الجهود التي تبذلها دولتنا الفتية في سبيل النهوض بالعلم وأهله أكبر من أن يتحدث عنها أحد لتشمل المنشآت التعليمية من جامعات ومدارس للبنين والبنات مجهزة بما يخدم العلم واستقطاب الكوادر العلمية المؤهلة وبتخصصات مختلفة لتلبي سوق العمل ومتطلبات الدولة.. وإذا كان التعليم في بلادنا يسير بخطى ثابتة يُنبئ عن جهود جبارة تقف خلفه، فلنا حديث حول أبجديات التعليم وأساسياته.. وما من شك في أن التعليم الابتدائي هو أول مراحل التعليم كمناهج مقررة يتبعها المتوسط، فالثانوي، والتعليم العالي، وبذلك يبقى الابتدائي هو الركيزة التي ينطلق منها أبناؤنا وفلذات أكبادنا، ولا مجال في التفريق بين معلم الأمس واليوم.. وطالب اليوم والأمس من حيث حرص المسئول الأول في التعليم، وهو المعلم إلا من رحم ربي، وكذلك في ظل معاول الهدم للطالب التي تكالبت عليه في ظل الفضائيات في شتى معطياتها.. فالفن والرياضة نجح القائمون عليهما في تشتيت أذهان الأبناء بل والبنات ليحلا محل طلب العلم والحرص عليه ناهيك عن متابعة الأسهم بين الأحمر والأخضر.. ومما يزيد الطين بلة في الوقت الحاضر هو استحداث نظام التقويم المستمر ليأخذ مسلسل انهيار المستوى التعليمي في الزيادة ويصل إلى الحد الذي لا يتمناه أولياء الأمور فضلاً عن المسئولين في التعليم، وما ذلك إلا للسلبيات التي بدأت تطفح على ساحة التقويم المستمر ولن نتحدث عن إجراءاته، بل عن بعض نتائجه السلبية ويكفي أننا بدأنا نجد مجموعات كاملة لا تستطيع فك الحروف قراءة وكتابة فكيف وصل هذا الطالب، أو ذلك إلى المرحلة المتوسطة.. وما هو مصير التعليم غداً في ظل تدرج هذا النظام ليشمل التعليم المتوسط والثانوي إلا من بعض الطلاب الذين يقف خلفهم منزل متكامل حريص على تعليم أبنائه ليجد الصراع المستمر مع معطيات التعليم.. وهذا قليل في ظل ظروف المعيشة التي تتطلب عمل الأب والأم لتأمين مصدر دخل للأسرة، وبالتالي فأين التفوق الذي ينشده كل أب حريص.. وكيف سيتم استخراجهم على مستوى الصف فضلاً على مستوى المدرسة، بل والمنطقة.. ومن سيتم تكريمه بعد سنة من الآن في المرحلة الابتدائية وبعدها المتوسط والثانوي.. وما هو الميزان الذي سيتم من خلاله معرفة ذلك المتفوق.. وماذا تعني (واحد واحد)؟.. فالكل سواسية في الصف.. ومن الذي سيبقى للإعادة في صفه بعد أن تجتمع لجنة خاصة في المدرسة لتدارس وضع الطالب الذي لم يتقن المهارات المذكورة.. وتتدخل العاطفة محاولين إيصاله إلى النجاح فينجح من لا يستحق.. أرجو أن تصف فرحة الأهل بالتفوق قديماً وما هم عليه الآن.. هل شعر أحدنا بتفوق ابنه؟.. فالضعيف والممتاز سواء.. وهل شعر أبناؤنا الآن بلذة التفوق الذي عهدوه من خلال لوحة الشرف والتكريم الذي دأبت دولتنا على تعميمه على جميع المناطق والمحافظات وكان من نتاجه تسابق الأسر لتكريم أبنائها حرصاً منهم على بث روح المنافسة وإيماناً منهم بأهمية العلم وأهله.. وإذا قُدّر أن كلمة واحد تعني ممتازاً.. فالسؤال يطرح نفسه.. أليس الامتياز على درجات.. أم أننا سنلقي ذلك الفارق؟.. فالقدرات مختلفة.. أما في هذا النظام فالكل ينجح، وكل الناجحين سواسية أمام التقويم المستمر.. صحيح أن من حسناته حصول معلمي التقويم المستمر على أعلى نصيب من الإجازات وقد انقضى عهد وضع الأسئلة نهاية كل فصل والتصحيح ومشاكله.. إلا أننا يجب أن يكون الطالب واستفادته العلمية هو محور الحديث لنبني جيلاً يتوق للتفوق في جميع المجالات والعلوم المختلفة لا أن نلقي بالفروق الفردية وتضيع الفرحة في وجوه المتفوقين وأهليهم، وبخاصة أننا أمام علوم متطورة ومستجدة بين لحظة وأخرى وتحتاج إلى بث روح المنافسة لا قتلها.. والرجاء بشتى أنواعه يكون في محاولة إيجاد صيغة معينة لتدارك الوضع التعليمي كما بدأنا كمنسوبين للتعليم نشعر بالخطر القادم وهو إيجاد الأمية المقنعة خلف هذا النظام.. وأعتقد أن من بين الحلول السليمة هو أن يتوقف التقويم المستمر عند نهاية المرحلة الابتدائية.