الحب من أسمى العواطف الإنسانية وأرقاها. به تطيب النفس وتسعد. عالم مليء بالأحلام البيضاء. وبالحب صار القلب قصرًا واسعًا أحمر اللون يحتضن مشاعر عظيمة. مشاعر تشتاق ولا تنسى، مشاعر تعطي بطيب نفس وبلا مقابل. الحب نار مشتعلة لا تنطفئ ولا تنطفئ، فشظاياها غدت كالبلسم للجروح وكالنسيم العليل للقلوب، فالأرواح تحيا بالحب وتعبر دروبًا بالزهر عبيرها منثور. ابتداءً من حب الله عز وجل الذي يفوق أي شيء، وكل حب يكون لله وبالله وفي الله، ثم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدهما سائر البشر: الوالدين والإخوة والأصحاب، لا ضير في حب نبوح به.
وبالرغم من ذلك نجد كثيرًا من الناس يتحرج منه ويكابر عليه وبات الحب عند الكثير مصطلحًا مخيفًا يجر وراءه قلة الدين والأدب. ضيقوا مفهوم الحب، فلا حب عندهم إلا ذلك الحب الذي يكون بالخفاء وبالحرام.. نسوا حب الأهل والصاحب والجار، فلكل منهم رصيد يرتفع أو ينخفض في بنك حبنا، فعندما نشتاق أو نفتقد أو نعاتب فإننا نحب نعم نحب، لا عيب، إنه الحب الذي تسعد به الروح ويدفعها لانتظار الغد بكل ما يحمله من شغف. حالة نعيشها لكن مفاهيمنا الخاطئة أفسدتها بل أجزم أنها وأدتها.
فالحب ارتبط بالخطوط الحمراء إن أحببنا لا نصرح لأنه عيب علينا أن ننطق به ناسين من ذلك قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إذا أحب الرجل أخاه، ليخبره أنه يحبه) رواه أبو داوود والترمذي وقال حديث حسن صحيح. وإن صرحنا فإننا نقولها بصوت خافت وكأننا نرتكب ذنبًا عظيما لا أقصد من ذلك ما انتشر عند بعض المراهقين والمراهقات وهو الإعجاب وقد يتطور أحيانًا ليصل إلى الشذوذ، فكلاهما ليس حبًا بل خللاً يصيب النفس البشرية وكلاهما يعود إلى عوامل شتى، منها:
1- ضعف الوازع الديني.
2- عدم شغل وقت الفراغ بما يفيد.
3- عدم الثقة بالنفس أو ضعفها.
4- الرغبة بلفت النظر بطريقة خاطئة.
5- خلل في الهرمونات.
6- التقليد.
ولا شك أن التقليد يعد من أبرز العوامل الحسية لمثل تلك الظواهر، وللتقليد صور مختلفة فإما أن تكون هناك شخصية محببة للقلب من جنس مختلف فيقلده بمظهره الخارجي مثل تقليد هيئة بعض الفنانين والفنانات وإما أن يكون التقليد لأناس مصابين بتلك الأمراض ويكون المقلدون من ضعاف النفوس فمثل هؤلاء يجب توضيح الصورة لهم بطريقة صحيحة وبأسلوب لين لأنه بالعنف لا جدوى ولا فائدة، فتعزيزهم بالعاطفة وتقوية الثقة بأنفسهم وبحوارهم ومعرفة ما بداخلهم وتقويمهم هو السبيل الصحيح لتعديل ما أعوج بأنفسهم. فما من خلل إلا وله سبب ومعرفته ترشدنا إلى إصلاحه. أعتقد أن ما تحتاجه مجتمعاتنا على اختلافها حب صادق يتعاملون به، حب على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم.