما اليوم فإن جنون المادة قد طغى من الكبير إلى الصغير فقد تعلم صغار التجار من كبارهم كيف يتم القضاء على جمعياتنا التعاونية فليت خطوات مجلس الوزراء تسند محاولات كبح جماح هؤلاء التجار الجشعين ومن يقف خلفهم ممن نَسمهم بالمنتفعين الذين يدمرون كل شيء باسم السوق الحر والتجارة المفتوحة ونحن في مجتمع محافظ بسيط.
Hrbda2000@hotmail.com