«الجزيرة» - سلطان الجعيثن
اختتم المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي أمس أعماله بعد أن استمر لمدة ثلاثة أيام عقدت خلالها أربع جلسات وورشتي عمل تناولت العديد من المحاور التي أكدت على الأبعاد الثقافية في تعزيز الاحترام بين الأديان.
وقد بدأ الحفل الختامي الذي قدمه سعادة السفير د. جميل بن محمود مرداد بكلمة ألقاها البروفسور يوزو ايتاجاكي قال فيها: بادئ ذي بدء ونيابة عن جميع المشاركين من الجانب الياباني أتقدم بالشكر والعرفان والتقدير للقائمين على هذا المنتدى من وزارة الخارجية السعودية ومعهد الدراسات الدبلوماسية، فقد كانت ضيافتهم لنا رائعة وامتاز المنتدى بكمال الإعداد والترتيب.
بالأمس استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز المشاركين في هذا المنتدى، وكان اللقاء مثمراً ومميزاً فقد دعمنا وشجعنا بقدر كبير بحماس خادم الحرمين الشريفين وبعد نظره، وقد تعزز الأثر الاجتماعي لهذا الحوار وهذا المنتدى بدعم خادم الحرمين الشريفين وحسن ضيافته لنا.
أذكر أنني كنت ضمن المشاركين في مهرجان الجنادرية عام 2000م، وفي تلك السنة كان مهرجان الجنادرية يعقد برنامجاً خاصاً حول الإسلام في آسيا على أساس المبادرة التي قدمها خادم الحرمين الشريفين حين كان ولياً للعهد آنذاك. وكانت المبادرة تتعلق بالتوجه نحو الشرق. وبعد المهرجان نقلت هذه الرسالة والمبادرة إلى وزير الخارجة الياباني الذي بادر بتكوين فريق بحث خاص لعمل دراسة حول الحضارة الإسلامية، وما أن انتهت الدراسة حتى قام الوزير كونو بزيارة لمنطقة الخليج عام 2001م، ومن خلال تلك الرحلة أطلقت مبادرة كونو للحوار بين العالم الإسلامي واليابان، وعليه إني أشعر بأن هذا المنتدى للحوار انطلق من الجنادرية، وإني أقدر هذا الحدث باعتباره حدثاً تاريخياً، ووفقاً للمقترح قامت الحكومة البحرينية بالاستجابة، وعقدت الاجتماع الأول في بالحرين سنة 2002م، ومنذ ذلك التاريخ يعقد المنتدى بشكل سنوي، واستمر الحوار يتقدم بشكل ثابت، إلا أن الأزمات العالمية ظلت تتفاقم على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وأصبحت الهيمنة الأمريكية بارزة، وإني لعلى قناعة بأن حوارنا بين اليابان والعالم الإسلامي دخل مرحلة جديدة لمعالجة مهام لم يسبق لها مثيل في عهد جديد يتحقق في عالم جديد.
ونحن بصفتنا مفكرين تكون مهمتنا في معالجة هذه المهام للتصدي للعالم المتغير. وبهذا الصدد فمنتدى حوارنا الثقافي هذه المرة مثل منعطفاً بفضل المبادرة التي قدمها المنظمون بوضع محاور المنتدى التي جاءت ملائمة لما يحتاجه الحوار الثقافي بين اليابان والعالم الإسلامي في هذه المرحلة. ومن خلال المناقشات تمكنا من تجديد تأكيدنا ثقافة الحوار متأصلة في الدين الإسلامي.
إن جوهر موقف الشعوب المسلمة أن تعزز الحوار بين أتباع الأديان والحضارات. وفي الوقت نفسه أكدنا أن الحضارة اليابانية هي هجين ذكي بين حضارات البشرية بما فيها الحضارة الإسلامية.
عليه فإن الحضارة اليابانية قابلة للتأقلم مع الحضارة الإسلامية إلى حد كبير، وإن تعاوننا في المستقبل ليس حتمياً فحسب بطريقة منطقية لكنه كذلك إلزامي، وله أهمية لكل من الجانبين، وقد تجلى ذلك من خلال فعاليات هذا المنتدى، وأنا شخصياً ظللت أدرك تماماً أهمية النقد الذاتي والحوار.
إن الحوار مع النقد الذاتي سيمكننا من الدخول في مجالات جديدة للتعاون والمساهمة بتكوين نموذج جديد للسلم والوئام لمستقبل البشرية.
وفي الختام أجدد شكري لكل القائمين على هذا المنتدى وسأبقى مقدراً لكل من ساهم في هذا النجاح الكبير من خلال التنظيم والدعم والمشاركة.
شكراً جزيلاً، وأملي أن نلتقي في منتديات قادمة تعزز حوارنا الثقافي.
بعد ذلك ألقى سمو الأمير د. تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف الكلمة الختامية للمؤتمر، قال فيها:
(أصحاب السعادة
أيها الإخوة والأخوات
أيها الحفل الكريم
في بداية كلمتي الختامية لهذا المنتدى الذي تابعت بكل اهتمام مداولاته وأعماله التي تؤكد أن استمرارية وفعالية مثل هذه المنتديات التي تقوم على دعم القيم والمبادئ الإنسانية من شأنها أن توجد الأرضية الصلبة لتحقيق الحوار والتواصل بين الحضارات والشعوب.
ويأتي لقاء المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي في الرياض، في غمرة تحديات كبيرة تواجه المجتمعات البشرية، وذلك في ظل انتشار مفهوم الإقصاء والتحيز الثقافي والحضاري، نتيجة الأحكام المسبقة على الثقافات والحضارات والأديان الأخرى.
ولا يفوتني في هذا السياق إلا أن أشيد بفكرة المنتدى التي طرحها الجانب الياباني بهدف التقارب والتعاون وخلق جسور من التفاهم والتواصل بين الحضارات المختلفة.