حينما تصبح المرأة السعودية إما مطلقة أو أرملة فإن أول ما تقوم به هو الذهاب إلى أقرب جمعية خيرية وتسجيل اسمها فيها لكي تنال نصيباً من تلك التبرعات التي تصل إلى الجمعية الخيرية من أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة هذا في حال استثنائنا من رحم ربي من تلك النسوة ووفقن في الحصول على وظيفة.
ما يؤسفني هنا هو أن المرأة حينما تفقد زوجها إما بطلاق أو بموت هذا الزوج فإن حياتها تتغير إلى الأسوأ وتصبح تلك المرأة ضمن قائمة الفقراء والمساكين الذين يحتاجون إلى الصدقة!! ومن يرى واقع المرأة السعودية سيجد أن المجتمع بفكره وثقافته يتحمل مسؤولية كبيرة في تردي حال المرأة وجعلها الحلقة الأضعف دائماً.
نعم هناك مطلقات وأرامل ليس أمامهن سوى طلب المساعدة إما بسبب كبر سن بعضهن أو بسبب أمية بعضهن الآخر، ولكننا نرى أن هناك نسوة يستطعن العمل ويملكن جميع مقوماته وهن على استعداد تام لذلك متى ما وجدن من يفسح المجال أمامهن ويقدم لهن الدعم المناسب.
تتطور المجتمعات من حولنا فأخذت المرأة فيها نصيبها وحقها في شتى المجالات ومنها العمل والذي هو أفضل حل لمعالجة مشكلة الفقر والذي يؤمن للفرد مصدر دخل مادي يكفيه عناء البحث عمن يتصدق عليه بالمال ويسد طرقاً كثيرة قد يفتحها أمامه الشيطان والذي يخطط دائماً لإغواء البشر والزج بهم في حفر المعاصي والشرور.
المرأة السعودية سواء أكانت مطلقة أم أرملة أم فتاة وصلت إلى سن متقدمة ولم تتزوج كل أولئك لسن بحاجة إلى صدقة أو معروف بقدر حاجتهن إلى عمل يجدن من خلاله غايتهن المادية ويقيهن شر الحاجة. فهناك سيدات وفتيات لديهن من عزة النفس ما يمنعهن من الذهاب إلى الجمعيات الخيرية أو طلب المساعدة من أي من كان وهؤلاء شريحة كبيرة يتوجب على المجتمع مراعاتها والنظر في حالها.
عمل المرأة السعودية لا يزال محصوراً في نطاق ضيق جداً، رغم أن سوق العمل السعودي سوق فسيح ورحب ويستطيع احتواء كل العاطلين عن العمل سواء أكان العاطلون هنا رجالاً أم نساء.
ولو نظرنا إلى غالبية الموظفات السعوديات سنجد أنهن ينحصرن في قطاعين هما القطاع التعليمي والقطاع الصحي أما بقية القطاعات فلا تكاد تذكر مقارنة بهذين القطاعين في ظل وجود أعداد كبيرة من خريجات الجامعات واللاتي لم يحصلن على الوظيفة إلى حد الآن وليس بمقدور هذين القطاعين احتواؤهن جميعاً وتأمين الفرص الوظيفية لهن.
فلماذا لا يتم توسيع دائرة عمل المرأة السعودية لتعمل ولتكسب رزقها بيدها وبلادنا - ولله الحمد - من أغنى دول العالم وهي سوق اقتصادي كبير قادر على استيعاب ملايين العاملين فيه.
أشعر بالحزن والألم حينما أشاهد تلك الجموع الكبيرة من السيدات السعوديات وهن يقفن أمام بوابات الجمعيات الخيرية على أمل الحصول على صدقة في ظل علمنا جميعاً أن المجتمع قادر على تقديم ما يكفي هؤلاء النسوة عناء البحث عن صدقة.
بلادنا قادرة على إيجاد فرص وظيفية للمرأة السعودية فهناك الكثير والكثير من المجالات التي من شأنها أن تؤمن العمل للمرأة وفي نفس الوقت تكون طبيعة هذا العمل متوافقة مع تعاليم ديننا الإسلامي والذي جاء بالخير والتيسير على جميع البشر.
الموضوع مهم وحساس جداً ويحتاج إلى نظرة صادقة وجادة وإلى قرارات حاسمة وقوية من شأنها إنصاف المرأة وإعطاؤها حقها في العمل والذي تحتاج إليه أكثر من حاجتها إلى صدقة تأتيها من شخص لا تعرفه ولكنها تعرف أن من يتصدق عليها اليوم قد لا يتمكن من التصدق عليها في المستقبل.
لا يجب أن تكون الجمعيات الخيرية هي قدر المرأة السعودية والتي في وطن يستطيع ساسته وأفراده وفي وقت قصير توفير آلاف فرص العمل للمرأة السعودية من خلال قرارات وأنظمة جادة وصارمة تلجم أفواه المتشددين والذين أرى أنهم يتجنون على ديننا الإسلامي والذي أضحى أمامنا أنه هو سبب انتشار البطالة بين فتياتنا ووالله إنه من هذه التهمة براء.
fauz11@hotmail.com