كنت في دعوة نبيلة للكويت للمشاركة في مهرجان (ربيع الشعر العربي) الذي أقامته كعادتها السنوية مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، وقد أُقيم هذا المهرجان الذي دُعي إليه باقة من شعراء الوطن العربي.
ولأنني (لربما) أعرف الكويت أكثر من الآخرين، ولربما - أحياناً - أكثر من بعض أبنائها، ولأن هذا البلد الذي عشت فيه طويلاً وأكن له كل الحب والوداد - أثناء زيارتي - كان يمر بتحول جديد وعابر لطالما أجتاز مثله بكل اقتدار بفضل تكاتف شعبه والتفافه حول قناعاته الراسخة كان لا بد لي أن أحييه فكتبت له هذه القصيدة.
أغنية للكويت
لا تفرحوا:
يا أيها الحسادُ والأوغادُ
فهذه الكويتُ
أعرفها منذ لها أتيت
وكنت طفلاً يافعاً
لطالما لعبتُ في ترابها
وعشتُ في رحابها
لاعبتُها
داعبتُها، شاغبتُها، لحقتُها، أمسكتُها، عضّتني، ضربتُها، انفلتتْ
وخلفها جريتُ..
* * *
وفي مراحل المراهقةِ
غازلتُها، قابلتُها، واعدتُها، خاتلتُها، بادلتها الرسائل الرقيقة المنمقة
وكنا مثل أيِّ عاشقٍ وعاشقة
نحبُّ بعضنا..
وطالما بنارِها اكتويتُ..
قلتُ بها قصائد الغزل
شاركتها: الجدَّ والهزل
وطالما أمام بابها مشيت
أرشقها بالورد
ترشقني بالصدِّ
لكنه التمنّع اللذيذ
لأنها تكنُّ لي الودَّ، مزهوة وواثقة
وطالما من أجلها بكيتُ..
* * *
كم حاول العُذال والأعداء
أن يحبكوا ما بنينا المؤامرة
لكنها بوعيها الجميلِ
وقلبها النبيلِ
تبقى بعيني طاهرة
* * *
قاسمتها الولاء والبكاء والغناء
وكم لها ضحيّتُ
فلتسمعوا يا أيها الحساد والأوغادُ
فالكويت
ليست إذن دراهماً
أو خيمةً
أو حجلاً
أو بئر زيتٍ
يا صائدين - عبر اعتكارِ الماءِ، الفرص العمياء
فالكويت
يا حاملين الكازِ والكبريت
في الظلماءِ
لن تفلحوا: أن تشعلوا الحرائق الهوجاء
بوجهها الوضاء
لأنّها تعلمت تجاوز المحن
من محنةٍ لمحنة
فشعبها من شيعةٍ وسنة
ونهجها دستورها الذي خطته في الحياة
علمها أن ترخي الأعنّه
وتنطلق لتكمل الطريق
بدون أيِّ منة
فلتتركوا الكويت، تعيش مطمئنة
لأنها هي شعلة الضياء
للأجيال في الأمة العمياء
والشاكلة المسنة، فلنترك الكويت تعيش مطمئنة