يزداد التاريخ إشراقاً وتوهجاً ويسجل جميل الحضارات وعظيم المنجزات وأصبح يتكلم كل اللغات.. العالم يبحث عن معلومة وتاريخنا ينسج منظومة متكاملة يستحضر العالم ليغذيه بالمعلومات. كل سنة جديد وكل يوم منجز منجزاتنا تحاكي التقدم والحضارة. تأتي الجنادرية في إطلالتها المرتقبة إن شاء الله في السابع والعشرين من الشهر الجاري وفي دورتها الثالثة والعشرين وسط أجواء ثقافية تفوح بعبق الخزامى والكادي يعطر تدشين هذا الكرنفال أوبريت صاغ كلماته سمو الأمير سعد بن سعود آل سعود مما يضفي على الاحتفالية زخماً وألقاً. مسيرة أمة مسيرة وطن حبة رمل فيه أغلى من الذهب تاريخ هذا البلد المعطر تتطور في كل المجالات، مما جعل اسم المملكة ضمن مربع هي إحدى زواياه القائمة في كل مجال، حضارات تجاوزت أعمارها آلاف السنين شاخت. تاريخنا يبقى شاباً يافعاً لا يتأثر بالسنين عدداً ولكن بالمنجزات واقعاً وضع للسنين حداً فأوقفها في سباق مع الركب والزمن، فتجاوز الكثير من الدول المتقدمة الأكثر عمراً والأكثر عدداً، فمنجزاته فاقت كل التصور محاكاة للماضي العريق ومواكبة للحاضر الفعال. أثرى التاريخ وارسخ في عقول الباحثين أجمل الصور واصبح مصدراً موثوقاً للمعلومة الصحيحة والمنجزات الفريدة وهذا منبر من منابر المملكة المشرقة الوضاءة يسجل كل عام في الجنادرية بكل زخمها وجديدها واتساع رقعتها وازدياد روادها من كل الأطياف من علماء، أدباء، باحثين، ملتقى يضم في أروقته ودهاليزه هذا النخب ومن الصفوة وسط أجواء مفعمة بالحب والصفاء تحت سقف الحوار الهادف البناء، ومن أهل الخبرة وصنوف المثقفين على مستوى العالم مرآة صادقة تعكس واقعا مشرقا، في كل عام نجد ثوباً ناصعاً مشرقاً بالأمل والعمل يحكي قصة مسيرة أمة تسابق الزمن بخطى ثابتة مدروسة وهذا يرجع إلى حسن التدبير ورجاحة التفكير ودراسة التحضير بعد أن سخر الله عز وجل وانجب رحم هذا الوطن رجالات نذروا أنفسهم لخدمة الدين، المليك والوطن ولنقل صورة مشرقة لهذا الكيان الكبير. فكل منجزاتنا تلقى والحمد لله الدعم الكامل من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي عهده الأمين سلطان بن عبدالعزيز رعاهما الله متخذين من مسيرة المؤسس طيب الله ثراه في بناء هذا الصرح الشامخ على الكتاب والسنة فجعل بين التراب وأبنائه قصة عشق دائم، فكانت غزلية قلوب بين الوطن والمواطن نحن لا نحكي عن منجزاتنا لأنها هي التي تحكي عن نفسها بما تشهده عيون الآخرين وتنقله أقلام المؤرخين باصدق رواية فالعين أصدق شاهد وأقلام الصدق تاريخ مرصود للأجيال القادمة كلمة وصورة. صوت الإبداع كالرعد في السماء لا يغفل عنه إلا من ملأ الحقد قلبه وأعمى الحسد عينيه، إلا أن الجنادرية صفحة مضيئة من كتاب تاريخ كبير لهذا الوطن المعطاء وتبقى مسيرة الأمة في خطاها تسير تزداد اشراقاً وتذلل كل عسير.
تبقى هذه التظاهرة العالمية باسمها المشرق الوضاء تلبس حلة قشيبة كل عام تتسع فيها قاعدة ودائرة المشاركة لتبرز الإبداع ولتلتقي هذه الوجوه الطيبة والمضيئة وسط ترحيب وحفاوة بالغين تنبع من أصالة وعراقة هذا الوطن وأبنائه وجذوره التي تضرب في أعماق الأرض. فما زالت مملكة الخير والإنسانية رغم كل التطور والبناء والحضارة والتقنية وملاحقة ومتابعة كل جديد في عالم العلوم والتكنولوجيا لم يختلط عليها شيء من العادات والتقاليد المستوردة ولم يؤثر في ذات الشخصية التي شيدت على أساس متين وهو التوحيد.. فلسنا شعب تقليد أو استيراد حضارة أو انتهاج لغة جديدة فأصل اللغة نحن منبعها وجمال الشعر وفن القريض هو ساحتنا وشجاعة الفارس والفروسية هي أرضنا ولغة الضاد هي قرآننا ونبي الأمة اشرق نوره من مكة المكرمة وذاع الإسلام من أرض الحرمين وإلى ارض الحرمين تشد الرحال ففيها قبلة المسلمين، مسجد رسول الهدى (صلى الله عليه وسلم) هذه الحضارة وهذا التراث الإسلامي العريق ترك أثراً ملموساً يشاهد بالعين المجردة له تميز خاص يعكس هويتنا السعودية.
إن هذا المهرجان للتراث والثقافة ما هو إلا انعكاس وتذكير لتراث هذه الأمة التي نعتز بتاريخها المجيد وبات عرساً يزداد بريقه ويأخذ منعطفا هاما في مسيرته المتألقة عاما بعد عام نظير الإمكانات الضخمة التي وفرتها له القيادة الحكيمة ويحظى بتقدير وثناء شريحة عريضة من العلماء المثقفين والأدباء وكل المهتمين والمحبين.